في خمسينيات القرن العشرين، استقرت إيفلين نيتزيرت، وهي أمريكية عاشقة للطبخ، في الدار البيضاء، رفقة زوجها، المهندس الأمريكي الذي كان يعمل بقاعدة نوراسور الجوية التابعة للقوات الجوية الأمريكية، وذلك خلال الفترة ما بين 1951 إلى 1963.
كونها صحفية مستقلة وطاهية هاوية، وجدت إيفلين المولودة في كولورادو، شغفًا جديدًا بسرعة، وذلك بعد اكتشافها كنز المطبخ المغربي، المتمثل في الكسكس، والبسطيلة، والطاجين والعديد من الأطباق الشهية الأخرى.
وبدأت إيفلين البحث في كل مكان عن كتاب طبخ مغربي يمكنها قراءته وربما مشاركته مع الأمريكيين المغتربين الآخرين لكن دون جدوى، وهو ما دفعها إلى كتابة كتابها الخاص، والذي أصبح أول كتاب طبخ مغربي باللغة الإنجليزية.
ومع ذلك، لم يكن كتاب الطبخ المغربي لإيفلين كتابا عاديًا، إذ تم اختبار وصفاته وتعديلها لتناسب الأذواق الأمريكية، وفقًا لمقال نُشر عام 1957 حول المشروع.
50 وصفة مغربية معدلة لتناسب الأذواق الأمريكية
لجمع وصفاتها المغربية المفضلة، قامت إيفلين، "برفقة بعض الأصدقاء المغاربة، بزيارة منازل العديد من العائلات"، وفقًا لمقال نُشر في عدد يوليوز من صحيفة The Sunday Star. حتى أنها "سافرت إلى الصحراء للحصول على وصفات من قبائل الأمازيغ".
بعد أن تجولت في جميع أنحاء المغرب لجمع 50 وصفة أدرجتها في كتابها، قامت إيفلين، بفضل مساعدتها في المنزل وهي مغربية، "باختبار وتعديل الوصفات لتناسب الأذواق الأمريكية وطرق الطهي الأمريكية".
كانت تعتقد أن طهي الطعام ببطء في أواني فخارية، "الطاجين"، على مواقد الفحم الصغيرة هو درس مغربي في الصبر، وهو أمر "لا تملكه بعض ربات المنازل الأمريكيات".
بعد جمع وتذوق وتعديل وصفاتها المغربية، واجهت المغتربة الأمريكية صعوبة في نشر كتابها، وذلك بسبب الوضع السياسي في المغرب في منتصف الخمسينيات.
وبحسب المصدر نفسه، "كانت البلاد في وسط حرب عصابات مع الفرنسيين". ووقتها قالت إيفلين لصحيفة Sunday Star إن صاحب دار النشر في الدار البيضاء المكلف بنشر كتابها كان "سيء السمعة لدى الحكومة".
على الرغم من أنه كان فرنسيًا، إلا أن الناشر "كان يتعاطف مع السكان المحليين" وغالبًا ما كانت إيفلين "تصل لتصحيح بروفات الكتاب وتجد المكان مغلقًا". ولهذا السبب تمت طباعة كتابها دون مراجعة، على حد قولها.
لذلك، "هناك العديد من الأخطاء الطباعية فيه"، حسب ما نقلت صحيفة واشنطن دي سي، عن إيفلين، وقالت "كان عليّ الانتقال من القاعدة إلى الدار البيضاء في سيارة جيب مضادة للرصاص - لم نكن نعلم من سيُطلق عليه النار بعد ذلك".
ونشرت صحيفة Sunday Star، صورة لإيفلين وهي ترتدي قفطانًا مغربيًا، ونعالًا مطرزة، وتجلس بجانب أدوات مطبخ نحاسية تقليدية. وفي المقال، الذي يُعد المرجع الوحيد لكتابها "الطبخ المغربي"، قالت إيفلين إنها أرادت تضمين أكثر من 50 وصفة مغربية في جزء ثانٍ من كتابها. وهو حلم لم يتحقق أبدًا.
اليوم، يُباع كتاب "الطبخ المغربي" (Moroccan Cookery)، الذي نُشر عام 1954، على منصة الكتب القديمة، ويُعتبر واحدًا من أقدم الكتب باللغة الإنجليزية عن المطبخ المغربي.