إذا كانت حروب داحس و الغبراء قد أشعلتها العقلية الجاهلية لمتحجرة و المنغلقة لقبائل عبس و ذبيان بنجد فإن نفس العقلية المتحجرة للدواعش ترتاع في الأصل من فكر متعصب منغلق يعود في معالمه و سماته المتشنجة و الضاربة في أعماق الفكر الخارجي الغالي إلى نفس المنطقة التي احتضنت بعض أشد المدارس الفكرية غلوا و انغلاقا في العصر الحديث.
داعش سلكت طريقا سيفضي بها إلى الانتحار السريع لأنها تفتقد إلى الحاضنة الشعبية. فلا حاضن لها بين أهل السنة غير سلاحها، ذلك أن أهل السنة تربوا عبر التاريخ في أحضان فكر سماته العليا الاعتدال و الرحمة و حسن الظن ... و من الصعب أن يغير أهل داعش في شهور ما غرسه الدعاة و علماء الأمة في قرون.
فتهجيرهم لنصارى الموصل قد بعث موجة استنكار و استبشاع سرت على طول خارطة بلاد الإسلام و عرضها، و كذا تهديمهم لمعالم و أضرحة الأنبياء و الأولياء لقي استبشاعا و تنديدا. و إسرافهم في قتل أهل السنة أخذا بالظنة قد ألب كل الأمة ضدهم.و قد أدت هذه الأعمال الوحشية و الامسؤولة إلى نتائج كارثية سواء في العراق أو في سوريا.و في قتالهم ضد الشيعة لا يميزون بين رافضي حامل للسلا ح و ملوثة يده بقتل الأبرياء و بين مسالم لم يتورط في حملة التطهير العرقي الذي تديره إيران و عملاؤها مقلدين في ذلك ما يفعله مرتزقة الدولة الصفوية باستهداف كل أهل السنة.
ففي سوريا ساهموا في إفشال الثورة السورية أو على الأقل توهينها بالجراح مقدمين بذلك أعظم خدمة متصورة لإيران و كلابها في المنطقة، و هم من اخترق بعضا من صفوف الدواعش.فبعد ان كانت فوهات بنادق الثوار مصوبة إلى النظام و مرتزقته الطائفيين اللبنانيين و الإيرانيين و العراقيين فإن داعش أرغمتهم على توجيه بنادقهم إلى أفرادها بعد أن أسرفت في المجاهدين قتلا و ذبحا بذريعة الخيانة أو الارتداد أو الانحراف العقائدي.. و حُق لمصاص الدماء بشار أن يستلقي على ظهره ضحكا على غبائهم و فرحا بحبل النجاة الذي ألقوه إليه بعد أن كان في عداد الغرقى.
و في العراق خلقت بأفعالها الرعناء ضد الأقليات تحالفا دوليا ضدها تستغله إيران و عملاؤها الطائفيون لتسريع وتيرة التطهير العرقي ضد أهل السنة تطبيقا لسياسة الهيمنة الفارسية على هذا البلد.
لا يشك متتبع أن داعش هي الوليدة الغير شرعية لحالش ( حزب الله في لبنان و الشام) فقد أسسوا بهمجيتهم الطائفية ضد العزل من أهل السنة لظهور ردة الفعل التي نراها اليوم.
لكن أي مستقبل ينتظر هذا الفكر المتشنج؟ لا أظنه إلا الاضمحلال و الزوال السريع، هذا ما علمنا التاريخ.