بيع الخبز لكسب الخبز
رشيدة في عقدها الرابع، يبدو على محياها التعب من طول الوقوف، ترتدي ملابس خفيفة نظرا لحرارة الجو الذي تعمل فيه، اعتادت في كل شهر رمضان، أن تمارس مهنة بيع الخبز بكل أشكاله لكي تساعد زوجها في إعالة العائلة. فهي كما تقول"كندير كاع الأنواع ديال الخبز لي تيطلبوهوم الشرايا ، ولي بغاوها إلقاوها عندي"، وتضيف" فاليامات الخرين متايكونش البيع بحال هاد الشهر، فهاد الشهر كيزيد الطلب على الأنواع كاملين من مسمن وبطبوط وبغرير". رشيدة على حد قولها تقوم يوميا بعد صلاة الفجر مباشرة، لتبدأ عملها الشاق الذي يدوم قبيل ساعات من الفطور، وتضيف قائلة" هاد الخدما كتدي ليا النهار" كما تقول " أنا مكنحطش بزاف برا، حيت عندي بزاف ديال الدوموندات ديال العيالات لي خدامين تيديو من عندي كل نهار".
تركنا رشيدة مع عملها الشاق وتوجهنا إلى وجهة أخرى، بحثا عن مهنة موسمية جديدة تدر على أصحابها بعضا من الدريهمات التي يمكن أن تكون سندا لهم لمدة قليلة بعد هذا الشهر الفضيل.
في انتظار شهر رمضان
ينتظر المهدي، البالغ من العمر 60 سنة، والذي على وجهه تجاعيد شاهدة على أيام التكرفيس كما سماها هو، كل عام شهر رمضان بفارغ الصبر ليس للصيام والعبادة فقط، بل لأنه باب من أبواب الرزق، التي تفتح أمام المهدي لإعالة عائلته الصغيرة. المهدي لا يملك عملا قارا طيلة السنة، فهو يشتغل في كل شيء وفي أي شيء على حد قوله، وشهر رمضان من الشهور التي يغير فيها المهدي مهنته ليتجه صوب مهنة الشباكية، التي تعرف إقبالا كبيرا من طرف المغاربة، فهي من أساسيات مائدة الإفطار. فرغم الحر الشديدة الذي يتزامن مع هذا الشهر، وصعوبة العمل في هذه الحرفة إلا أن ظروف الحياة القاسية التي أعيشها تجعلني أتحمل كل هذه الأمور لأعود في المساء بشيء يسد جوع زوجتي وأطفالي الصغار يقول المهدي بعد أن سألناه عن ظروف العمل مع ارتفاع الحرارة.
لجأ المهدي إلى مهنة الشباكية التي تعلمها على يد أحد الجيران، بعد أن أقفلت في وجهه جميع الأبواب، ولم يفلح في إيجاد عمل يومي يدر دخلا يستطيع من خلاله توفير كل طلبات أسرته الصغيرة " حسان ليا نوقف قدام هاد الحرارة ولا نمشي نطلب ما نأكل " هذا آخر ما قاله لنا المهدي ليتجه نحو إخراج الشباكية من العسل ووضعها جانبا.
أما أنور الذي يبلغ من العمر 20 سنة، فقد اتخذ هو بدوره زاوية صغيرة قرب منزله ليضع فيها طاولة صغيرة، تحمل كل ما يمكن استهلاكه في هذا الشهر من شباكية، وخبز، ومسمن، وغيره من الأشياء التي تكون حاضرة على مائدة الإفطار أنور يقول وبصوت مليء بالأمل " هاد الساعة ماكاين مايدار غير هادشي " مضيفا أن كل ما يكسبه من هذا العمل الموسمي يساعده في شراء متطلباته الدراسية هو وأخته الصغيرة كما أنه يساعد نوعا ما في ميزانية البيت.
وينتهي يوم من أيام رمضان ويتجه الكل صوب منزله للإفطار في انتظار يوم جديد تتأهب فيه رشيدة لبدء عملها المعتاد ولتكون جاهزة لتلبية طلبات زبنائها اليومية من مسمن وخبز وغيره.