القائمة

أخبار

نظام البعث في سوريا.. تاريخ من العلاقات المتوترة مع المغرب

لم تكن العلاقة بين نظام البعث الذي حكم سوريا لعقود طويلة، ودية دائما مع المغرب، فقد عملت سوريا على دعم البولياساريو والمعارضين اليساريين، وكانت أكثر قربا إلى النظام الجزائري.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

سقط يوم أمس الأحد نظام حزب البعث العربي الاشتراكي الذي حكم سوريا سنة 1963، مع دخول المعارضة المسلحة إلى العاصمة دمشق، وفرار الرئيس السابق بشار الأسد رفقة عائلته إلى روسيا.

ووصل حزب البعث العربي الاشتراكي إلى السلطة في سوريا عبر انقلاب عام 1963، ثم استولى حافظ الأسد والد بشار الأسد، على السلطة في انقلاب داخل الحزب عام 1970 وأصبح رئيسا لسوريا في عام 1971. وبعد وفاته سنة 2000 أصبح بشار الأسد رئيسا للبلاد.

وطيلة حقبة حكم سوريا من قبل حزب البعث تميزت العلاقات مع المغرب بنوع من الفتور والجمود بل والخصومة عموما، إذ لم يكن حكام سوريا (حافظ وبشار الأسد) على وفاق مع الملك الراحل الحسن الثاني، والملك محمد السادس.

وكان حزب البعث معروفا بعدائه للأنظمة الملكية العربية، وهو حزب يعتمد في إيديولوجيته القومية العربية، والاشتراكية، وهو ما جعله أقرب إلى الأنظمة ذات النهج الاشتراكي ومنها النظام الجزائري.

وسبق للراحل عبد الحليم خدام، النائب السابق للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ووزير خارجيته لسنوات طويلة، أن قال في تصريحات إعلامية، إن العلاقات بين سوريا والمغرب عرفت في الستينات انحباسا، سيما أمام المد البعثي والناصري.

واعترف خدام بدعم سوريا للمعارضة المغربية "من خلال نواة لحزب البعث تشتغل بشكل سري"، وأكد أيضا دعم الأسد الطلبة المغاربة المحسوبين على التيارات اليسارية، ومكنهم من منح دراسية في جامعات دمشق.

تحسن في العلاقات

ورغم العداء السوري، للمغرب إلا أن نظام الحسن الثاني، وعد خدام الذي زار المغرب في مارس من سنة 1972، بإرسال جنود إلى سوريا في حال شنها حربا على إسرائيل.

وأوضح خدام، أنه رغم أن المغرب كان يعيش حالة احتقان سياسي ويحاول تدبير مرحلة ما بعد الانقلاب العسكري، إلا أن الحسن الثاني تعهد بمد يد المساعدة وأَضاف "كانت الصورة التي نحملها عن الملك الحسن الثاني صورة مخيفة، عن ملك يقمع ويقتل، لكن بعدما جلست إليه وجدت أنه رجل حداثي وعميق، وقد أبان عن عاطفة قوية تجاه سوريا وحرص على دعمها". وأضاف أن العاهل المغربي خاطبه قائلا "نحن ليس لدينا بترول، لكن لدينا قوات سنرسلها لمساندة سوريا والمشاركة في الحرب إلى جانبها". وأضاف "أنا لم أصدق نفسي من الغبطة حين سمعت قوله، وأحسست كما لو أنني قطفت نجمة من السماء، الحسن الثاني سيرسل قوات لمساندة سوريا، في حين أننا كنا نحاربه ليل نهار".

وخلال اللقاء قال الحسن الثاني إن المملكة المغربية تلقت ضربات من طرف الأسد، مضيفا أن المغرب سيضمد كل الكدمات فقط لأن القضية العربية فوق كل اعتبار، مشيرا إلى أن المملكة هي أبعد بلد عن سوريا جغرافيا، إلا أنها الأقرب عرقيا ووجدانيا، لأن الرابطة العلوية تجمع الشعبين.

وكان المغرب أول بلد يرسل قواته إلى سوريا، حيث وصل الجنود المغاربة إلى دمشق، قبل بداية الحرب بعدة أشهر، ووضعوا تحت إمرة الجيش السوري.

