وفي تحد واضح للحكومة المغربية، يكشف الحساب من خلال هذه التسريبات، أسرارا حول قضية الصحراء، ووثائق دبلوماسية أخرى توصف بالسرية، مهددا بنشر المزيد منها عبر تغريدة مرفقة بصورة لملفات مصنفة بتواريخ تمتد من سنة 2011 إلى 2014.
وتَحمل الملفات، حسب الحساب، أكثر من 37 ألف وثيقة، يقول عنها "هذه ملفات فساد المغرب التي أنوي مشاركتها مع العالم، فاصبروا"، فيما لاتزال الحكومة المغربية تلتزم الصمت تجاه التسريبات، حيث لم تنف أو تؤكد صحة هذه الوثائق حتى الساعة.
وقال أمين الشراعي، الباحث الأمني والخبير الاستشاري في تقنيات الإنترنت، في حديث لوكالة لأناضول، إن "هذه الوثائق السرية ترجع غالبا إلى اختراق هذا الشخص لبريد إلكتروني أو أكثر لمسؤولين مغاربة، ما أدى إلى حصوله عليها".
ويرجح الشراعي، أن "هؤلاء المسؤولين كانوا يستعملون إحدى الخدمات المجانية للبريد الإلكتروني غير المؤمنة، والتي لا يجب استخدامها في إرسال الملفات السرية" على حد قوله.
وأشار إلى أن خدمة البريد الإلكتروني المقدمة من شركة "ياهو" قد تعرضت للاختراق في الأيام القليلة الماضية بسبب ثغرة يطلق عليها "شل شوك"، ما أدى إلى سيطرة بعض المخترقين على مجموعة من خوادم الشركة.
و"شل شوك" هي ثغرة في برنامج يعرف باسم باش، يدير إصدار الأوامر في الكثير من أجهزة الكمبيوتر التي تعمل بنظام تشغيل يونيكس ومن بينها بعض خوادم لينوكس، التي تدير مواقع على الأنترنت وأجهزة أخرى.
ودعا الشراعي، الذي أضيف اسمه مؤخرا إلى "قائمة الشرف" الخاصة بموقع البحث العالمي "جوجل" بعد اكتشافه إحدى الثغرات الخطيرة داخل خدمة البريد الإلكتروني"جي ميل"، والتي تمكن القراصنة من اختراق والتحكم في البريد الإلكتروني، الحكومة المغربية إلى "الاهتمام أكثر بالجانب الأمني الإلكتروني، من خلال تقديم خدمة بريدية مستضافة داخل المغرب، ومؤمنة بأيدي خبراء مغاربة".
وأضاف "بالموازاة، يجب على الحكومة المغربية تنظيم دورات تدريبية مكثفة لجميع المسؤولين المغاربة، لتدريبيهم على الطريقة الأمنية في التعامل مع الملفات السرية، بالإضافة إلى كيفية تشفير هذه الملفات لتجنب سقوطها في أيد غير آمنة".
وتعود قصة التسريبات، حسب صحف مغربية محلية إلى بداية الشهر الجاري، بعد قيام شخص مجهول يلقب نفسه بـ "كريس كولمان"، بفتح حساب على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" وتسريب مجموعة من الوثائق عبره.
وكان أهم تلك الوثائق المسربة، وثيقة منسوبة إلى وزير الخارجية والتعاون المغربي، صلاح الدين مزوار، تفيد بأنه طلب من نظيره الفرنسي "لوران فابيوس"، التدخل من أجل إيجاد وظيفة لابنته، إلا أن وزارة الخارجية المغربية سارعت إلى تكذيب الوثيقة.
وبالموازاة مع ذلك، قامت بعض الصحف المغربية باتهام الحساب، باختراق البريد الإلكتروني التابع للوزيرة المنتدبة لدى وزير الخارجية والتعاون "مباركة بوعيدة"، ونشر عدد من الصور الشخصية للوزيرة، إلى جانب عدد من المراسلات "السرية" مع وزراء أجانب.
وعلى إثر هذا الحادث، قامت الوزيرة برفع دعوى ضد مجهول بتهمة المس بحياتها الشخصية، للبحث عن المسؤول عن عملية القرصنة.
وفي نفس السياق، فإن من أخطر ما نشره "كريس ولمان 24"، مجموعة من الوثائق السرية تتعلق بمراسلات خاصة حول ملف الصحراء المغربية، بين وزارة الخارجية المغربية ومقر سفارتها لدى الأمم المتحدة وتحمل طابع "سري جدا".
وبعد كل هذه التسريبات، ثم إغلاق حساب هذا الشخص "كريس كولمان" على موقع "فيسبوك" لينتقل إلى موقع "تويتر" حاملا معه نفس الاسم، ليعيد صنع الحدث هذا الأسبوع عبر نشر وثائق جديدة أكثر خطورة.
وتوجه الصحافة المغربية أصابع الاتهام في الوقوف خلف هذه التسريبات إلى المخابرات الجزائرية، في حين تستمر الحكومة المغربية التزام الصمت بشأن هذه الملفات المسربة.