القائمة

أخبار

دراسة: تأثير الروابط الحضرية والقروية ساهم في تراجع الفلاحة في الواحات المغربية

سلطت دراسة جديدة الضوء على تأثير العلاقات المتنامية بين المناطق القروية والمدن، مما أسهم في تراجع النشاط الفلاحي في الواحات الواقعة في جبال الأطلس العليا بالمغرب

نشر
DR
مدة القراءة: 3'

أظهرت دراسة حديثة أن الروابط المتنامية بين المناطق الحضرية والقروية، بالإضافة إلى توفر فرص العيش الجديدة في المدن، ساهمت في تراجع الفلاحة في الواحات الواقعة في جبال الأطلس العليا بالمغرب

في دراسة نشرت أمس الاثنين في المجلة العلمية البريطانية "نيتشر"، تم تسليط الضوء على حالة واحة تيزي نوشك، التي تقع على بعد 60 كيلومترًا من مراكش. كانت الواحة سابقًا مجتمعًا مكتفيًا ذاتيًا يزرع الحبوب ويربي المواشي، لكنها شهدت تحولات كبيرة في ممارساتها الفلاحية التقليدية بسبب التغيرات التي طرأت على العلاقات بين القرى والمدن.

تفسر الدراسة، التي أجراها ثلاثة باحثين من جامعة كاسل في ألمانيا، هذه التغيرات بتعزيز الروابط مع المدن، مما أدى إلى تقليص الاعتماد على الزراعة التقليدية وتحويل مصادر الدخل من الزراعة إلى التحويلات المالية التي يرسلها أفراد الأسرة العاملون في المدن أو إلى قطاع السياحة.

تمثل هذه التحولات جزءا من تحول أوسع في العلاقات بين القرى والمدن في المغرب. باستخدام استبيانات تتعلق بالممارسات الزراعية، وبيانات سكانية، وسجلات مناخية، إلى جانب تقنيات نظم المعلومات الجغرافية المتطورة، تحلل الدراسة التغيرات في استخدام الأراضي وأنماط المحاصيل على مدى 55 عامًا، من 1967 إلى 2022.

السياحة، البنية التحتية، والاعتماد على المدن

أظهرت النتائج أن الأراضي المزروعة في تيزي نوشك، قد شهدت تراجعًا كبيرا على مدار هذه العقود الخمسة، من 13 هكتارا في عام 1967 إلى 6.8 هكتارات في 2022. ويعود هذا التراجع إلى مجموعة من العوامل، أبرزها توسع البنية التحتية الحديثة وارتفاع التأثيرات الحضرية التي بدأت في العقد الأول من الألفية الجديدة.

ذكرت غالبية الأسر التي شملها الاستبيان (68%) أنها قامت بتقليص مساحة الأراضي المزروعة بنسبة تصل إلى الثلث خلال العشرين عامًا الماضية"، كما ورد في الدراسة. وأوضح الباحثون "من الأسباب الرئيسة لذلك نقص مياه الري (52%)، ونقص العمالة العائلية (47%)، بالإضافة إلى تجزئة الأراضي إلى مساحات صغيرة نتيجة لتوزيع الميراث".

كما شهدت الممارسات الزراعية تحولات كبيرة، حيث تخلت عن الأساليب التقليدية التي كانت تعتمد على الأسمدة الطبيعية، وأصبحت تركز أكثر على استخدام الأسمدة الكيميائية. كما تزايد الاعتماد على الزراعة الأحادية، خاصة زراعة الشعير الذي يُستخدم كعلف للمواشي.

إلى جانب التغيرات في الممارسات الزراعية وتغير مصادر الدخل، تساهم جغرافيا جبال الأطلس نفسها في دفع هذا التحول. فالتضاريس الوعرة في واحة تيزي نوشك جعلت الزراعة التقليدية مهمة صعبة وغير مجزية. وقد ساعدت هذه التحديات الجغرافية في تسريع التحول بين القرى والمدن.

وأوضح الباحثون، أن تراجع الإنتاج الفلاحي وزوال الأنظمة الزراعية لا يعود فقط إلى التغيرات البيئية كما يُشاع، بل يعود في المقام الأول إلى انخفاض الحوافز الاجتماعية-الاقتصادية للفلاحين للاستمرار في الزراعة التقليدية.

كما تسلط الدراسة الضوء على الاعتماد المتزايد على المدن، حيث أصبح العديد من سكان الواحة يعتمدون على دخل يتم تحصيله من المدن، إما من خلال التحويلات المالية التي يرسلها أفراد الأسرة أو عبر وظائف في قطاع السياحة. ويعكس هذا التحول أن الزراعة لم تعد المصدر الأساسي للعيش في المنطقة.

وخلصت الدراسة، إلى أنه على الرغم من أن استراتيجيات التكيف مع سبل العيش، مثل الاعتماد على قطاع السياحة، قد تكون مجدية في بعض الحالات، إلا أنها "غالبًا ما لا تساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي والتراث الثقافي في الأنظمة التقليدية للواحات".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال