القائمة

أخبار

دياسبو #365: مصطفى الراضي..من بائع سمك بسيط في القصر الكبير إلى بطل لكمال الأجسام ببلجيكا

مصطفى الراضي، الذي بدأ حياته بائعًا بسيطا للسمك، تمكن قبل أسبوعين من الفوز بلقب Mister Univers، كأول مغربي في بلجيكا يحقق هذا الإنجاز. هذا التتويج جاء بعد رحلة كفاح طويلة، خاصة بعد وفاة زوجته وتحمله مسؤولية تربية ابنته بمفرده.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

لحظة فوز مصطفى الراضي بلقب 'MISTER UNIVERS' في كمال الأجسام يوم 10 نونبر 2024 كانت أكثر من مجرد تتويج رياضي. خلف الكأس المرفوع والفخر الواضح في عينيه، تختبئ قصة طويلة من التحديات. سنوات من الكفاح في المغرب، ثم معاناة في بلجيكا، جعلت من هذا الإنجاز لحظة تتويجٍ لصبره وعزيمته

بدأ مصطفى، ابن مدينة القصر الكبير، العمل منذ سن الثامنة في بيع السمك، ليس فقط من أجل مساعدة عائلته، ولكن أيضًا ليتمكن من شراء أدواته المدرسية. وفي حديثه مع 'يابلادي' قال: 'بدأت أكافح وأنا في سن صغيرة. منذ صغري تعلمت كيف أعتمد على نفسي وأساعد عائلتي'. وعندما بلغ سن 16، بدأ يمارس رياضة كمال الأجسام في إحدى القاعات الرياضية بحيه، ليزداد شغفه بهذه الرياضة، ويصبح مدربًا. هذا وكان يتابع دراسته في الجامعة تخصص الحقوق، إلا أنه قرر مغادرتها بعد عامين.

في شهر ماي من عام 2016 تعرف، على زوجته المقيمة في بلجيكا وتزوجا لينتقل معها للعيش هناك، وفي الوقت الذي كان لديه تصور مختلف عن أوروبا ويراها أنها بلد الأحلام وأن الأمور ستكون أسهل اصطدم بالواقع.

في مدينة شارلورو، حيث عاش مصطفى في البداية، أمضى ثلاث سنوات دون عمل، وبدأ يشعر بأنه عبء على نفسه. ويحكي أن فرص العمل في تلك المدينة التي بدت له "كئيبة، ضئيلة جدا". فبعد أن فقد الأمل في تغيير وضعه، قرر الانتقال إلى بروكسيل. وفي اليوم الأول من وصوله، تمكن من العثور على وظيفة في محل لبيع السمك، المجال الذي كان يعرفه جيدًا منذ طفولته. استمر في هذا العمل لمدة عام ونصف، حتى جاءت جائحة كورونا التي أثرت على معظم الوظائف في القطاع، فتوقف هو أيضًا عن العمل. لكن بعد عام من ذلك قرر بفضل المبلغ الذي جمعه من عمله، فتح محله الخاص لبيع السمك. في هذه المرحلة، دفعته ضغوطات الحياة إلى التوقف عن ممارسة الرياضة التي كان يمارسها من حين لآخر عند وصوله إلى بلجيكا، وليس كما اعتاد في المغرب.

من بائع سمك صغير إلى بطل عالمي

لم تتغير الأمور كثيرًا حتى عام 2021، عندما تعرض مصطفى لصدمة كبيرة بوفاة زوجته ووجد نفسه أمام تحدٍ كبير، إذ أصبح عليه أن يعتني بابنته الصغيرة، التي كانت في الثالثة من عمرها، بمفرده. ويتذكر تلك المرحلة بنبرة حزن "وجدت نفسي وحيدا، كنت أتحمل كل مسؤولياتها، من الطعام والشراب إلى النظافة، وأصطحبها معي إلى المحل لكي أتمكن من العمل وفي نفس الوقت الاعتناء بها".

"تزامنت هذه المرحلة مع تداعيات جائحة كورونا، ما جعلني أعيش ضغطًا نفسيًا هائلًا. أصبح من الصعب التوفيق بين العمل ورعاية ابنتي، وشعرت أنني أخفق، ولكن رغم كل الصعوبات، كنت أواصل. في ماي 2024، قررت إغلاق المحل بعد أن تراجعت مداخيله".

بعد فترة من الراحة، قرر مصطفى العودة لمزاولة الرياضة، وفي أحد الأيام اكتشف بالصدفة وجود مسابقة متخصصة في كمال الأجسام، ما شكل له تحديًا كبيرًا. قرر أن يشارك في المسابقة، وبدأ في خوض تدريبات مكثفة واتباع حمية قاسية لمدة ستة أشهر استعدادًا لهذا التحدي. في 3 نونبر 2024، أُقيمت المنافسة في أرشوت ببلجيكا، ورغم أنها كانت المرة الأولى له في هذا المجال، إلا أنه تمكن من الحصول على المركز الرابع.

"خلال الفترة التي كنت أستعد فيها لهذه المنافسة، كان العديد من المعارف الذين ألتقيهم في الشارع يسألونني إن كنت أعاني من مرض ما، لأنني فقدت الوزن بشكل ملحوظ وتغير شكلي، حيث أنني أنقصت 15 كيلوغراماً"

ومع ذلك، لم تخلُ تجربته من صعوبات؛ فقد أحس بتعرضه لنوع من العنصرية من قبل أحد الحكام، وواجه عدة مشاكل خلال المنافسة، ما جعله يشعر بالغضب. هذا الإحباط دفعه إلى المشاركة في بطولة عالمية ليبرهن أنه، رغم كونه مبتدئاً ومن خلفية مهاجرة، قادر على إحداث الفرق. وقال البطل المغربي "تحدث لي المدرب عن بطولة MISTER UNIVERSE وأخبرني أنه للأسف لا يمكنني المشاركة إذا لم أنخرط في الجامعة المختصة في هذه الرياضة، BIFBB Belgium. لكن إصراري على الفوز دفعني إلى طرق باب الجامعة والانضمام إلى صفوفهم"

وفي 10 نونبر من هذا الشهر، صعد إلى خشبة المنافسة بكل فخر إلى جانب منافسين من 13 دولة، أمام لجنة تحكيم كبيرة، وحصل على المركز الأول "لأصبح أول مغربي عربي من بلجيكا يفوز بهذه المسابقة".

من ماض قاس إلى حاضر مشرق

اليوم، يطمح مصطفى لأن يصبح مدرباً محترفاً، ولذلك بدأ في متابعة دورات تدريبية للحصول على شهادات تتيح له العمل في هذا المجال بشكل مهني. ورغم أنه حاصل على شهادات من المغرب، إلا أنه لم يتم قبولها هناك. كما يستعد للمشاركة في بطولة أوروبا التي ستُقام في الأشهر المقبلة.

بعدما كانت الحياة تبدو صعبة في البداية، نجح مصطفى الآن في إيجاد توازن بين تدريباته ورعاية ابنته البالغة من العمر الآن 8 سنوات. ويتحدث بفخر عن وصوله إلى هذه المرحلة، قائلاً: 'خصصت لنا روتيناً خاصاً، وأصبحنا نقضي وقتاً ممتعاً معاً أكثر من أي وقت مضى.'"

حلم ممارسة هذه الرياضة "كان يراودني دائمًا، لكنه كان خاملاً في أعماق قلبي، حتى قررت أن أوقظه وأمنحه الحياة من جديد. استعدت نفسي وحلمي." وبعد فوزه الأخير، أصبح لدى مصطفى حلم أكبر: العودة إلى المغرب وافتتاح قاعات رياضية خاصة به. وختم حديثه قائلاً: "رغم سنوات الاستقرار التي قضيتها في بلجيكا، لم أشعر أبدًا أنني أنتمي إلى هذا المكان. جسدي هنا، لكن عقلي وقلبي في المغرب. لولا وجود ابنتي، لعدت إلى هناك منذ زمن، لكنني فضلت البقاء هنا طالما هي لا تزال صغيرة وتستحق حياة أفضل، على الأقل في هذه الفترة."

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال