القائمة

أخبار

دياسبو #342: الحسين تفرط.. رحلة صعود من شواطئ تاغازوت إلى مواجهة الأمواج العالمية

بدأ ولع الحسين تفرط برياضة ركوب الأمواج في سن صغيرة، وما لبت أن فرض اسمه في هذه الرياضة في المملكة وانضم للمنتخب المغربي، لكن ولضيق الأفق قرر الهروب من مقر إقامة المنتخب في البرتغال، لينضم بعد ذلك إلى الجامعة الاسبانية لركوب الأمواج في برشلونة وهو في سن السابعة عشرة، ويطمح الآن لأن يصير بطلا عالميا، ويخلص عائلته من براثن الفقر.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

يتابع الحسين تفرط، ابن تاغازوت بدقّة أحوال الطقس وحركة الرياح، التي يجب أن تكون مواتية، لمواجهة الأمواج المتلاطمة، منذ سن التاسعة، حيث بدأ ولعه برياضة ركوب الأمواج في هذه المنطقة التي تقع بين جبال الأطلس الكبير وسواحل المحيط الأطلسي. "وقتها كنت أرى السياح يمارسون رياضة ركوب الأمواج كنت أستمتع بمشاهدتهم، ومع مرور الوقت بدأت أفكر في خوض غمار هذه التجربة، أنا من عائلة فقيرة وآنذاك لم أكن أتوفر على الأموال لشراء المعدات اللازمة، وكنت أتوجه إلى بعض المحلات المتخصصة في بيع وكراء لوزام هذه الرياضة وكنت أطلب منهم إعطائي اللوح" يتذكر خلال حديثه مع يابلادي.

في البداية كان يقتصر على ممارسة هذه الرياضة، مرة أو مرتين في الأسبوع على أبعد تقدير، بسبب التزاماته الدراسية، وخوف عائلته من فقدانه في البحر. ولكنه لم يكن قادراً على مقاومة شغفه، فكان يهرب من المدرسة خلسة ليذهب إلى البحر، دون علم عائلته، لممارسة رياضته المفضلة، ويحكي قائلا "يوما بعد يوم اكتسبت مهارات أكبر، وعندما أحسست أنني أتقن هذه الرياضة، توجهت إلى أخ لي يكبرني سنا، وطلبت منه أن يشاهدني وأنا أمتطي الأمواج، اقتنع على الفور بمؤهلاتي، وقرر اقتناء لوحا لي، والملابس الخاصة بالركمجة" أنداك كان يبلغ من العمر عشرة سنوات.

هذه اللحظة شكلت علامة فارقة في مساره الرياضي، حيث انتقل من عالم الهواية إلى عالم الاحتراف، وبدأ يشارك في المسابقات. وانضم إلى أكاديمية "تادنغة" لركوب الأمواج، بتغازوت، وبالموازاة مع ذلك انضم إلى فريق متخصص في هذه الرياضية في المنطقة، وهو فريق تابع للجامعة الملكية لركوب الأمواج، "وبدأت أشارك باسمهم في المنافسات المحلية، في السنة الأولى حصلت على المرتبة الثانية وفي سنتي الثانية حصلت على المرتبة الأولى، آنذاك وصلت أخباري إلى الجامعة الملكية في 2022".

وقتها ربطت الجامعة اتصالاتها برئيس النادي، حيث أعربوا عن رغبتهم في ضم الرياضي إلى المنتخب الوطني، "بالفعل حملت قميص المنتخب وشاركت في بطولة دولية بالدار البيضاء وحصلت على المرتبة 75 عالميا، وفي 2023 فزت ببطولة المغرب للشباب، وبعد ذلك دخلنا في معسكر من أجل الإعداد للمشاركة في بطولة دولية وأنا في عمري 17 سنة".

