والجديد هذه المرة هو انتقال كريس كولمان، الذي لا يزال لحد الساعة يشكل لغزا، لم تستطع المخابرات المغربية فكه بعد، من تسريب ما يعتبره وثائق ديبلوماسية مغربية، إلى تسريب الرسائل البريدية الخاصة بوزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، صلاح الدين مزوار، كان آخرها رسالة بينه وبين مستشاره الإعلامي رشيد باحة.
ولا تزال الحكومة المغربية تلتزم الصمت تجاه هذه التسريبات المزعومة، إذ لم تنف أو تؤكد صحة هذه الوثائق لحد الساعة.
ودفعت هذه التسريبات مسؤولي وزارة الخارجية المغربية إلى إعادة النظر في نشاطها المعلوماتي، واستخدام أطرها للبريد الإلكتروني، والبحث عن تأمين أكبر لوثائقها الدبلوماسية، عبر إعلانها عن فتح طلبات عروض (صفقة أمام الشركات المتنافسة) بخصوص تكوين أطر وموظفي الوزارة في تدبير وتأمين الأنظمة والشبكات المعلوماتية، وكذا إعداد وإنتاج مقاطع فيديو تعليمية، بالإضافة إلى تطوير منصة معلوماتية لاستيعاب مقاطع الفيديو لفائدة الوزارة.
واعتبرت عدة صحف ومواقع مغربية أن هذه الخطوة محاولة من وزارة الخارجية تأمين وثائقها السرية، وتحديث أنظمتها المعلوماتية، لاسيما بعد أن أكد "كريس كولمان 24″، في وقت سابق، أن الهدف من وراء نشره هذه الوثائق "إحراج الدبلوماسية المغربية ".
وقال أمين الشراعي، الباحث الأمني والخبير الاستشاري في تقنيات الإنترنت، لوكالة لأناضول، إن "هذه الخطوة كانت متوقعة من قبل، إلا أنها غير كافية" مضيفا أن "التدريب هو الجزء البسيط من الحل".
وأضاف أن الأهم من ذلك هو " الشروع في بناء وتطوير وحدات التخزين المركزية، والخوادم الافتراضية داخل المغرب، وتأمينها من طرف خبراء مغاربة، بالإضافة إلى سن قانون يجبر مواقع الأنترنت التابعة للدولة بتخزين وثائقها بخوادم تتواجد داخل المغرب، من أجل مواجهة أي احتمال لتسريبها مستقبلا".
ومن جانب آخر لمس العديد من نشطاء المواقع الاجتماعية في المغرب، التغيير الذي عرفته سياسة وزارة الخارجية في التعامل مع الشبكات الاجتماعية، وذلك عبر اهتمامها الكبير في الترويج للدورة الخامسة للقمة العالمية لريادة الأعمال عبر موقعي التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر".
إذ خرج كريم مدرك، مدير الدبلوماسية العامة والفاعلين غير الحكوميين بوزارة الشؤون الخارجية المغربية، لأول مرة ليعلن عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، عن نجاح الوزارة في الترويج للحدث العالمي.
وأطلق الرئيس الأمريكي باراك أوباما عام 2009 مؤتمر القمة العالمي لريادة الأعمال، بهدف عقد لقاءات ومشاورات بين رجال الأعمال والمستثمرين والمقرضين والمؤسسات البنكية وبعض المتدخلين الآخرين، ولأول مرة احتضن بلد إفريقي القمة من 19 إلى 21 نوفمبر الحالي بمدينة مراكش المغربية.
و قال المسؤول بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية إن أزيد من 22 مليون شخص هم عدد من تابعوا أشغال القمة عبر مواقع الشبكات الاجتماعية، 14 مليون منهم تابعوا الحدث عبر موقع التدوين المصغر "تويتر"، وسبعة مليون عبر موقع "فيسبوك".
وأشار مدرك، عبر تدوينة تضمنت إحصائيات عن مدى شعبية الدورة الخامسة للقمة العالمية لريادة الأعمال، إلى أن 17 ألف تغريدة هي إجمالي التغريديات التي نشرت على موقع "تويتر" ضمن الهاشتاج الرسمي #GES2014.
