القائمة

أخبار

دياسبو #384: سوسام.. الساحر الذي تعلم ألعاب الخفة بمفرده في إنزكان وانطلق نحو العالمية

قصة سوسام، بدأت عندما شاهد خدعة سحرية على شاشة التلفزيون، فأسرت قلبه وأشعلت فضوله في طفولته. ومن تلك اللحظة، انطلقت رحلته على مستوى عالمي، ليصبح الخداع البصري لغته والمسرح ساحة إبداعه. إليكم قصة هذا الساحر المغربي الفرنسي الذي استطاع أن يحوّل شغفه إلى فن حقيقي.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

"هل هذا جن؟" كان السؤال الذي طرحه طفل في التاسعة من عمره في إحدى أمسيات عام 2006 أثناء مشاهدته للتلفزيون. رأى ساحرا يقطع جسده إلى نصفين ويرتفع بأشياء في الهواء. مرعوبا، اعتقد أن ما يراه هو جن، الأرواح الخفية التي طالما سمع عنها في القصص الشعبية المغربية. لكن والديه طمأناه "ليس سحرا، إنه خداع بصري." ومن تلك اللحظة، أصبح مصطلح "الخداع البصري" يتردد في ذهن أوسامة شازي المعروف بـ "سوسام"، ليبدأ في البحث والتعلم عن هذا الفن، وأدخل كلمة "خداع بصري" في محرك البحث غوغل، ليكتشف عالما موازيا يحول الواقع إلى فن.

في غرفته الصغيرة في إنزكان، بدأ الطفل يتدرب يوما بعد يوم على خدع بسيطة باستخدام قطعة نقدية. وفي أحد الأيام، نجح في جعل العملة تختفي أمام أسرته ثم شباب الحي الذين تأثروا بتلك الخدعة . وخلال حديثه مع يابلادي قال "في تلك اللحظة، أدركت أنني أمتلك القدرة على إثارة الدهشة والتلاعب، كان إحساسا رائعا، تلك هي الألعاب ال الحقيقي."

لكن في المغرب، لم يكن هناك مكان مخصص للتدريب على ألعاب الخفة في ذلك الوقت. لم تكن هناك مدارس أو تدريبات متخصصة، وكان كل ما يتوفر هو بعض المشاهد التلفزيونية. لذا، قرر أن يتعلم كل شيء بمفرده، فبدأ يدرس ويكتسب مهاراته من خلال مقاطع الفيديو والدروس التي كان أصدقاؤه يرسلونها له من الخارج.

في عام 2012، شهد مسار هذا الساحر المغربي الفرنسي تحولا كبيرا، بعد مشاركته في بطولة المغرب لألعاب الخفة في الصويرة، التي نظمت بالتعاون مع الاتحاد الفرنسي لفناني الخداع البصري، حيث حصل على الجائزة الثانية. وفي نفس العام، فاز بالجائزة الأولى في مهرجان ألعاب الخفة الدولي في أكادير.

بعد حصوله على شهادة البكالوريا، قرر السفر إلى فرنسا خلال عطلة الصيف، وهناك اكتشف بالصدفة أن كأس فرنسا لألعاب الخفة كان يقام في تلك الفترة. أرسل بريدًا إلكترونيا قائلا: "أنا ساحر مغربي، أريد المشاركة". وفي اليوم التالي، جاء الرد: " مرحبا المسابقة لا تزال مفتوحة".

رافقته والدته إلى صالون مجلس الشيوخ حيث أُقيمت المسابقة، وكان هو المتسابق الأجنبي والمغربي الوحيد بين المشاركين، الذين كان يعرفهم فقط من خلال شاشة التلفزيون. وعندما تم الإعلان عن نتائج المسابقة، فاز بالجائزة الثانية. ذرفت والدته دموع الفرح، وكانت تلك اللحظة بمثابة نقطة تحول في حياته.

"أكثر ما هو سحري في ألعاب الخفة ليس العرض نفسه، بل كل ما يسبقه: الفكرة، البناء، والتحضير."

سوسام

على الرغم من محاولته دراسة الفنون في المدرسة العليا للفنون في بروتاني (شمال غرب فرنسا)، إلا أنه شعر أن هذا الطريق ليس طريقه. كان فنانا حقيقيا، يريد أن يبني مستقبله من خلال فنه. بينما كان زملاؤه يتابعون دراستهم في الصفوف الدراسية، كان هو يقدم عروضا لألعاب الخفة في الشوارع، حتى بدأ يحقق بعض المال من وراء ذلك.