وفي 22 فبراير 1972، وجه الحسن الثاني خطابا للمغاربة، قال فيه "شعبي العزيز قررنا كما قلت لكم أن نرسل ابتداء من أوائل شهر مارس مئات ومئات من قواتنا المسلحة وعشرات وعشرات من آلياتنا الحربية عن طريق الجزائر ومينائها إلى سوريا الشقيقة، وكان بودنا أن نلقي هذا الخطاب ونحن نخاطب جميع أفراد شعبنا للتطوع علما منا بأن في كل بيت وبيت مهما قال القائل أو كتب الكاتب أو كذب الكاذب، أن شعور المغاربة هو شعور موحد اتجاه القضايا العربية".

وفي 6 أكتوبر من سنة 1973، اندلعت الحرب، وبدأ الجنود المغاربة القتال، غير أن الجيش السوري تركهم دون حماية من سلاح الجو، وهو ما جعل الطيران الحربي الإسرائيلي يهاجمهم جوا، ما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء من بينهم.

عودة التوتر

لكن سرعان ما عادت الأمور للتوتر مجددا، وكانت سوريا الدولة العربية الثانية التي تعترف بـ"جمهورية" البوليساريو، في أبريل من سنة 1980.

وبعد ست سنوات من ذلك، تأزمت العلاقات أكثر بعد استقبال الحسن الثاني في يوليوز 1986 لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، شمعون بيريز، في مدينة إفران.  إذ شكل القائدان السوري والليبي  معمر القذافي، جبهة ضد الحسن الثاني، ونشرا بيانا ضد لقائه بالمسؤول الاسرائيلي.

ورد الملك الحسن الثاني بأن المغرب ما كان ليلتفت إلى التصريحات الانفعالية لحافظ الأسد والعقيد القذافي لو أنهما صرحا بها شفهيا في لحظة انفعال ضد المغرب، لكنهما قاما بصياغة بيان، وهو ما يفيد "بوجود سوء نية ورغبة في التصعيد ضد المغرب".

وفي نهاية الثمانينات وبداية التسعينات تحسنت الأمور كثيرا بين حافظ الأسد والملك الحسن الثاني، وكان الرئيس السوري السابق من بين الزعماء العرب الحاضرين في القمة العربية لسنة 1989 التي احتضنها المغرب,

وفي أكتوبر من سنة 1992، زار الحسن الثاني سوريا، غير أن الرئيس السوري حافظ الأسد قام بتغيير بروتوكول الزيارة الملكية في آخر لحظة، إذ كان مقررا أن يحضر إلى المطار لاستقبال الملك، لكنه تغيب وكلف وزير الخارجية بمهمة الاستقبال، وهو ما جعل الحسن الثاني غير راض، وبعد وصوله قرر التوجه أولا إلى مقبرة الشهداء بريف دمشق، للترحم على أرواح الشهداء المغاربة الذين استشهدوا في حرب الجولان دفاعا عن الأراضي السورية، بعد أن تركهم الأسد لمصيرهم في مواجهة القوات الإسرائيلية.

الربيع العربي.. عودة إلى المربع الأول

وظلت العلاقات تعيش مدا وجزرا بين البلدين، إلى غاية مارس من سنة 2011، حين خرج السوريون للمطالبة بإسقاط نظام بشار الأسد، بالتزامن مع الاحتجاجات التي شهدتها العديد من الدول العربية في إطار احتجاجات ما سمي بالربيع العربي، حيث قرر المغرب الوقوف في وجه نظام بشار الأسد.

وفي دجنبر من سنة 2012، نظم المغرب "مؤتمر أصدقاء الشعب السوري" دعما للمعارضة السورية، وتوجت أعمال المؤتمر بالاعتراف بـ "ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية" كممثل "شرعي وحيد للشعب السوري وكمظلة تنظيمية تأتلف تحتها أطياف المعارضة السورية".

كما دخل المغرب عبر ممثليه في الأمم المتحدة، في عدة مناسبات في جدال مع دبلوماسيين يتبعون نظام بشار الأسد في مختلف الهيئات التابعة للأمم المتحدة.

وكان المغرب أيضا، من بين الدول العربية التي عارضت عودة نظام بشار الأسد إلى الجامعة العربية، بعد تجميد عضويته فيها سنة 2011، وقدم عدة شروط من بينها إنهاء دعم دمشق لجبهة البولياساريو، والاعتراف بالوحدة الترابية للمغرب.

ويوم أمس الأحد، تمكنت المعارضة في ظرف أيام من اطلاق عملية عسكرية من شمال البلاد، إلى الوصول إلى دمشق، وإسقاط نظام عائلة الأسد الذي حكم البلاد الذي استمر لخمسة عقود ونصف.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال