القائمة

أخبار

دياسبو#378: من وجدة إلى العالمية.. مسيرة محمد مراكشي في خدمة كرة السلة

من شغف الطفولة بكرة السلة في أزقة وجدة، إلى مسيرة أكاديمية ومهنية امتدت إلى فرنسا وإفريقيا، يجسد محمد مراكشي نموذج الرياضي الذي جمع بين التفوق في الملاعب والتألق في المجال الأكاديمي. ظل مؤمنا بضرورة خلق التوازن بين الرياضة والتعليم. واليوم، بعد مسيرة حافلة، يواصل مراكشي جهوده في تطوير كرة السلة، خاصة فئة 3×3.

نشر
محمد مراكشي يسار الصورة
مدة القراءة: 6'

رأى محمد مراكشي النور في مدينة وجدة عام 1968، وعاش بها عشرين عامًا، ثم انتقل إلى نانسي في منطقة لورين بفرنسا لمتابعة دراسته العليا.

خلال دراسته الإعدادية، بدأت تتبلور لديه شغف كبير بعالم كرة السلة، وفي سن الـ 14 انضم إلى نادي المكتب الوطني للكهرباء لكرة السلة، الذي وصفه بأنه "مدرسة حقيقية تركت أثرًا بالغا في مسيرتي". وبعد فترة وجيزة، التحق بفريق مولودية وجدة، مما أتاح له فرصة الاحتكاك بالخبرات الرياضية وصقل مهاراته.
 

الدراسة أولا

وقال محمد المراكشي في حديثه مع موقع يابلادي "في سن 16 عامًا، تلقيت أول استدعاء للمشاركة في معسكرات المنتخب الوطني. لكن بالنسبة لي، كانت الدراسة هي الأولوية، فيما كانت الرياضة وسيلة يمكن أن تساعدني في تحقيق أهدافي الأكاديمية".

وتابع حديثه قائلا "خلال مسيرتي الرياضية، لم يكن التركيز فقط على الأداء الرياضي، بل كان الأمر يتعلق أيضا بالقيم والتعليم. كان فريق مولودية وجدة بمثابة أسرة ثانية لي، حيث وجدت فيه أخوة كبارا قدموا لي التوجيه والدعم".

"الفرصة الوحيدة التي تمكنت فيها من تمثيل المغرب كانت مع فريق مولودية وجدة، في بطولات دولية نُظمت في الجزائر عندما كانت الحدود مفتوحة. وكان من الأسهل علينا السفر إلى الجزائر لخوض المباريات والمشاركة في البطولات الكبرى هناك، مقارنة بالسفر إلى مدن مثل فاس أو الرباط، حيث كانت المسافة طويلة جدًا".

محمد مراكشي

وكان من بين أبرز محطاته الرياضية الفوز ببطولة المغرب الجامعية عام 1989 مع فريق جامعة وجدة، وقال "رغم أن المدينة لم تحقق لقبا وطنيا في كرة السلة، إلا أن تحقيقنا للقب الجامعي كان له طعم خاص بالنسبة لي".

وعن التحديات التي واجهها خلال لعبه لمولودية وجدة أوضح أن "أكبر تحد كان الإصابات. للأسف، تعرضت لإصابتين خطيرتين في الركبة، وهو أسوأ ما يمكن أن يحدث للاعب كرة السلة. عندما كنت في سن 16 عاما، كنت أملك الإمكانيات اللازمة للوصول إلى مستوى أعلى في مسيرتي الرياضية، لكن الإصابات حالت دون ذلك. ومع ذلك، أعتقد أن كل ما حصل كان خيرا بالنسبة لي، لأنه دفعني للتركيز على دراستي ومستقبلي المهني".

وتأسف لعدم تمكنه من اللعب للمنتخب المغربي وقال "عندما يتعلق الأمر بتمثيل الوطن، يكون الأمر مختلفا تماما عن اللعب في الحي أو المدينة، فهنا الأمر يتعلق برفع العلم الوطني، وخاصة عند عزف النشيد الوطني قبل أو بعد المباراة".

وعند بلوغه سن 20 سنة، انتقل إلى فرنسا لمتابعة دراسته في كلية الرياضة بنانسي، في مجالي الحكامة والهندسة الرياضية. وأكد أن اختياره لهذا المجال جاء لكون الرياضة تعتبر "وسيلة رائعة لبناء شبكة علاقات. فميزة الرياضة أنها لا تعرف لونا ولا دينا، إنها عالمية ومتعددة الثقافات".

ولم تكن أيامه الأولى في فرنسا كما كان يأمل فقد واجه "صدمة ثقافية كبيرة، وكان الطقس البارد تحديا إضافيا، حيث بلغت درجة الحرارة -10 عند وصولي إلى لورين، مما جعل السنة الأولى صعبة للغاية".

