القائمة

أخبار

العنصرية ضد المسلمين في سويسرا تضاعف خطر البطالة

في دراسة حول تأثيرات العنصرية ضد الأشخاص المسلمين، كشف "مركز الإسلام والمجتمع السويسري" (CSIS) التابع لجامعة فريبورغ أن هذه التمييزات تؤثر على مختلف جوانب الحياة اليومية للفئات المعنية. وتبرز هذه التأثيرات بشكل خاص في الوصول إلى فرص العمل أو المناصب القيادية، حيث تتداخل الفوارق القائمة على النوع الاجتماعي والدين.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

نادرا ما خضعت التمييزات ضد المسلمين في سويسرا لتحليلات شاملة ومتعددة التخصصات. ومع ذلك، بدأت بعض الأبحاث مؤخرا في تسليط الضوء على هذا الظاهرة، التي لا يزال جزء كبير منها غير مرئي. وكشفت دراسة بعنوان "العنصرية ضد المسلمين في سويسرا"، التي نشرت يوم الخميس، عن الأبعاد المتعددة لهذه التمييزات، لتكون مرجعا في هذا المجال.

من بين المجالات التي ركزت عليها هذه الدراسة، والتي تتألف من 80 صفحة وأعدها مركز الإسلام والمجتمع السويسري، يبرز مجالا الوصول إلى العمل والتدريب. كما كشفت البيانات أن الممارسات التمييزية متشابكة ومضاعفة، وتزداد حدتها عند التداخل مع اعتبارات تتعلق بالنوع الاجتماعي أو الأصل المفترض.

استنادا إلى بيانات "خدمة مكافحة العنصرية" في سويسرا، تشير الدراسة إلى أنه في عام 2022، أكد 69% من الأشخاص الذين تعرضوا للتمييز العنصري أنهم واجهوا ذلك "في حياتهم المهنية أو أثناء البحث عن عمل"، فيما جاء الفضاء العام في المرتبة الثانية بنسبة 30%، والمدارس بنسبة 27%.

سوق العمل هو الأكثر تأثرا

أشار المشاركون في الدراسة إلى وجود تمييزات غير مبررة في عمليات التوظيف، بالإضافة إلى "الإهانات أو التحرش المعنوي في مكان العمل" و"الفجوات غير المبررة في الأجور". وفي هذا السياق، يؤكد مؤلفو الدراسة على محدودية البيانات الميدانية المتاحة، مشيرين إلى أن "بعض المجالات فقط خضعت لتحليلات مفصلة حتى الآن".

بشكل عام، تشير الدراسات حول سوق العمل إلى "معدل مرتفع للتمييز ضد المسلمين"، وهو ما تؤكده التجارب الميدانية باستخدام أسماء مزيفة وطلبات توظيف وهمية. ويؤكد الباحثون أن هذه الدراسة مهمة لأنها تشمل أشخاصا يحملون أسماء تركية أو كوسوفية، والذين قد ينظر إليهم على أنهم مسلمون ويواجهون هذا النوع من التمييز، حتى وإن لم يعلنوا انتماءهم للإسلام.

تشير الدراسة إلى أن "التمييز في معالجة طلبات التوظيف" موجود في كل من سويسرا الروماندية (الناطقة بالفرنسية) وسويسرا الألمانية. كما تسلط الضوء على أشكال التمييز الخفية التي تحدث في مراحل متقدمة من عملية التوظيف، مثل الفارق في مضمون الردود وأوقات الاستجابة، مما يجعل هذه الممارسات أكثر غموضا وأصعب في الكشف أو الطعن فيها.

وفي هذا السياق، خلص الباحثون إلى أن التمييز الديني في التوظيف يعرض المسلمين في سويسرا لخطر البطالة بمعدل 2.4 مرة أكثر من المتوسط. ويعزى جزء من هذه الظاهرة إلى "صعوبات لغوية ونقص في التدريب"، لكنها لا ترتبط بممارسة دينية مكثفة أو بالانتماء إلى الجيل الأول أو الثاني أو الثالث من المهاجرين، كما أن الحصول على الجنسية السويسرية لا يغير من هذا الواقع.

