وأدرج التقرير المغرب في قائمة خمس دولة معنية بحملة للمنظمة لمناهظة التعذيب تحت شعار: "أوقفوا التعذيب"، حيث ضمت هذه القائمة أيضا: نيجيريا، الفيلبين، المكسيك، أزباكستان.
وفي بيان أصدرته مساء اليوم الخميس، عقب انعقاد اجتماعها الأسبوعي بالرباط (شمال)، قالت الحكومة المغربية إنها "إذ تعبر عن أسفها على عدم صدقية وموضوعية تقرير منظمة العفو الدولية فإنها تؤكد عزمها على تعزيز الجهود والإصلاحات المهيكلة التي انخرطت فيها بصورة متواصلة، بما في ذلك تلك المتعلقة بإصلاح منظومة العدالة، وتعزيز الآليات الوطنية لحماية حقوق الإنسان بشكل عام، وعلى الخصوص الوقاية من التعذيب".
وأكدت أن "أي حالة تعذيب مدعاة ستخضع للبحث والتحري الصارم والزجر اللازم في إطار ما يقضي به القانون".
كما أعربت عن عزمها "مواصلة تفاعلها مع آليات الأمم المتحدة بما في ذلك لجنة مناهضة التعذيب والمقرر الخاص بهذا الشأن وغيرها، كما أن انفتاحها وتفاعلها مع كافة منظمات المجتمع المدني الفاعلة سواء فيها الوطنية أو الدولية سيظل مستمرا ومثمرا"، وفق البيان نفسه.
واعتبر الحكومة المغربية أن إدراج بلادها ضمن قائمة الدول المعنية بحملة "أوقفوا التعذيب" يشكل في حد ذاته "اعترافا بالإصلاحات والجهود المبذولة من طرف المغرب في مجال مناهضته للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بما في ذلك التعذيب".
غير أنها طالبت منظمة العفو الدولية بضرورة "التأكد من المعطيات التي تم الإعلان عنها (في التقرير) وعدم إطلاق الأحكام المتسرعة قبل القيام بالمجهود المطلوب للتحليل الموضوعي والمنصف لكل المنجزات والمكتسبات، خاصة وأن التقرير ذهب إلى حد تبخيس ما قامت به هيئة الإنصاف والمصالحة التي أضحت نموذجا ضمن خمسة نماذج مرجعية على الصعيد الدولي".
وأوضحت حكومة عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية (إسلامي)، أن "المملكة المغربية متأكدة من إيجابية سجلها الحقوقي، وأهمية منجزاتها على هذا الصعيد".
كما جددت التأكيد على أن المملكة "وتبعا لخيارها الاستراتيجي الذي لا رجعة فيه في مجال حقوق الإنسان وجهودها المبذولة في النهوض بها والنتائج التي راكمتها، وعملها المتواصل في توطيد الحقوق والحريات لم تكتف بملاءمة قانونها مع الاتفاقية الدولية الخاصة بالتعذيب، بل صادقت على البروتوكول الاختياري الملحق بهذه الاتفاقية، وفتحت سجون المملكة ومخافر شرطتها أمام المقرر الخاص التابع للأمم المتحدة لإجراء الأبحاث الممكنة حول الموضوع إيمانا منها بأهمية الآليات الدولية في مواكبة التطورات الحقوقية الإيجابية الملموسة".
وكان تقرير لمنظمة العفو الدولية، استُعرضت أهم مضامينه خلال مؤتمر صحفي، الثلاثاء الماضي، بالرباط، خلص إلى أنه "وعلى الرغم من أن القانون المغربي يحظر التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة، إلا أنه يظل مستمرا في الواقع".
واعتبر التقرير أن المغرب شهد انتكاسة حقوقية وصفها بـ"المقلقة" عقب الأحداث الإرهابية التي هزت مدينة الدار البيضاء في مايو سنة 2003، خاصة بعد إصدار قانون لمكافحة الإرهاب، أدى حسب المنظمة إلى "إضافة مزيد من الوهن على ما عانت منه الضمانات ضد التعذيب"، إلى جانب ارتفاع عدد التقارير الواردة بشأن التعذيب بعد صدور هذه القانون.
وطالبت المنظمة ذاتها السلطات المغربية بـ"وضع حد للاعتقال السري، وإدانة المتهمين على أساس انتزاع اعترافات بالإكراه منهم تحت التعذيب".
وألحت على "ضرورة ضمان عدم إفلات المسؤولين عن عمليات التعذيب من العقاب، وذلك بفتح تحقيقات سريعة ومحايدة ومستقلة بشأن البلاغات عن التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة، ومقاضاة الجناة المشتبهين".
وتابع التقرير أنه "رغم إنشاء المغرب سنة 1990 لمؤسسة وطنية لحقوق الإنسان، ومصادقته على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب سنة 1993، تستمر ورود تقارير عن وقوع التعذيب والوفيات في الحجز".
ووجهت المنظمة انتقادات للجهاز القضائي المغربي، بسبب ما اعتبرته "تقاعسا" في فتح التحقيقات بخصوص شكايات أو بلاغات بتعرض بعض المواطنين للتعذيب، ما يتسبب في "إفلات الجناة من قبضة العدالة"، على حد قولها.
وكان المغرب شهد موجة اعتقالات وتوقيفات طالت، حسب منظمات حقوقية مغربية ودولية مستقلة، أكثر من 3 آلاف شخص في صفوف ما بات يعرف بـ"السلفية الجهادية" على خلفية التفجيرات الإرهابية التي هزت العاصمة الاقتصادية للبلاد الدار البيضاء 16 مايو سنة 2003، وأودت بحياة 42 شخصا بينهم 12 من منفذي التفجيرات، و8 أوروبيين، في هجمات انتحارية وصفت بالأسوأ والأكثر دموية في تاريخ المغرب.
ومباشرة بعد هذه الأحداث، تمت المصادقة بالبرلمان على قانون مكافحة الإرهاب، رغم المعارضة التي كان يلقاها قبيل حدوث التفجيرات.
وأنشأ العاهل المغربي الملك محمد السادس عام 2003 هيئة الإنصاف والمصالحة، للتحقيق في خروقات حقوق الإنسان ما بين عامي 1956 و1999، وأوصت الهيئة في تقريرها عام 2004 بأن تعمل الدولة على تعويض الآلاف من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان ماديًا.
ونظمت الهيئة عام 2003 جلسات علنية للاستماع لما تعرّض له بعض المعتقلين السياسيين السابقين من انتهاكات داخل السجون، وهو ما تعهّد العاهل المغربي بمعالجته بشكل كلي، وفتح صفحة جديدة، لاحترام حقوق الإنسان والحريات في المملكة.
وتقول السلطات المغربية إن البلاد تعرف تقدما على مستوى احترام الحريات، خاصة بعد إقرار الدستور المغربي الجديد سنة 2011، بعد موجة الاحتجاجات الواسعة التي عرفها المغرب مؤخرا.