فقد بكت سعاد محسن، والدة الأسرة، أكثر من مرة، وهي تستعيد لجريدة "المساء" في عددها لنهار الغد فصول انفجار مروع لقنينة غاز من الحجم الصغير، وكيف "أجهز" الحريق على أطراف مختلفة من جسمها، ثم انتقل إلى أجساد بناتها الثلاث، بعدما حاولن التدخل لإنقاذ حياتها وهي تواجه موتا محققا في المطبخ، في وقت العشاء، قبل أن يتدخل الجيران لإطفاء النيران. الحريق أضر كثيرا بمنزل العائلة، وقضى على عدد من محتوياتها، وشقق جدران البيت، وجعل سقفه يتكبد خسائر فادحة.
ليلة رعب حقيقية انتهت بإعلان حالة استنفار وسط الجيران، حيث تدخل هؤلاء لإخماد الحريق، وإخراج أفراد الأسرة إلى منطقة آمنة، قبل أن تحضر سيارة إسعاف نقلت السيدة وبناتها الثلاث إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الجامعي، ومنه تم التدخل لنقل الأم وابنتها المصابتان بحروق خطيرة إلى المستشفى العسكري محمد الخامس بالرباط، قبل أن تلتحق بهما الشقيقتان الأخريان اللتين أبقيتا في أجنحة مختلفة في المستشفى بفاس. أما أب العائلة، عسكري حصل على تقاعد نسبي، فإنه لم يتأثر بالحريق، لكن محنة أزمته النفسية التي جعلته يواظب على زيارة مستشفى الأمراض النفسية، بتقاعد بالكاد يكفي لاقتناء الأدوية، منذ مدة، انضافت إلى محنة الحريق، لكي تتحول حياة الأسرة بأكملها إلى مأساة.
ظلت الأم وبناتها الثلاث في غرفة الإنعاش لمدة فاقت الشهر، وأخبرت بأن الحروق التي أصيبت بها إضافة إلى ابنتيها وئام الحمومي وسهام الحمومي، مصنفة في خانة "حروق من الدرجة الثالثة"، أما ابتسام، فإن حروقها مصنفة في خانة "حروق من الدرجة الثانية". وأشارت التقارير، إلى أن نيران قنينة الغاز أصابت أجساد هذه الأسرة في أنحاء متفرقة، حيث لم تسلم وجوههن وأيديهن، وظهورهن، وأطرافهن العلوية والسفلية من آثار حريق مرعب حول حياة الأسرة إلى جحيم لا يطاق. ومن أصعب المضاعفات، ما خلفته الحروق في نفسية بنات شابات في مقتبل العمر، كن يطمحن إلى بناء مستقبل زاهر، ويحلمن بمتابعة الدراسة، وبناء الحياة، وهن مقبلات عليها، رغم الوضع الاجتماعي الصعب، فأصبحن منزويات في البيت، يحصين الخسائر في الأجساد، وينظرن بين الفينة والأخرى في المرآة، وهن محبطات، بنفسية متدهورة تعاني من انكسار كبير.