10 ألاف منها كانت في الفترة ما بين 19 و 21 نونبر، وذلك بالموازاة مع انعقاد القمة بمدينة مراكش، حيت بلغ متوسط التغريدات 170 تغريدة في الساعة الواحدة بمعدل يقترب إلى ثلاثة تغريديات في الدقيقة.
وبخصوص التوجه الجديد لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، الذي نهجته في الترويج للحدث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قال حمزة أندلسي، الخبير في تكنولوجيا الإعلام والاتصال للأناضول إنه "حتى وقت قريب، لم تكن وزارة الخارجية المغربية على دراية بالدور الفعال الذي يمكن أن تلعبه شبكات التواصل الاجتماعي في الترويج لمختلف الأنشطة والفعاليات التي تسهر على تنظيمها".
وأضاف "إن وسائل الإعلام الجديد لها قدرة كبيرة على التأثير وإنشاء قوى مجتمعية جديدة، و خلق فرص للاستثمار أمام رواد الأعمال داخل وخارج أرض الوطن، وذلك عن طريق المعلومات التي تروجها الوزارة في صفحاتها المختلفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي."
وأشار الخبير المغربي في حديث خاص لوكالة الأناضول إلى "أن أدوات الإعلام الاجتماعي قد نجحت في الوقت الراهن في استكشاف شكل جديد للمقاولة بالمغرب، يستثمر اللجوء الكبير للمغاربة للمواقع الاجتماعية، لتقديم خدمات التواصل والتسويق، ويعزز الابتكار بين المؤسسات الحكومية فيما بينها وبين والمواطنين والقطاع الخاص."
وأضاف أندلسي أن هذا النجاح في التواصل عبر المواقع الاجتماعية "جعل وزارة الخارجية المغربية تتواصل وتتفاعل مع مختلف فئات المجتمع من أجل تحسين خدماتها، وكذلك للدمج بين الهويات الحقيقية و الافتراضية للمستخدمين في مجالات الحوكمة، والأعمال، والإندماج الاجتماعي، بهدف إشراك الجمهور في رسم الخطط والبرامج التي تنفذها الوزارة."
يذكر أن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية، تعرضت مؤخرا لحملة من التسريبات طالت وثائق حكومية وُصفت بالسرية، من طرف جهات لا زالت لحد الساعة مجهولة، تطلق على نفسها اسم "كريس كولمان 24".
وكان الحساب قد توعد بنشر ما يزيد عن 37 ألف وثيقة دبلوماسية مغربية نعتها بالسرية والحساسة، أغلبها تخص أسرارا تتعلق بنزاع الصحراء المغربية، وطريقة تدبير المملكة لهذا الملف الشائك، بالإضافة إلى وثائق دبلوماسية أخرى وصفها بالسرية.
وتعود قصة التسريبات إلى بداية الشهر الماضي، بعد قيام شخص مجهول، بفتح حساب على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” وتسريب مجموعة من الوثائق عبره. وكان أهم تلك الوثائق المسربة، وثيقة منسوبة إلى وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، تفيد بأنه طلب من نظيره الفرنسي “لوران فابيوس″، التدخل من أجل إيجاد وظيفة لابنته، إلا أن وزارة الخارجية المغربية سارعت إلى تكذيب الوثيقة.
وبالموازاة مع ذلك، قامت بعض الصحف المغربية باتهام الحساب، باختراق البريد الإلكتروني التابع للوزيرة المنتدبة لدى وزير الخارجية والتعاون “مباركة بوعيدة”، ونشر عدد من الصور الشخصية للوزيرة، إلى جانب عدد من المراسلات “السرية” مع وزراء أجانب. وعلى إثر هذا الحادث، قامت الوزيرة برفع دعوى ضد مجهول بتهمة المس بحياتها الشخصية، للبحث عن المسؤول عن عملية القرصنة.
وفي نفس السياق، فإن من أخطر ما نشره “كريس ولمان 24″، مجموعة من الوثائق السرية تتعلق بمراسلات خاصة حول ملف الصحراء المغربية، بين وزارة الخارجية المغربية ومقر سفارتها لدى الأمم المتحدة وتحمل طابع “سري جدا”.