"لدى وصولنا إلى البرتغال قررت الهرب من مقر إقامة المنتخب المغربي، وهو ما كنت قد خططت له مسبقا والبقاء في أوروبا بعلم من عائلتي، لكن ذلك كان بعد مشاركتي في المنافسة ووصولي إلى ربع نهاية البطولة. وقتها أدركت أنها اللحظة المناسبة للهرب. كنت أعلم أن البقاء في المغرب، لن يساعدني في تطوير ذاتي، خصوصا أن دخولي لهذه الرياضة في وطني لم يكن بهدف الوصول إلى العالمية كما صرت أطمح الآن، وإنما للابتعاد عن المشاكل أو التعاطي لأي نوع من الموبقات"

الحسين تفرط

بعدما تمكن من الهرب، توجه إلى إسبانيا بمساعدة أحد أصدقائه الذي كان في انتظاره في الجارة الإيبيرية، وتوجه إلى مركز لاستقبال المهاجرين القاصرين في برشلونة، وهي المدينة التي لازال يستقر بها حاليا، ثم طرق باب الجامعة الإسبانية لركوب الأمواج  (Fesurf Federación Española de Surf) حيث حظي باستقبال جيد، وأعرب الحسين عن امتنانه قائلا "وفروا لي كل ما طلبته، وبدأت أتدرب معهم، وكنت أحضر جميع التربصات، وجدت جميع التسهيلات والمساعدات المادية" أنداك حاولت الجامعة المغربية عن طريق القنصلية إعادته إلى المغرب، حيث عرض عليه مسؤولون في الجامعة مساعدات مادية "لكنني رفضت ذلك".

في إسبانيا آمنوا بقدراتي وموهبتي، لكن في وطني المغرب عشنا التهميش، رغم ذلك فإننا لا نملك إلا أن نحب وطننا، ونسعى إلى تشريفه من أي موقع كنا فيه. في المسابقات التي شاركت فيها في المغرب، كانت تشوبها المحسوبية والزبونية، كنا نعاني من التمييز. كنا مضطرين لدفع الأموال من جيوبنا للمشاركة في المسابقات، عكس إسبانيا"

الحسين تفرط

الاندماج في الجارة الإيبيرية، لم يشكل عائقا بالنسبة له، حتى أنه لم يستغرق وقتا طويلا لتعلم اللغة الإسبانية، "في البداية كنت أتكلم بالفرنسية والإنجليزية بحكم احتكاكي بالأجانب الذين كانوا يزورون كثيرا تاغازوت من أجل تعلم ركوب الأمواج"

وبدأ الحسين المشاركة في المنافسات الرسمية منذ السنة الماضية، وكانت أول بطولة له هي بطولة كاتالونيا التي حل فيها في المركز الخامس "كنا نسافر مرة في الشهرين إلى فرنسا من أجل التدرب، نظرا لوجود أمواج ملائمة" ويستعد راكب الأمواج المغربي، إلى خوض غمار منافسة أخرى في شهر غشت المقبل.

في مارس الماضي، وبعد تسوية أوضاعه القانونية قدم الحسين في زيارة للمغرب، ويحكي الرياضي المغربي الذي يبلغ من العمر حاليا 19 عاما، "كانت الأحاسيس متضاربة، التقيت أصدقائي، لكن لم أندم على رحيلي رغم حبي للوطن، كنت أفكر منذ صغر سني أن أساهم في مساعدة عائلتي وإخوتي، خصوصا وأن والدي توفي وأن في سن 13"

وبالموازاة مع ولعه واحترافه لرياضة ركوب الأمواج، عاد الحسين إلى مقاعد الدراسة في إسبانيا، بعدما كان قد تخلى عنها في وطنه الأم وهو في مستوى السنة الثالثة إعدادي، حيث يتابع تعليمه حاليا في شعبة الإليكترو ميكانيك، ويعمل نادلا في إحدى المطاعم في وقت الفراغ. وأنهى الحسين حديثه قائلا "حلمي أن أصير بطلا عالميا، أطمح للانضمام إلى المنتخب الإسباني".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال