تساؤلات
محمد السادس، ملك المغرب، والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ونظيره الموريتاني محمد عبد العزيز كلهم يتواجدون حتى الآن في فرنسا. الرئيس الجزائري بهدف العلاج كما هو مؤكد، أما تواجد الملك محمد السادس في فرنسا فأرجعته المصادر الرسمية المغربية إلى أسباب "خاصة" في ما يشبه الإجازة. إلا أن أخبارا تتناقلها وسائل إعلام رقمية مستقلة تشكك في الرواية الرسمية وتقول إن الملك يخضع بدوره للعلاج بل قد يكون أجرى عملية جراحية. وهذا ما ينطبق كذلك على الرئيس الموريتاني الذي سبق وتعرض لطلق ناري من أحد حراسه قيل آنذاك إنه عن طريق "الخطأ".
عبد العزيز بوتفليقة الذي يعالج في فرنسا منذ حوالي شهرين لا يعرف الجزائريون عن حالته الصحية إلا ما تنشره المواقع الإلكترونية والصفحات الاجتماعية. وفي المقابل لا تعثر على أي جديد على صفحات وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية. من الأخبار الأخيرة بخصوص تطورات الحالة الصحية للرئيس الجزائري أنه اصبح "عاجزا" عن الحكم وفي "غيبوبة" وأنه لن يعود لممارسة الحكم في المستقبل. وينتظر الجزائريون ما إذا كان الرئيس سيظهر له أثر يوم 5 يوليو القادم، وهو عيد استقلال الجزائر.
وفي موريتانيا التي غاب عنها رئيسها منذ حوالي شهر دون معرفة الأسباب، طالبت كتلة المعارضة الموريتانية بضرورة نشر التقرير الطبي المتعلق بالحالة الصحية للرئيس، بحسب ما تناقلته وسائل إعلام دولية.
إشكال دستوري
تواجد الملك محمد السادس في فرنسا وضع الحكومة التي يرأسها الإسلاميون في موقف حرج حينما قام رئيس وزراء تركيا بزيارة للمغرب حيث كان من المقرر استقباله من طرف الملك، بحسب ما كان قد أكده وزير الخارجية المغربي سعد الدين العثماني. كما أن غياب الملك تزامن أيضا مع نشوب أزمة سياسية بين حزب الاستقلال المشارك في الإتلاف الحاكم ورئيس الحكومة عبد الإله بن كيران لدرجة قرر فيها أمين عام حزب الاستقلال سحب وزرائه من الائتلاف (لم ينفذ وعده). الأزمة لم تحل بعد والملك ما يزال غائبا في فرنسا غيابا وصفه موقع إخباري مغربي بـ "المنفى الاختياري". أما مدير موقع لكم.كوم المعروف بلغته المنتقدة للنظام، فقد طرح على لسان مديره الإعلامي علي أنوزلا ما يشكله ذلك الغياب من إشكال دستوري:
" هل من حق الملك كرئيس دولة وكقائد أعلى للقوات المسلحة الملكية وفي نفس الوقت رئيس أركان الحرب، أن يغيب كل هذه الفترات (عدد فترات غاب فيها الملك) دون أن يكون هناك إعلان رسمي عن تاريخ بداية عطله ومددها ودون أن يصدر تفويضا رسميا لمن سيتولى تدبير شؤون الدولة في غيابه؟ لا يوجد في العالم رئيس دولة أو رئيس أركان جيش نظامي يمكنه أن يسافر في رحلة خاصة خارج بلاده دون أن يعلن عن ذلك رسميا، وعن مدة عطلته وأحيانا حتى مكانها، ودون أن يفوض مهامه لمن سينوب عنه أثناء فترة غيابه".
أسئلة أجابت عنها صحيفة "كواليس" الإلكترونية بكون محمد السادس يمارس مهامه من مقر إقامته في فرنسا، وأن الدستور الجديد يعطي الصلاحية لحكومة منتخبة: "المغرب يدار الآن من طرف حكومة بصلاحيات واضحة ومحددة في الدستور، بما لا يضر السير العادي لمصالح الدولة والمواطنين".
الإخفاء .. لمصلحة من؟
إطلاع الرأي العام عن الحالة الصحية للمسؤول الأول في البلد هو بمثابة الحق في إشاعة المعلومة، يقول المهندس المغرب أحمد ابن الصديق في اتصال مع إذاعة هولندا العالمية. غير أن "المنظومة الاستبدادية" تعتمد على تغييب المعلومة ونشر الإشاعة "لإلهاء" الناس، مضيفا :
"غياب المعلومات أو شحها عن مرض الحكام ما هو إلا جزء من منظومة استبدادية تعتمد على غياب الشفافية في مواضيع عدة وتعتمد الغموض والصمت. لأن امتلاك بل احتكار المعلومة هو جزء من آليات التحكم و التسلط ويعبر أيضا عن تصور السلطة لنفسها ، فهي لا بد أن تحتقر المواطن ولا بد أن لا تحترمه، رغم وجود فصل في الدستور (المغربي) ينص على الحق في الوصول للمعلومة. من جهة أخرى فإن ثقافة الإشاعات من بين أهدافها إلهاء الناس لكي لا ينتبهوا للمشاكل الكبرى للبلاد".