انتقل بعد ذلك إلى باريس، حيث التحق بـ "Laboratoire de l’acteur" لدراسة السينما، وواصل تقديم عروض لألعاب الخفة في الأماكن المفتوحة والأندية الكوميدية. ورغم المنافسة الشديدة في باريس، حيث يتجمع السحرة من مختلف أنحاء العالم، استمر في العمل على تطوير مهاراته.

في عام 2018، سافر إلى دبي حيث بدأ تصوير مقاطع فيديو في الشوارع باللغة الإنجليزية، وبدأ ينشر محتواه عبر وسائل التواصل الاجتماعي. لكن العودة إلى فرنسا كانت صعبة، خاصة مع ظهور جائحة كوفيد-19 التي تسببت في توقف حفلات الزفاف والعروض الخاصة.

مع بدء الحجر الصحي الثاني، أصبحت التنقلات ممكنة مجددا. سافر إلى الجنوب، إلى شواطئ أرجيل والمناطق المحيطة، حيث بدأ في تصوير فيديوهات وابتكار أفكار جديدة. بدأت مقاطع الفيديو تنتشر بسرعة مذهلة، محققة ملايين المشاهدات في غضون ساعات.

في عام 2022، قدم "Sossam : Un rêve magique" على خشبة مسرح "Les Enfants du Paradis"، وهو عرض فريد جمع بين ألعاب الخفة والتنويم المغناطيسي. وبعد نجاحه في فرنسا، قرر السفر إلى وطنه الأم، حيث قدم عروضا خلال شهر رمضان داخل منازل عائلات مغربية من مختلف المدن. "كانت فكرة والدتي"، يقول سوسام، "ولاقت نجاحا واسعا."

عند عودته إلى باريس، استقر في "مسرح أبولو" حيث بدأ يقدم عروضه بشكل منتظم كل يوم سبت. حمل عرضه الأول عنوان "حلم سحري"، وشهد حضورا مغربيًا كثيفا. وفي تعليقه على التجربة، قال "الجمهور الفرنسي يشبه الجمهور المغربي، فألعاب الخفة لغة عالمية."

"في أحد الأيام، تلقيت اتصالا من الأمير مولاي رشيد، هنأني شخصيا، وكان ذلك شرفا كبيرا وتقديرا عظيما بالنسبة لي"

سوسام

من حيث الإلهام، يذكر هذا الفنان أسماء بارزة مثل ديفيد كوبرفيلد وهوديني، لكن التأثير الأكبر جاء من ديفيد بلين، رائد ألعاب الخفة في الشوارع الذي أصبح تخصصه. ولتعزيز مهاراته، تابع سوسام تدريبا في التنويم المغناطيسي الإريكسوني خلال فترة كوفيد، إذ يؤمن بأن التنويم المغناطيسي يمكن أن يكون أداة للعلاج النفسي والتواصل العميق مع الآخرين.

اليوم، يعتمد على السرعة والكلمة لشد انتباه الجمهور وخلق الوهم. ومن بين خدعه المفضلة، جعل ورقة نقدية تظهر فجأة أمام أعين المشاهدين ! وتابع مازحا "يعتقد الناس أننا نصنع المال، لكنه مجرد خدعة سحرية صدقوني إنه مالي الخاص. إن الوهم الذي يجعلهم يظنون أن الورقة تتحول إلى ورقة نقدية حقيقية."

وبحسب، الفنان المغربي، فإن كل خدعة هي ثمرة أسابيع وأحيانا شهور من التدريب، حيث يستمر في تطوير عرضه وتعديله وتحسينه مع مرور الوقت. ويحكي سوسام بنبرة فخر "عرضي، على سبيل المثال، عندما قدمته لأول مرة قبل ثلاث سنوات، كان مختلفًا عما هو عليه اليوم. رغم أنه نفس العرض، إلا أنه يتطور ويتغير مع مرور الوقت."

سوسام يخوض حاليا جولة سحرية عالمية انطلقت في 5 أبريل وتتواصل حتى 25 أكتوبر، وتشمل محطات في فرنسا، المملكة المتحدة، المغرب، تركيا، سويسرا، بلجيكا، والولايات المتحدة.

وعن عرضه المرتقب في المغرب، قال "أريد أن أكون في كامل الاستعداد، فهناك بدأت الحكاية. صحيح أنني عشت هذا السياق من قبل حين كنت طفلا، لكن اليوم أعود كفنان إلى بيئة تغيرت، وأقول لنفسي: لا مجال للفشل".

آخر تحديث للمقال : 13/04/2025 على 10h13

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال