كان من الأسماء التي ساندت الحراك الشبابي بقوة، وكان أيضا من المدافعين عن أطروحة التصويت لفائدة العدالة والتنمية لأنه حزب ذو مصداقية، ويداه نظيفتان، ولم يسبق له أن «تورط» في تدبير الشأن العام.
كان أيضا من المتفاعلين بشكل إيجابي مع الإرادة التي عبر عنها الحزب في حملته الانتخابية حينما رفع شعارا يقترب من شعارات حركة 20 فبراير: «صوتك فرصتك ضد الفساد والاستبداد»..
حينما يعبر كريم التازي عن قلقه/غضبه علينا أن ننصت إليه بإمعان، لأنه ناطق باسم كثيرين ساندوا حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة وهم يتطلعون إلى مصير أصواتهم ليروها مجسدة في سياسات وقرارات تكون في مستوى انتظاراتهم..
كريم التازي غاضب هذه الأيام من التدبير الحكومي، هذا الغضب يترجم نوعا من الإحباط وعدم الرضا، أو في أحسن الحالات نوعا من القلق على مستقبل هذه التجربة التي مثلت أملا للكثيرين في التغيير نحو الأفضل..
هل من حق كريم أن يعبر عن قلقه وغضبه؟ أقول بصوت مرتفع: نعم. لماذا؟
لأن انتظارات المغاربة من هذه الحكومة أكبر من إنجازاتها إلى حدود الساعة، وخاصة على المستوى السياسي والمؤسساتي وعلى مستوى التفعيل الأمثل للوثيقة الدستورية..
ما هي أسباب هذا التعثر؟ هنا لابد من النقاش..
هل الظروف الدولية والإقليمية والمحلية التي جاءت في سياقها هذه الحكومة لازالت لصالحها أم حصلت ارتدادات قوية كانت لها انعكاسات على التجربة المغربية وكادت تعصف بها؟ ما هي طبيعة التركيبة الحكومية الأولى والثانية، وما هي نوعية التوازنات السياسية التي تفرضها؟ كيف هو أداء النخب الحزبية في الأغلبية كما في المعارضة، هل هو أداء يرفع نحو تمثُّل القيم الديموقراطية الحقيقية أم يجر إلى الأرض؟ كيف يقيم حزب العدالة والتنمية أداءه خلال مدة سنتين ونصف وهو يدبر الشأن الحكومي؟ وكيف ينظر إلى علاقته بالفرقاء الآخرين؟
هذه الأسئلة وغيرها لابد من التفاعل معها بشكل موضوعي قبل إصدار حكم بالسلب أو بالإيجاب عن هذه التجربة..
التقييم الموضوعي ليس بالسهل، والأمور أكثر تعقيدا مما نتصور، لكن الخيار السهل والصعب في الوقت نفسه هو قلب الطاولة على الجميع، ووضع المفاتيح بيد من يهمه الأمر..
إنه خيار وارد إذا أغلقت جميع منافذ الإصلاح، وأطروحة العدالة والتنمية في الإصلاح منفتحة على هذا الخيار..
في جميع الأحوال، ينبغي أن ننظر إلى هذه التجربة باعتبارها حلقة من ضمن حلقات متتالية في طريق النضال الطويل من أجل الديموقراطية وإقرار دولة القانون والمؤسسات، لكن السؤال؟ هل نحن نتقدم وفق خط تصاعدي أم إننا نتقهقر إلى الوراء؟
المستقبل كفيل بالإجابة عن هذا السؤال..
هنا تذكرت واقعة شخصية مع الصديق كريم التازي..
حضرت رفقته لملتقى شبابي كبير نظمته شبيبة العدالة والتنمية بطنجة في صيف 2012، أتذكر جيدا أن كريم التازي خطب فيهم قائلا: «أنتم أملنا في المستقبل، وأنتم ضمانتنا الحقيقية لإنجاح هذه التجربة..».
كلنا نشعر بالقلق، لكن أملنا كبير في شباب المغرب الواعد وفي الذكاء الجماعي للمغاربة وفي مستوى الوعي السياسي الذي بدأ يخترق فئات واسعة كانت إلى زمن قريب بعيدة عن السياسة ومشاكلها وتعقيداتها..