حزب الاستقلال أعلن رسميا فك ارتباطه مع حزب الأصالة والمعاصرة، ووضع مسافة واضحة معه وأعلن اصطفافه إلى جانب «المعارضة الوطنية الديمقراطية» في إشارة إلى النشأة الملتبسة لحزب الأصالة والمعاصرة، وهي الإشارة التي التقطهاعبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بسرعة ورد التحية بأحسن منها حينما هنأ الأمين العام لحزب الاستقلال على موقفه الأخير، وأثنى عليه باعتباره حزبا عريقا، فاتحا بذلك إمكانية الدخول في علاقة جديدة مع حزب علال الفاسي في المستقبل..
حميد شباط الذي خاض معركة ضروسا داخل هيئته من أجل تثبيت زعامته على الحزب، نجح في تحقيق مصالحة داخلية في وقت دقيق مع تيار «بلا هوادة للدفاع عن الثوابت» وهو التيار الذي يقوده نجل الراحل علال الفاسي منذ تداعيات المؤتمر الوطني الأخير، «انشق» عن الحزب بعد خلافات سياسية كبيرة بسبب طعنه في نتائج المؤتمر وبسبب تحفظات جوهرية على الانسحاب المفاجئ للاستقلال من حكومة العدالة والتنمية..
امحمد بوستة الأمين العام الأسبق للحزب بعد علال الفاسي، اعتبر في لقاء المصالحة بأن خروج الاستقلال من حكومة بنكيران كان خطأ كبيرا، وهو ما يعترف به جميع الاستقلاليين في مجالسهم الخاصة..
حزب آخر، ينتظر أن يعرف تغييرات في خطابه السياسي وفي مواقفه التي أطرت هذه المرحلة، ويتعلق الأمر بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي فقد الكثير من توهجه السياسي في الآونة الأخيرة..
فبغض النظر عن الأخطاء التي وقع فيها الاتحاد الاشتراكي كأي تجمع بشري يمارس السياسة باعتبارها عملا نسبيا لا وجود فيها للكمال، ينبغي الاعتراف بأن حزب المهدي وعمر وَعَبد الرحيم وَعَبد الرحمن قام بأدوار تاريخية من موقع المعارضة ومن موقع التدبير أيضا..لفائدة المغرب و لفائدة الديمقراطية..
نعم، ليس من السهل أن يقضي الحزب في السلطة 15 سنة، ويبقى بنفس التوهج والعطاء، ومع ذلك فإني أعتقد بأن الأقدار جرت بشكل جعل الحزب يخطئ بعض المواعيد السياسية الكبرى: لقد أخطأ الإتحاد في تزكية الحكومة في نسختها التي لم تحترم المنهجية الديمقراطية كما أنه عندما إختار المعارضة في أول حكومة لدستور 2011 لم يساعده كثيراً..
ومع ذلك لا يمكن إنكار الدور الذي قام به الاتحاد منذ الاستقلال..
لقد اختار الحزب الدخول إلى حكومة إدريس جطو رغم تحفظه على عدم احترام المنهجية الديمقراطية آنذاك، واختار الحزب عدم الدخول إلى حكومة عبد الإله بنكيران ليس لأسباب إيديولوجية أو فكرية، ولكن لأسباب فسرها باحترام المنهجية الديمقراطية واحترام أصوات الناخبين الذين بوأوا حزب العدالة والتنمية الرتبة الأولى!!
نعم لقد بوّأ المواطنون الرتبة الأولى للعدالة والتنمية في انتخابات 2011، لكن لم يبوؤوه الأغلبية المطلقة وكان من الضروري أن يلجأ إلى بناء تحالفات..
لقد اختار الاتحاد الاصطفاف إلى جانب «الوافد الجديد» في خطوة إلى الوراء من أجل خطوتين إلى الأمام، ظهر بأنها كلفته الكثير سياسيا وانتخابيا..
المغاربة اليوم، والطبقة السياسية التي تناضل من أجل الديمقراطية، مطالبون باحتضان هذا الحزب العريق على قاعدة العرفان والاعتراف بالدور التاريخي للاتحاد..من أجل مستقبل الديمقراطية في البلد.
في محطات سياسية دقيقة لابد من الخوض في مستلزمات البناء الديمقراطي بعيدا عن الحزبيات الضيقة.
البلاد بحاجة إلى أحزاب سياسية حقيقية خرجت من رحم الشعب، يعرفها المواطن وتعرفه، جربت المعارضة كما المشاركة في الحكم، تمتلك أطروحة سياسية واضحة وتنهل من مذهبيات فكرية متعددة و واضحة.
ينبغي القول بأن حزب القوات الشعبية ترك فراغا سياسيا جديا في الساحة، لم تستطع بعض أحزاب المعارضة الاصطناعية أن تملأه..