توضح الدراسة أن هذا الخطر "لا يتناقص مع مستوى التعليم". فبينما ينخفض بشكل طفيف بالنسبة لحاملي شهادات التدريب المهني أو الثانوية، فإنه يرتفع بالنسبة لحاملي الشهادات الجامعية. ويرجع ذلك جزئيا إلى انخفاض الطلب على الوظائف ذات الكفاءة العالية والمنافسة الشديدة عليها، بالإضافة إلى ميل أصحاب العمل إلى توظيف أشخاص من نفس خلفيتهم الثقافية، مما يعزز استبعاد الكفاءات التي يُفترض أنها مسلمة.

الأقليات الظاهرة هي الأكثر عرضة للتمييز

أظهرت الدراسة أيضا أن هناك "تداخلا بين العنصرية ضد المسلمين والنوع الاجتماعي"، حيث تتسم النقاشات العامة والخطابات الإعلامية حول هذه القضايا بطابع جندري واضح. فالنساء المسلمات، على وجه الخصوص، يواجهن أشكالا مختلفة من التمييز مقارنة بالرجال المسلمين، خاصة بسبب الحجاب الذي يعد رمزا دينيا ظاهرا في الفضاء العام.

في المقابل، لا تثير أغطية الرأس الخاصة بالرجال، مثل العمامة أو القبعة الدينية، جدلا عاما لأنها لا تعتبر إلزامية، بل تلبس غالبا أثناء الصلاة فقط. وتظهر الدراسة أن "النساء المسلمات اللواتي يرتدين الحجاب أكثر عرضة للتمييز لأن الحجاب ينظر إليه على أنه أحد أبرز الرموز الدينية".

لتوضيح هذه الفكرة، أشارت الدراسة إلى تجربة ألمانية كشفت أن المرأة المحجبة ذات الاسم التركي تحتاج إلى إرسال عدد طلبات توظيف أكبر بمعدل 4.5 مرة مقارنة بامرأة غير محجبة ذات اسم ألماني. كما أوضحت أن ارتداء الحجاب يشكل عقبة أمام التدريب المهني في سويسرا، باستثناء التعليم العالي، حيث يظل الوصول إلى الدورات التدريبية محدودا في المجالات التربوية.

وفي السياق نفسه، تواجه النساء المحجبات صعوبات أكبر في العثور على فرص تدريبية حتى مع حصولهن على نتائج أكاديمية متميزة، مما يعيق وصولهن لاحقا إلى سوق العمل. وتبرز هذه التحديات بشكل خاص في الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تتمتع بمرونة أكبر في قرارات التوظيف، في حين أن الشركات الكبرى غالبًا ما تمتلك أقسامًا مختصة بمراقبة التنوع في عمليات التوظيف.

اتجاه مماثل في بلدان أوروبية أخرى

تتوافق نتائج هذه الدراسة مع أبحاث سابقة أجريت في دول أوروبية أخرى مثل فرنسا وإسبانيا وبلجيكا وألمانيا. وعلى الرغم من أن سويسرا ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي، إلا أنها كجزء من منطقة شنغن تتأثر بهذه الممارسات التي أصبحت محورا لدراسات متزايدة على المستوى الأوروبي.

وفي أكتوبر الماضي، أشارت "وكالة الحقوق الأساسية" التابعة للاتحاد الأوروبي إلى ارتفاع كبير في التمييز العنصري ضد المسلمين في 13 دولة أوروبية، لافتة إلى أن ما يقارب شخصا من بين كل اثنين تعرضوا لهذا التمييز خلال السنوات الخمس الماضية.

وأكدت الوكالة أن المسلمين غالبا ما يكونون ضحايا للتمييز أثناء البحث عن عمل (39%) أو في أماكن العمل (35%)، فيما أن اثنين من كل خمسة مسلمين في الاتحاد الأوروبي يعملون في وظائف دون مستوى مؤهلاتهم، مقارنةً بـ22% من عموم السكان.

تكون النساء المسلمات، وخاصة في الفئة العمرية 25-44 عامًا، أكثر عرضة للتمييز في التوظيف (41%) مقارنة بالفئات الأخرى (31%). كما أن الأشخاص المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء أو الشباب المسلمين المولودين في أوروبا أو النساء اللواتي يرتدين ملابس دينية يُعتبرون الأكثر تعرضًا لهذا النوع من التمييز، لا سيما في سوق العمل والإسكان.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال