القائمة

أخبار

الهجمات السيبرانية: الجبهة الجديدة في التنافس بين المغرب والجزائر

امتدت المنافسة المستمرة بين المغرب والجزائر إلى الفضاء السيبراني، حيث استهدف قراصنة من كلا البلدين مواقع حكومية ووسائل إعلام وبيانات حساسة. وقد قامت يابلادي بتلخيص الحوادث السيبرانية بين القراصنة المغاربة والجزائريين على مدار الخمسة عشر عاما الماضية، حيث كان معظمها نتيجة لتطورات سياسية.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

تجاوزت المنافسة بين المغرب والجزائر حدود الخلافات الثقافية والاجتماعية على وسائل التواصل الاجتماعي لتصل إلى ساحة جديدة: الهجمات السيبرانية. فقد شهد الفضاء الإلكتروني تصاعدا في التوترات بين البلدين، حيث استهدف قراصنة من الجانبين مواقع حكومية وحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي ومؤسسات إعلامية.

أحد أبرز الحوادث الأخيرة كان من تنفيذ قراصنة جزائريين، حيث قاموا بتسريب كمية كبيرة من البيانات الحساسة. وقد شنت مجموعة جاباروت DZ الجزائرية سلسلة من الهجمات السيبرانية استهدفت مواقع وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وردا على هذا الهجوم، قامت مجموعة من القراصنة المغاربة باختراق أنظمة التعاضدية العامة للبريد والمواصلات الجزائرية، حيث تمكنوا من تسريب 13 جيجابايت من البيانات الحساسة تشمل أرقام الهوية، أوامر تحويل الأموال، والوثائق الإدارية

هذا الهجوم ليس الأول في سلسلة مستمرة من الهجمات السيبرانية المتبادلة بين قراصنة البلدين، ما يعكس تصاعد حرب سيبرانية تغذيها التوترات السياسية. وقد استعرض موقع "يابلادي" أبرز الحوادث السيبرانية بين القراصنة المغاربة والجزائريين على مدار الخمسة عشر عاما الأخيرة، والتي كانت غالبا مرتبطة بتطورات سياسية أو نقاط توتر، مثل قضية الصحراء ودعم الجزائر لجبهة البوليساريو.

هجمات سيبرانية مسيسة

في عام 2010، عقب الأحداث الدامية في كديم إزيك، استهدف قراصنة مغاربة مواقع وزارة الداخلية الجزائرية والمكتب الوطني للسياحة الجزائري. ووصفت الهجمات بأنها أعمال "انتقام" ردا على العنف في العيون.

وفي نونبر من نفس العام، اخترق قراصنة مغاربة موقع السفارة الجزائرية في الولايات المتحدة، وتركوا علَما مغربيا والنشيد الوطني كتوقيع لهم.

استمرت الهجمات السيبرانية في عام 2011، حيث هاجم قراصنة مغاربة عدة مواقع حكومية جزائرية، بما في ذلك موقع الإدارة الضريبية الجزائرية. وتركوا رسالة تحد على صفحتها الرئيسية: "القوات الرادعة المغربية تدافع عن المصالح العليا للمملكة"، بالإضافة إلى الشعار الوطني المغربي "الله، الوطن، الملك" وخريطة للمغرب مزينة بالعلم الوطني.

وفقا لصحيفة TSA الجزائرية، اخترق قراصنة مغاربة أيضا مواقع مالية وحكومية أخرى، بما في ذلك بورصة الجزائر. وسرعان ما رد القراصنة الجزائريون باختراق 174 موقعا إلكترونيا لشركات ومؤسسات مغربية، تاركين رسالة "ردا على مجموعة من الأغبياء المغاربة". وتزامنت هذه الهجمات مع خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 36 للمسيرة الخضراء، حيث دعا الجزائر للمساعدة في بناء مغرب عربي قوي وموحد.

في عام 2013، استهدف قراصنة مغاربة موقع قناة التلفزيون العمومية الجزائرية (ENTV)، تاركين رسائل تؤكد سيادة المغرب على الصحراء. وفي نفس اليوم، قيل إنهم اخترقوا أيضا موقع بورصة الجزائر. وأشارت TSA إلى أن القراصنة المغاربة يستهدفون بشكل متكرر الصحف الجزائرية، بما في ذلك TSA نفسها، و«لو كوتيديان دوران»، و«ترانزاكشنز دالجيري».

في عام 2014، ردت مجموعات من القراصنة الجزائريين. ووفقا لتقرير من معهد التحليل السياسي المغربي (MIPA)، تعرضت مواقع إلكترونية، بما في ذلك موقع وزارة الخارجية المغربية وبوابات حكومية أخرى، لهجمات من قبل قراصنة جزائريين.

«لا سلام بين الأنظمة»

في عام 2020، تصاعدت الحرب السيبرانية بين البلدين بشكل أكبر. وفي تلك السنة، اخترق قراصنة مغاربة موقع وزارة الصحة الجزائرية، بالإضافة إلى مواقع أخرى تابعة للوكالة الوطنية لتطوير الموارد الهيدروكربونية، وUNESCO الجزائر، وغيرها، بما في ذلك برنامج دعم السياسات القطاعية البيئية، وONID وفندق مازافران.

في نونبر2021، رد القراصنة الجزائريون باختراق موقع الاتحاد العام لمقاولات المغرب، واستبدلوا محتواه بعلم جزائري ورسالة: 'لا سلام بين الأنظمة'. وردا على ذلك، استهدف فريق القراصنة المغربي موقع وزارة المالية الجزائرية.

في وقت سابق من نفس السنة، اخترق قراصنة مغاربة 280 موقعا إلكترونيا جزائريا، بما في ذلك العديد من المواقع التابعة للحكومة. وقيل إن الهجوم جاء ردا على تعليقات حول الملك محمد السادس من قبل قناة الشروق تي في وُصفت بأنها"مسيئة".

استمرت الحرب السيبرانية في عام 2022. وفي مارس، اتهمت وزارة العدل الجزائرية قراصنة مغاربة بالتلاعب بحسابها الرسمي على تويتر، حيث نُشرت لفترة وجيزة رسائل مؤيدة لروسيا واتهامات نارية ضد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل حذف التغريدات.

وفي غشت من نفس العام، تم اختراق موقع جامعة العلوم دار المهراز بفاس من قبل شاب جزائري. وفي يناير 2023، تم اختراق موقع المكتبة الوطنية للمملكة المغربية (BNRM). وترك القراصنة رسالة: "نرسل رسالة إلى القراصنة المغاربة: توقفوا عن تسريب بيانات جزائرية لكي نتوقف نحن أيضًا".

وبعد فترة وجيزة، تم نشر بيانات سرية لوزارة التربية الوطنية المغربية، كاشفة عن معلومات حول قرابة مليون طالب. وفي رد فعل، تم تسريب آلاف الملفات عن طلاب جزائريين عبر الإنترنت، وفقا لتقارير إعلامية.

ساحة معركة بديلة

يستمر النزاع السيبراني الجاري في تعريض البيانات الحساسة للخطر وتعطيل البنية التحتية الرقمية في كلا البلدين. ويصف الخبراء هذه الحوادث بأنها شكل جديد من المواجهة.

في مقال بعنوان حرب ظل سيبرانية بين الجزائر والمغرب، يرى الباحث في الشؤون الإفريقية حمدي بشير أن هذه الموجة المتزايدة من الهجمات السيبرانية تمثل مرحلة جديدة من العداء غير التقليدي. ويحذر من أن هذه الهجمات من المحتمل أن تتكثف أكثر، مستهدفة الأنظمة الحكومية، والبنية التحتية، والخدمات العامة، والمنشآت العسكرية، والقطاعات الاقتصادية، بما في ذلك النفط والغاز.

وبالوصول إلى استنتاج مماثل، أشارت شركة CYFIRMA المتخصصة في الاستخبارات السيبرانية وإدارة مشهد التهديدات الخارجية، في تقرير لها عام 2024 عن الهجمات السيبرانية في المغرب، إلى أن الهجمات الأخيرة في البلاد "أصبحت أداة قوية لإلحاق الضرر وفرض النفوذ".

وبعيدا عن الاعتبارات الجيوسياسية، تبرز هذه الهجمات ضعف المغرب أمام مثل هذه الأهداف. وأوضح تحليل MIPA حول إنجازات وتحديات الأمن السيبراني في المغرب أن الطبيعة المتطورة للهجمات السيبرانية "تتطلب تكيفا مستمرا، والامتثال للسياق الدولي، والاستثمار في الحلول التكنولوجية، والموارد البشرية، والتعاون الوطني والدولي لضمان وضعية أمن سيبراني قوية".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال