القائمة

أخبار

معاناة مستمرة للقطاع السياحي في الحوز بعد مرور عام على الزلزال المدمر

إلى جانب الخسائر في الأرواح، خلف زلزال الحوز دماراً هائلاً في البنية التحتية، مما ألحق ضرراً بالغاً بقطاع السياحة والعاملين فيه. نتيجة لتضرر المشاريع السياحية ونقص الدعم، يواجه المشتغلون في القطاع تحديات كبيرة في جهود إعادة البناء. في الوقت نفسه، يواصل المرشدون السياحيون عملهم، على أمل تحسن الوضع بفضل مشاريع الترميم التي قد تسهم في استعادة النشاط السياحي تدريجياً في المنطقة.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

خلف زلزال الحوز المدمر الذي راح ضحيته حوالي 3000 شخص، وراءه أثرًا عميقًا ليس فقط على البنية التحتية، ولكن أيضًا على النفوس والآمال. وكان للفاعلين في قطاع السياحة نصيب كبير من التأثر بهذه الكارثة الطبيعية فقد كان الحوز، بموقعه الساحر بين الجبال ومناظره الطبيعية الخلابة، مقصدًا للسياح من كل حدب وصوب. ولكن، مع الزلزال، تضررت البنية التحتية بشكل كبير، وانهارت العديد من المرافق السياحية، مما أثر سلبًا على تدفق السياح.

ووجد الفاعلون في قطاع السياحة أنفسهم أمام مهمة شاقة، تتمثل في إعادة ترميم المرافق السياحية والترويج للمنطقة من جديد وواجهوا صعوبات جمة، بدءًا من نقص الموارد.

ومن بين هؤلاء الفاعلين السياحيين، سعيد الختاش، صاحب دار "أطلس أوداكر أمزميز" (Dar Atlas Ouadaker Amizmiz )، والذي دمر الزلزال البيت الذي توارثه عن أجداده وقام بتحويله إلى دار الضيافة عام 2000 و"ذلك بشكل كلي" وفي حديثه مع يابلادي عبر عن أسفه لإقصائه من الدعم الذي خصصته وزارة السياحة للفاعلين في المجال، بحكم أن الدار غير مصنفة وبأنه مأوى سياحي مرحلي. وقال "بالمقابل تمكنت من الحصول على الدعم الذي حددته الحكومة من أجل إعادة البناء، نظرا لأنني أنا أيضا كنت أعيش داخله أنا وأسرتي".

وعلى غرار شهادات بعض ساكنة المنطقة المتضررين، فقد أكد سعيد الختاش أن الدعم الذي حددته الحكومة في 80 ألف  "غير كاف البتة، مشيرا إلى أنه توصل بالدفعة الأولى (20 ألف درهم) واضطر إلى الإنفاق من ماله الخاص من أجل التمكن من وضع أساس البناء، وهو شرط مهم من أجل التوصل بالشطر الثاني من الدعم.

"كانت الدار مصدر رزقي الرئيسي، لكن الأمور تدهورت بشكل كبير بعد الزلزال. الآن أعيش في خيام أضعها لاستقبال الزبائن الذين اعتادوا زيارة المأوى قبل أن يتعرض للتدمير. على الرغم من تلقي العديد من الاتصالات من زبائن جدد، إلا أنني عندما أخبرهم بدمار المأوى وقدرتي على استقبالهم في الخيام وتنظيم جولات سياحية في المنطقة، يرفضون العرض.

سعيد الختاش، صاحب دار "أطلس أوداكر أمزميز 

ورغم أن السياح بدأوا يتوافدون على المنطقة تدريجياً مؤخراً، حسبما يقول سعيد الختاش، "إلا أن الأمر ليس كما كان في السابق. هناك تحسن، لكنه بطيء".
 
من جهته، قال عبد العزيز الهريم، صاحب دار "Gite entre les deux Vallées"، إنه على الرغم من أن "المأوى الخاص بي لم يتعرض للتدمير الكلي، إلا أنه تأثر بشدة جراء التشققات الكبيرة، وهو ما أدى إلى فقدان الزبائن، إذ أن معظمهم يرفضون الإقامة بمجرد رؤية التشققات".
 
ويحكي عبد العزيز بنبرة حزن، "تأثرت بشكل كبير من الزلزال، ولم أستفد من أي دعم، لأن السلطات المعنية أخبرتني أنني أمتلك منزلاً أعيش فيه مع أسرتي، وأنهم يعيدون بناء المساكن فقط وليس الفضاءات السياحية".
 
ومثل سعيد الختاش، فإن عبد العزيز كان يعتمد على المأوى السياحي الخاص به الذي افتتحه للزبائن منذ عام 2005. وقال: "حالياً لا أتوفر على أي مصدر رزق، وفي بعض الأحيان أستقبل زائراً أو زائرين فقط في عدة أشهر"، مشيراً إلى أنه لا يملك المال لإصلاحه.

ولم يسلم المرشدون السياحيون بدورهم من آثار الزلزال، ويشير عبد الله بنشواي، وهو مرشد سياحي من الجمعية الجهوية للمرشدين السياحيين في مدينة مراكش، إلى معاناة هذه الفئة. وقال "أقوم بجولات سياحية في جميع أنحاء البلاد، من المناطق الجبلية إلى المدن، وما ألاحظه يوميًا هو الأثر الكبير للزلزال على المنطقة." ويعود عبد الله بذاكرته إلى فترة ما بعد الزلزال مباشرة، قائلاً "عند وقوع الزلزال، توقفت السياحة في المنطقة بشكل مفاجئ، حيث ألغى الكثيرون حجوزاتهم، وهو أمر كان متوقعاً."

توقفت الأنشطة السياحية في البداية بسبب تضرر البنية التحتية، فقد تضررت الطرق والمآوي السياحية، حيث دُمر بعضها جزئيًا وبعضها بالكامل. نتيجة لهذا الوضع، اضطر المرشدون للبحث عن بدائل. قمنا بتغيير وجهتنا من منطقة إمليل إلى ويرغان، لأنها كانت أقل تضررًا."

عبد الله بنشواي

ويعتبر عبد الله أن هذه الوضعية تشكل "خسارة كبيرة للمنطقة وللسياحة بشكل عام." ويرى أن عملية إعادة البناء "كان من الأفضل أن يشرف عليها مختصون ومهندسون للحفاظ على جمال المنطقة، لأن ذلك سيجذب السياح بشكل أكبر."

وأضاف عبد الله أن المرشدين ينظمون جولات لزيارة مواقع مثل الحوز، إمليل، أمزميز، وتاحناوت لاستكشاف القصور والمعالم التاريخية. ورغم الأسى لما لحق هذه المواقع، يبقى لديهم الأمل خاصة بعد أن أُبلغوا بوجود خطط لترميمها. وأشار إلى أن بعض القصور تخضع حاليًا لأعمال ترميم، مثل قصر عبد الحليم في الرشيدية، بينما تم ترميم قصور أخرى بفضل جهود المنظمات غير الحكومية والجمعيات، مثل قصر الخوربات في أوجديد.

وأعرب عبد الله عن أمله في أن تمتد هذه الجهود لتشمل قصورًا وقصبات أخرى ذات تاريخ طويل، والتي كانت تعاني من ضعف بنيتها بسبب عوامل مختلفة، ولكن الزلزال فاقم من حالتها وأدى إلى انهيار العديد منها. كما عبّر عن حزنه على الدمار الذي لحق بالعمارة الأمازيغية في قرى مثل إمليل، وأسني، وأوريكة. ويرى عبد الله أنه من الضروري أن تكون هذه المباني مقاومة للزلازل، مع الحفاظ على الطابع المعماري المحلي. وأنهى حديثه قائلاً: "حماية هذا التراث هو ما يبقي الأمل حيًا في عودة السياح إلى المنطقة."

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال