المواطنة التي تعني في الأصل المساواة أمام القانون، بغض النظر عن أي تمييز مبني على الأصل الاجتماعي أو العائلي أو الاقتصادي أو الديني أو اللغوي أو الجنسي.
في الواقع القرار، كذلك، صفعة لعصابات مختصة في بيع «بطاقات زيارة» مزورة، أو «ملصقات صغيرة» توضع في الزجاج الأمامي للسيارات، على أساس أن مالك السيارة «شريف» وهمي، يجب أن يُعامل بما يلزم من توقير واحترام.
من ناحية التوقيت، فإن القرار يعتبر بالتأكيد «نصف جواب» حكومي على مطلب بعض النواب بإلغاء الأسماء العائلية «الشريفة».
إذ كان الراحل أحمد الزايدي، والنائب عبد الهادي خيرات، قد تقدما في يناير 2013، بمقترح قانون يرمي إلى تعديل المادة 20 من القانون رقم 37.99 المتعلق بالحالة المدنية، التي تنص في فقرتها على أنه «إذا كان الاسم العائلي اسما شريفا وجب إثباته بشهادة يسلمها نقيب الشرفاء المختص، أو شهادة عدلية لفيفية إذا لم يوجد للشرفاء المنتمي إليهم طالب الاسم نقيب».
المقترح اعتبر أن هذا المقتضى لا ينسجم مع السياق المغربي الجديد، خاصة أن الدستور جعل من الإنصاف والمساواة وحماية الفرد وكفالة حقوقه وتكافؤ الفرص، مبادئ أساسية ومُؤسِّسة للكيان المغربي، هذا فضلا على أن التمييز بين المغاربة على أساس النسب يسير على النقيض من المبادئ الكونية لحقوق الإنسان.
وبعدما صوّت نواب الأغلبية ضد المقترح بلجنة الداخلية في مجلس النواب، وتمت إحالته للجلسة العامة قصد البت، ستطلب فرق الأغلبية إرجاء النظر فيه وإعادته للجنة.
الواقع أن التعلل – غير الرسمي – للأغلبية النيابية، بحساسية الموضوع السياسية وبالحرج الذي يطرحه هذا الاقتراح، يبقى نسبيا.
أجل، لقد استندت الدولة في وقت سابق على عنصر مشروعية النسب الشريف، لضمان حضور سياسي وديني أقوى داخل المجتمع، لكن مياها كثيرة جرت تحت جسر مشروعية السلطة، بين مغرب الأمس ومغرب اليوم.
يجب ألا ننسى أن الملك تقدم عام 2011، بشكل إرادي للجنة المراجعة الدستورية قصد سحب صفة القداسة عن شخصه، وهكذا تم تعويض صيغة [شخص الملك مقدس] بكل دلالاتها في هذا الباب، بالتنصيص على أن [شخص الملك لا تنتهك حرمته، وللملك واجب التوقير والاحترام].
وفي سياق ذلك، سحبت اللغة الدستورية من الظهائر الملكية صفة التشريف، إذ عكس الدساتير السابقة التي تتحدث عن [الظهير الشريف ]، يستعمل دستور 2011، فقط، صيغة [الظهير].
أكثر من ذلك، قبل سنتين، وخلال مناقشة القانون التنظيمي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بلجنة العدل والتشريع، في مجلس النواب، كانت الحكومة ممثلة في السيد وزير الشؤون العامة والحكامة السابق، قد قبلت تعديلاً للفريق الاشتراكي يرمي إلى إلغاء مصطلح ظهير شريف الوارد في مشروع القانون وتعويضه فقط، بكلمة «ظهير».
لا يمكن أن نقبل اليوم في المغرب، بمواطنة امتيازية، على أساس النسب والعائلة. الحداثة هي كذلك أن نؤمن بالقانون والمساواة والمواطنة، وعندما نفعل ذلك، يصعب أن نُلائم بين هذه القيم وبين ثقافة «سيدي» و«مولاي» و«الشرفا» و«ظهائر التوقير»!