ورغم أن هذه الحملة ليست الأولى من نوعها في المغرب، إلا أنها أخذت صيتا كبيرا، وهو ما فسره متتبعون محليون بتزامنها مع الهجوم الإسرائيلي على غزة والتعاطف الكبير والدعم المطلق للمغاربة للقضية الفلسطينية.
ولم تكتف هذه الحملة بتوزيع المنشورات في المدن الرئيسية وتنظيم المحاضرات والمهرجانات من أجل تشجيع المغاربة على مقاطعة منتجات عشرات الشركات العالمية التي تتعامل مع إسرائيل أو تدعمها ماليا أو تنفذ فيها مشاريع لصالح إسرائيل، ويطلقون عليها الشركات "الصهيونية".
وبعد أن ظلت دعوات المقاطعة حاضرة بقوة في أدبيات الحركات الإسلامية بالمغرب، وموجودة على استحياء لدى باقي الهيئات، كان لافتا انضمام جمعيات وهيئات لا تتبع الأيديولوجية الإسلامية إلى هذه الحملة، فقد انضمت نقابات مثل "الاتحاد المغربي للشغل"، أكبر نقابة بالبلاد، إلى جانب جمعيات حقوقية مثل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي تعتبر أكبر منظمة حقوقية غير حكومية بالمغرب.
كما شهدت هذه الحملة، في تطور مثير أيضا، انضمام جمعيات مهنية إليها مثل المحامين والمهندسين، إضافة إلى حركة "بي دي إس" (BDS) في المغرب، التي يقودها الناشط اليهودي المغربي سيون أسيدون.
وتسعى هذه الحملة إلى مقاطعة شاملة لكل الشركات التي ترتبط بعلاقات مع إسرائيل.
وقد تم حصر أسمائها في منشورات يتم ترويجها، منذ نحو أسبوعين، على نطاق واسع، بمواقع التواصل الاجتماعي، خاصة "فيسبوك".
ورغم أن المغرب لا يرتبط، رسميا، بأي علاقات تجارية أو سياسية أو اقتصادية مع إسرائيل، فإن الناشطين الحقوقيين، خاصة الذين يقودون هذه الحملة، يتحدثون عن نشاط شركات إسرائيلية في المغرب وينبهون أيضا إلى دخول منتجات منشأها إسرائيل إلى الأسواق المغربية.
وفي هذا الإطار، وجهت الجمعيات المشاركة بحملة مقاطعة الشركات "الصهيونية"، الأسبوع الماضي، رسالة إلى رئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، طالبته فيها بـ"اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمنع ووقف كل أنشطة شركة "زيم" (ZIM) الصهيونية على مجموع التراب الوطني بما فيه المياه الإقليمية من جهة وكذا إغلاق مكتب ممثلها بالمغرب "زيماج" (ZIMAG) من جهة أخرى"، بحسب الرسالة.
وأكدت الجمعيات في الرسالة، التي حصلت وكالة الأناضول للأنباء على نسخة منها، توفرها "على ما يكفي من المعلومات حول وجود بعض الشركات الإسرائيلية التي تربط علاقات تجارية مع المغرب أو لها تواجد بشكل من الأشكال في بلادنا".
وأوضحت أن "من ضمن هذه الشركات، شركة "زيم" الخاصة بالملاحة التجارية التي تقوم حاوياتها بنقل البضائع عن طريق البحر ما بين موانئ المغرب وموانئ "إسرائيل"، بل أكثر من هذا، لها ممثل بالمغرب وهو شركة "زيماج"، مع العلم أن شركة "زيم" لها تاريخ في مجال تهريب الأسلحة والمعدات الحربية"، وفق الرسالة نفسها.
وشددت على ضرورة مقاطعة هذه الشركات على اعتبار أن "عددا من مكونات المجتمع المدني المغربي تناضل من أجل قطع كل أشكال العلاقات مع إسرائيل"، قبل أن تؤكد أنه "وفي هذه الظرفية التي يتعرض فيها الشعب الفلسطيني لعدوان شنيع وجرائم ضد الإنسانية ترتفع العديد من الأصوات والضمائر الحية في العالم الداعية لمقاطعة إسرائيل".
ولم تتوقف الحملة عند الشركات الإسرائيلية المشتبه بممارستها أنشطة تجارية واقتصادية بالمغرب وكذا الشركات الغربية المتهمة بالتعامل مع إسرائيل ودعمها، بل امتدت أيضا إلى الشركات المغربية التي تتعامل مع هذه الشركات المستهدفة من قلب الحملة.
وشهدت البلاد، خلال الفترة الأخيرة، جدلا كبيرا بشأن شركة محلية متخصصة في صناعة حفاضات الأطفال اتهمت باستيراد المواد الأولية من إسرائيل والتعامل مع شركة "زيم".
غير أن الشركة أكدت أنها لا تجلب المواد الأولية من إسرائيل، بل من أمريكا، غير أنها تأسفت لاكتشافها تعاملها مع شركة نقل للحاويات إسرائيلية، نافية معرفتها بجنسية هذه الشركة، وعممت في هذا الإطار إعلانا على وسائل الإعلام المحلية.
وجاء في هذا الإعلان: "وصلتنا فعلا المواد المستوردة داخل حاوية تحمل علامة "زيم"، واكتشفنا بأسف وأسى عميقين أن شركة "زيم" مالكة للحاوية تابعة للكيان الاسرائيلي".
وتنفي الحكومة المغربية وجود أي علاقات رسمية كيفما كانت مع إسرائيل.
كما تطالب أحزاب وجمعيات ومنظمات حقوقية غير حكومية، الحكومة بالإسراع بسن قانون يجرم التطبيع مع إسرائيل.
يذكر أن الاتصالات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل بدأت عام 1986 في عهد الملك المغربي الراحل الحسن الثاني عندما وجّه دعوة لرئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، شيمون بيريز، لزيارة المغرب.
وفتحت الحكومة المغربية مكاتب اتصال ثنائية مع إسرائيل في التسعينيات من القرن الماضي بعد انطلاق مسيرة السلام الإسرائيلية - الفلسطينية.
إلا أنه جرى إغلاق هذه المكاتب عام 2000 عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية ضد إسرائيل.