المتابعات الصحافية نفسها ألمحت إلى أنه في هذه الحالة قد يتم اللجوء إلى المسطرة البرلمانية «المختصرة»، والتي ينص عليها الفصل 174 من الدستور، التي تسمح بإمكانية إقرار البرلمان – وحده ودون استفتاء شعبي- مشروع مراجعة دستورية، بدعوة من الملك، وبعد استشارة رئيس المحكمة الدستورية، وذلك في اجتماع مشترك لمجلسيه، وبأغلبية موصوفة هي ثلثي أعضائه.
والواقع أن هذه المسطرة قد أثارت كثيرا من النقاش الفقهي الذي فتحته أستاذتنا الدكتورة رقية المصدق، التي اعتبرت هذه المسطرة المختصرة إحدى مفاجآت دستور 2011، التي رسخت الصلاحيات الملكية في مجال السلطة التأسيسية الفرعية. فيما كان قد أبدى الصديق والأستاذ محمد الساسي، تخوفاته من إمكانية تضييق هذه المسطرة لمجال الحوار العمومي في مسألة حيوية كتعديل الدستور.
باحثون آخرون وقفوا على إشكالية الصياغة المعيبة – على مستوى التبويب – لهذا الفصل، والذي يشوش على فكرته الرئيسة، وجود الفقرتين الأولى والثانية اللتين كان يجب أن يختتم بهما الفصل 173.
الواقع أن الاتجاه نحو تعديل الدستور بالطريقة البرلمانية لزيادة أعضاء مجلس المستشارين، مسألة تطرح داخل الأحزاب والنخب البرلمانية منذ إقرار دستور 2011، ولاشك أنها تستحق بعض النقاش.
فعلى عكس دستور 1996، الذي لم يحدد عدد أعضاء مجلس المستشارين، تاركا ذلك للقانون، كما جرت العادة بالنسبة إلى أعضاء مجلس النواب الذين سكتت الوثيقة الدستورية عن تحديد عددهم تاركة الأمر للقانون التنظيمي، فإن دستور 2011، في فصله 63، أقرّ أن مجلس المستشارين يتكون من 90 عضوا على الأقل، و120 على الأكثر. ولذلك عندما صدر القانون التنظيمي لانتخاب أعضاء مجلس المستشارين اختار الحد الأقصى الممثل في 120 عضوا.
طبعا نحن لا نتوفر على الأعمال التحضيرية للدستور، والتي كان يمكن أن توضح لنا قصد المشرع التأسيسي من أن يضع حدا أقصى لأعضاء مجلس المستشارين، دون أن يفعل الأمر نفسه بالنسبة إلى مجلس النواب، لكننا في المقابل يمكننا أن نستشف من روح الدستور ونصوصه غاياته من هذه المسألة.
ونعتقد أن هذا التحديد يندرج في إطار السعي نحو إعادة بناء علاقات جديدة بين مجلسي البرلمان في اتجاه تعزيز أولوية مجلس النواب، وتجاوز الوضعية – غير المفهومة – للتوازن التقريبي للصلاحيات بين المجلس الذي يمثل الاقتراع العام، والمجلس الذي يعبر عن الخريطة الترابية والسوسيوــ مهنية.
لذلك، لا نعتقد، أنه من الملائم تعديل الدستور للتجاوب مع مطالب حزبية منطلقة من هاجس تدبير الطلب الداخلي لما يمكن أن أسميه «التنخيب البرلماني» !
ولا نعرف، في النهاية، من سيتكفل بتحمل المسؤولية السياسية لأن يطلب من الملك تفعيل صلاحيته الحصرية في إقرار المسطرة التعديلية المختصرة، لزيادة عدد أعضاء مجلس للمستشارين، والذي لا يزال يثير النقاش حول وظائفه السياسية، وإشكاليات «النزاهة» المتعلقة باعتماد نمط اقتراع غير مباشر في انتخاب أعضائه.