ومن المرتقب أن تكون هذه المدينة التي ستشهد منطقة المهدية ميلادها بعد سبع سنوات من الآن، مدينة من الطراز الحديث، وواحدة من المدن العالمية التي توصف ب " مدن المستقبل " لكونها خالية تماما من انبعاثات الكربون ولا تستعمل فيها إلا الطاقات النظيفة والمتجددة.
و من أجل سد حاجياتها من الطاقة، لن تكون هذه المدينة في حاجة ألى أية مصادر خارجية، حيث سيكون لها اكتفاء ذاتي من الطاقة التي ستكون نظيفة ومتجددة يتم إنتاجها من مصادر طبيعية هي الشمس والرياح وأمواج البحر ، تساعد على ذلك تصاميم بيئية للمباني تراعي اتجاه الشمس والرياح .
وبحسب المهندس المعماري محمد درويش، المصمم الرئيسي للمشروع ، فإن المدينة ستقام على امتداد ثمانية كيلومترات على شاطئ المهدية ،وعلى مساحة 400 هكتار. ولن تغطي المباني في المشروع كله سوى 25 في المائة من الأرض فيما ال75 الباقية كلها مساحة ومناطق مفتوحة بمعايير بيئية .
وسيضم المشروع مدينة طبية تتوفر على مستشفى من أعلى مستوى، وعلى مرافق وتجهيزات خاصة بالسياحة العلاجية، وجامعة طبية ومركز أبحاث طبي وحي جامعي لإقامة الطلبة .
كما ستضم المدينة ملعبا للغولف على مساحة 50 هكتارا و400 فيلا ، فضلا عن مرافق سياحية وترفيهية، ومركز تجاري ضخم ، ومركز للمؤتمرات يتسع لألفي شخص ومساحات خضراء مفتوحة ، وكورنيش على مسافة كيلومترين تقام على امتداده محلات ومطاعم ومرافق ترفيهية، ونافورة راقصة ،وميناء دوليا .
ويتكون جزء آخر من مشروع هذه المدينة التي تعرض مجسمات مصغرة منها في " المنطقة الخضراء " بموقع " باب إيغلي " ، حيث تجري فعاليات مؤتمر الأطراف الموقعة على اتفاقية باريس حول المناخ " كوب 22 "، من فنادق من صنف خمسة نجوم على البحر ومؤسسة تعليمية من مستوى عال.
وينسجم مشروع إنجاز هذه المدينة البيئة المستدامة والتزام المغرب الدولي باعتماد مدن مسستدامة، وقراره بخوض غمار انتاج الطاقات المتجددة التي هي طاقة المستقبل ، لضمان حاجياته منها ، أخذا بالاعتبار أن المشاريع التي تعتمد الطاقة المتجددة هي مشاريع غير مكلفة على المدى الطويل .
وأكد المدير التنفيذي للمجموعة الاستثمارية الدولية المغربية الامارتية التي ستولى إنجاز المشروع ،بركات علي الشنابلة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا المشروع هو مساهمة من مستثمرين عرب في تحقيق التزام المغرب، وقال "عندما التزم المغرب أمام دول العالم باعتماد مدن مستدامة وجدنا في رؤية جلالة الملك نبراسا لنا كمستثمرين عرب للمساهمة في تحقيق هذا الالتزام بإنجاز هذا المشروع البيئي المتكامل".
وأضاف أن سببين أساسيين حفزا المجموعة "للاستثمار في المشروع ورصد 2،5 مليار دولار، وهما الأمن والأمان الموجودان في المغرب والقيادة الرشيدة لجلالة الملك".
وفي نفس السياق، قال بركات علي الشنابلة، إن المغرب باحتضانه مؤتمر "كوب 22 " اضطلع نيابة عن الأمة العربية وعن القارة الإفريقية بمهمة السهر على تنفيذ وتفعيل القرارت التي اتخذت في مؤتمر "كوب 21" بباريس، وقال "إننا نحيي جهود صاحب الجلالة الملك محمد السادس في هذا الموضوع ".
وأفادت شروحات قدمها المدير التنفيذي للمجموعة الاستثمارية الدولية المغربية الامارتية، بأن هذه المدينة التي توجد بجوار محمية "سيدي بوغابة "التي هى مستقر لحوالي 350 نوعا من الطيور المهاجرة سيتوفر فيها شرطان أساسيان ، الشرط الأول وهو من أهداف مؤتمر المناخ " كوب 22"، يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال المقبلة ، حيث يتم اللجوء إلى تحلية مياه البحر للسقي والشرب في المدينة واستخدام مزارع الرياح والشمس لاستخراج الطاقة. أما الشرط الثاني فهو أنها ستكون "مدينة بيئية مستدامة"، حيث سيتم إنشاء مصنع لتدوير وإعادة تدوير النفايات ومياه الصرف الصحي لإعادة استعمالها في استخدمات أخرى بدل إلقائها في البحر .
وقال إن المواد الصلبة ستستعمل بعد تدويرها كسماد طبيعي للنباتات، والمياه المستعملة وغير الصالحة للشرب كما ستستخدم لسقي المساحات الخضراء وأرضية ملعب الغولف وغيرها. كما أن المباني بهذا المشروع النموذجي ستعتمد بالكامل على الطاقة الشمسية ،وسيم إنشاء خط للميترو على مسافة أربعة كيلومترات يعتمد تشغيله على استعمال الطاقة الكهربائية المتجددة ،فضلا عن حافلات للنقل العمومية تعمل هي الأخرى بالطاقة النظيفة.
وستقام بمياه بحر المهدية مزارع للرياح الناجمة عن الأمواج لإنتاج الطاقة الكهربائية، ستساهم في تغذية المهدية بالطاقة، كما تساهم في تغذية كل من القنيطرة والمهدية بالطاقة.
وقال من جهة أخرى، إن المدينة الطبية بهذا المشروع ستضم جامعة أمريكية مغربية طبية متخصصة تكون الأولية في الانتساب إليها للطلبة المغاربة ، حيث أن 25 في المائة من مقاعد الجامعة ستخصص بالمجان للطلبة المتفوقين علميا والمعوزين ماليا، وإدارة الجامعة ستسند في المستقبل للمغاربة . كما تضم الجامعة مركز أبحاث متخصص.
وأضاف أنه فضلا عن مركز للمؤتمرات ، ستضم المدينة مسجدا يتسع ل5 آلاف مصلي ، ومركزا للمال والأعمال من مستوى عال يليق بالمغرب الذي أصبح يستقطب شركات عالمية .
ويتضمن المشروع كذلك بناء برج من عشر طبقات عند مسافة كليلومتر واحد ونصف بداخل البحر يربطه رصيف بالشاطئ ، وتكون الطاقة الشمسية هي مصدر الإنارة فيه وبحانبه مرفأ لرسو السفن و"مارينا".
وخلص إلى أنه تم إرجاء الاعلان عن مشروع هذه المدينة البيئة المستدامة ليتزامن مع انعقاد مؤتمر " كوب 22 " معربا عن امتنانه للحكومة المغربية على التسهيلات التي تقدمها من أجل إنجاز المشروع.