يوجه رئيس الحكومة خطابه إلى وزير التربية الوطنية في حكومته قائلا: "إنني رئيس الحكومة الذي اختارني الملك ولو كنت من ستقرر بنفسك لكان الملك قد اختارك أنت عوض اختياري"، وهو كلام أشبه بالعنتريات التي لا تهدف إلى أكثر من الضحك على أذقان البسطاء من الناس، فبنكيران هو أول من يعلم بأنّ الملك هو من عيّن وزير التربية الوطنية واختاره وكلفه بمهام لا يعرفها بنكيران ولم تتمّ استشارته فيها، كما أن بنكيران يعلم كذلك بأن الملك لم يختر بنكيران لذاته، بل فقط عينه رئيسا للحكومة لأن حزبه حصل على الأغلبية في الانتخابات كما ينصّ على ذلك الدستور، يعني هذا أن بنكيران لو كان قصده الدفاع عن نفسه أمام وزير التربية الوطنية لوجه إليه الكلام على الشكل التالي:" إذا كنت أنت قد اختارك الملك فأنا قد انتخبني الشعب"، لكن كلاما كهذا من شأنه أن ينتهي ببنكيران إلى نفس النهاية المأساوية التي عرفها اليوسفي سنة 2002، حيث لا يتعدى الوزن السياسي لحزب بنكيران في المجتمع ثلاثة في المائة، وما حصل عليه لا يعدو أن يكون أغلبية انتخابية ضئيلة إذا أخذنا بعين الاعتبار كل العوامل المحيطة، وهو ما يجعله قاصرا عن ضرب الطاولة بقبضته أمام الملك، الذي يظل في كل الواجهات ممسكا بكل الخيوط تاركا وراءه بقية الفاعلين السياسيين مثل ظلال متحركة (متحركة بغيرها لا بذاتها).
يعلم بنكيران أن ما تقرره الهيئات العليا سيصير ساري المفعول شاء رئيس الحكومة وحزبه أم أبيا، وعوض أن يُنفذ صاغرا السياسة التي تقرَّر خارج حكومته يفضل "السلة بلا عنب"، أي ممارسة العنترية التي قد تمكنه من ربح بعض الأصوات في الانتخابات القادمة، والحفاظ على كرسيه مع بعض أعضاء جماعته، وذلك أضعف الإيمان: ممارسة السخرة الإدارية عوض التواجد خارج خشبة المسرح.
اللعبة التي يلعبها بنكيران ليست نظيفة ولا هي لعبة شرفاء، لأنها مبنية على مخادعة المواطنين وإيهامهم بخلاف الواقع الذي يتخبط فيه، لكنه مثل أي سياسي براغماتي وماكيافيلي، يهمّه قبل كل شيء الحفاظ على مقعده، واعتماد سياسة السنجاب في المثل الأمازيغي القائل " حتى عندما يحترق السنجاب يظل رافعا رأسه "، لكن الفرق بين السنجاب وبنكيران أن هذا الأخير لا يقبل الواقع، وإن كان منقوعا فيه حتى العنق، فيصحّ فيه قول أحد حكماء فرنسا: "أن تحكم هو أن تكون منقوعا في الفضلات حتى العنق Gouverner c’est être dans la merde jusqu’au coup ".