ورغم أن الجامعة الملكية المغربية كان تستدعيه لحمل قميص المنتخب الوطني إلا أن التزاماته الدراسية كانت تمنعه من ذلك، وكان يفضل أن يقضي عطلة الصيف مع عائلته في المغرب، وأوضح أنه كان يدرك "قوة وتأثير الرياضة، وأردت أن أحقق نجاحًا فيها، لكن دائمًا ضمن إطار الدراسة، لأنني كنت على علم بأن الاحتراف في الرياضة وحده لا يضمن كسب لقمة العيش".

وواصل "أصر والداي على أهمية الدراسة إلى جانب الرياضة، وعلى ضرورة متابعة التعليم العالي. وبعد ذلك، أتيحت لي الفرصة لاجتياز امتحان القبول في كلية مرموقة متخصصة في الرياضة، مما سمح لي بالبقاء دائما في المجال الرياضي".

بعد إنهاء دراسته، كان محمد يهدف إلى رد الجميل للرياضة التي منحته الكثير. ومنذ 2004، شارك في العديد من المشاريع الدولية، وخصوصا في مدينته وجدة.

وانطلاقا من سنة 2009، قام بتنظيم العديد من الدورات التدريبية والبطولات والبرامج التبادلية، إيمانا منه بأن الرياضة وسيلة رائعة للتبادل الثقافي.

وفي سنة 2010، نظم بوجدة بطولة تكريمية لشخصيات رياضية، اعترافا بدورهم الكبير في خدمة الرياضة. ومنذ جائحة كوفيد، وسع نشاطه ليشمل القارة الإفريقية، "إيمانا بأهمية التعاون جنوب-جنوب، حيث يلعب المغرب دورا رئيسيا، وأسعى للمساهمة في هذا المسار واكتشاف ثراء إفريقيا".

"في 2018، أتيحت لي فرصة حضور مباراة All-Star Game في لوس أنجلوس، وكان ذلك حلمًا تحقق بالنسبة لي. رغم أنني كنت حينها في سن الخمسين، إلا أنني شعرت وكأنني طفل صغير مبهور بكل ما حوله".

محمد مراكشي

وقال "أعمل حاليا على مشروع يهدف إلى تعبئة الجالية المغربية في العالم لدعم الرياضة المغربية، خاصة في أفق استحقاقات 2025 و2030".

اهتمام بكرة السلة 3×3

وإلى جانب كرة السلة التقليدية 5×5 ، يهتم محمد منذ سنوات كثيرا بكرة السلة 3×3 ويعتبر الآن أحد الفاعلين الأساسيين في تطوير هذه الرياضة على المستوى المحلي والدولي، حيث يسلط الضوء على مزاياها المتعددة داخل فرنسا وخارجها.

ومنذ عام 2020، زار البنين، وكوت ديفوار، وغينيا، وتونس، لنقل تجربته التي تمتد على مدى ثلاثين عامًا، من خلال المشاركة في المؤتمرات والمواكبة. وقال "كرة السلة 3×3  هي للجماهير، ويجب أن تكون مكملة لكرة السلة التقليدية"، وواصل "هناك مخاوف من أن كرة السلة 3×3  قد تؤثر سلبًا على كرة السلة التقليدية ولكن التجربة في غينيا أثبتت العكس".

وأوضح أن كرة السلة 3×3  هي وسيلة لتطوير كرة السلة التقليدية، وليست منافسة لها، و"الاتحادات التي فهمت هذا تحقق نجاحات كبيرة". وقال "في إفريقيا، أتعامل مباشرة مع الاتحادات المحلية...، المهم هو أن يفهموا أن عليهم عدم البدء بتنظيم أحداث كبرى مباشرة، بل البناء من القاعدة".

كما سبق أن تم تعيينه كمدير عام لكرة السلة 3×3  في غينيا. وقال "هذا ليس عملا تقنيا فقط، بل هو هندسة رياضية". وواصل "وجود فريق وطني قوي أمر جيد، ولكن كيف يمكننا العمل مع الجماهير؟ كيف نضع مشاريع تحقق شراكات؟ العمل على الجانب الاجتماعي يعني إشراك البلديات، التعاون، والشراكات".

ويعتبر محمد مراكشي، لاعب كرة القدم الفرنسي، ميشيل بلاتيني مثله الأعلى وقال "كنت معجبا به منذ سن العاشرة، وكنت دائمًا أرتدي القميص رقم 10 في كل الفرق التي لعبت معها. وكان الرقم 10 يعني لي الكثير"، وتابع "كنت سعيدا بالقدوم إلى لورين لأن بلاتيني ينحدر من هناك، زرت المدينة والحي الذي نشأ فيه. للأسف، لم أتمكن من لقائه بعد، لكنني لا أزال آمل ذلك".

وأوضح أن بلاتيني "نموذج مثالي لإعادة التوجيه المهني بعد الاعتزال الرياضي. فقد بدأ كلاعب، ثم أصبح مدربا، وبعدها مديرا، ثم رجل أعمال. إنه مثال رائع لكيفية الاستفادة من المسيرة الرياضية لبناء مستقبل مهني قوي".

آخر تحديث للمقال : 02/03/2025 على 13h29

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال