وقالت الوزارة، في البيان الذي وصل مراسل وكالة الأناضول للأنباء نسخة منه، إن "الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، تقدم يومه الأربعاء 21 ماي 2014، بملتمس إلى قاضي التحقيق بالغرفة الرابعة بنفس المحكمة، لإجراء تحقيق في الموضوع قصد التأكد من صحة الوقائع المدعاة وتحديد المسؤولين عنها".
وأوضحت أن هذا القرار يأتي "على إثر ما تضمنه تقرير مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بمناهضة التعذيب، وكذا تقرير منظمة العفو الدولية بشأن حالة السيد علي عراس، وفي إطار تعميق الأبحاث في الشكاية التي كان قد تقدم بها دفاعه بشأن تعرضه للتعذيب".
وكانت منظمة العفو الدولية اعتبرت، في تقرير لها حول التعذيب، أصدرته يوم 13 مايو الجاري، أن علي عراس تعرض للتعذيب في السجون المغربية عام 2010، وذلك بناء على إفادته.
وفي موقعها على شبكة الإنترنت، قالت المنظمة: "في ديسمبر 2010، تم نقل علي وتسليمه إلى المغرب. وقال علي إن أفراد المخابرات المغربية قاموا بتعذيبه في سجن سري لمدة 12 يوماً. ووصف كيف تعرَّض للضرب على باطنيْ قدميه، والصدمات الكهربائية على أعضائه التناسلية، والتعليق من رسغيه لفترات طويلة، والحرق بالسجائر".
وأضافت أن عراس أُدين في عام 2011 بـ"جريمة استخدام الأسلحة بصورة غير قانونية والانخراط في جماعة تعتزم ارتكاب أفعال إرهابية. واستندت إدانته إلى الإفادات التي أدلى بها تحت وطأة التعذيب فحسب".
ونوهت المنظمة إلى أن "عراس، وهو صاحب مقهى، ولد في عام 1962 في الجيب الإسباني مليلية بشمال أفريقيا. ورحل إلى بلجيكا عندما كان في الخامسة عشرة من العمر. وفي عام 2005 عاد مع زوجته إلى مليلية كي يعيش بالقرب من والده العجوز".
وانتقدت الحكومة المغربية، يوم 15 مايو الجاري، تقرير منظمة العفو الدولية بشأن التعذيب، حيث عبرت، في بيان لها، عن أسفها لعدم مصداقيته، قبل تؤكد أن "أي حالة تعذيب مدعاة ستخضع للبحث والتحري الصارم والزجر اللازم في إطار ما يقضي به القانون".
يذكر أن هذا التقرير خلص إلى أنه "وعلى الرغم من أن القانون المغربي يحظر التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة، إلا أنه يظل مستمرا في الواقع".
واعتبر أن المغرب شهد انتكاسة حقوقية وصفها بـ"المقلقة" عقب الأحداث الإرهابية التي هزت مدينة الدار البيضاء في مايو سنة 2003، خاصة بعد إصدار قانون لمكافحة الإرهاب، أدى حسب المنظمة إلى "إضافة مزيد من الوهن على ما عانت منه الضمانات ضد التعذيب"، إلى جانب ارتفاع عدد التقارير الواردة بشأن التعذيب بعد صدور هذه القانون.
وطالبت المنظمة ذاتها السلطات المغربية بـ"وضع حد للاعتقال السري، وإدانة المتهمين على أساس انتزاع اعترافات بالإكراه منهم تحت التعذيب".
وألحت على "ضرورة ضمان عدم إفلات المسؤولين عن عمليات التعذيب من العقاب، وذلك بفتح تحقيقات سريعة ومحايدة ومستقلة بشأن البلاغات عن التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة، ومقاضاة الجناة المشتبهين".
وكان المغرب شهد موجة اعتقالات وتوقيفات طالت، حسب منظمات حقوقية مغربية ودولية مستقلة، أكثر من 3 آلاف شخص في صفوف ما بات يعرف بـ"السلفية الجهادية" على خلفية التفجيرات الإرهابية التي هزت العاصمة الاقتصادية للبلاد الدار البيضاء في 16 مايو سنة 2003، وأودت بحياة 42 شخصا بينهم 12 من منفذي التفجيرات، و8 أوروبيين، في هجمات انتحارية وصفت بالأسوأ والأكثر دموية في تاريخ المغرب.
ومباشرة بعد هذه الأحداث، تمت المصادقة بالبرلمان على قانون مكافحة الإرهاب، رغم المعارضة التي كان يلقاها قبيل حدوث التفجيرات.
وأنشأ العاهل المغربي الملك محمد السادس عام 2003 هيئة الإنصاف والمصالحة، للتحقيق في خروقات حقوق الإنسان ما بين عامي 1956 و1999، وأوصت الهيئة في تقريرها عام 2004 بأن تعمل الدولة على تعويض الآلاف من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان ماديًا.
ونظمت الهيئة عام 2003 جلسات علنية للاستماع لما تعرّض له بعض المعتقلين السياسيين السابقين من انتهاكات داخل السجون، وهو ما تعهّد العاهل المغربي بمعالجته بشكل كلي، وفتح صفحة جديدة، لاحترام حقوق الإنسان والحريات في المملكة.
وتقول السلطات المغربية إن البلاد تعرف تقدما على مستوى احترام الحريات، خاصة بعد إقرار الدستور المغربي الجديد سنة 2011، بعد موجة الاحتجاجات الواسعة التي عرفها المغرب مؤخرا.