في سنة 1952، حاول أحمد بلافريج إلقاء كلمة أمام مجلس الأمن الدولي، للدفاع عن ضرورة جلاء الاستعمار الفرنسي عن المغرب، ورفضت فرنسا السماح له بذلك بحجة أن المغرب مستعمرة فرنسية.
وأمام هذا الوضع تدخلت باكستان التي كانت قد استقلت سنة 1947، وأمر وزير الخارجية الباكستاني، ظفر الله خان، بإصدار جواز سفر باكستاني لبلافريج، في أسرع وقت.
ويقول المهدي بنونة وهو من الوجوه البارزة في الحركة الوطنية "أصدرت سلطات الحماية بالرباط أمرا بإلغاء صلاحية جواز بلافريج سنة 1952، وهذا الإلغاء يجعل إقامته في الولايات المتحدة عرضة للإلغاء، ولذلك توجب عليه أن يجد حلا مستعجلا لوضعيته، وكنت على صلة وثيقة منذ 1947 بوزير خارجية باكستان، المرحوم السيد محمد ظفر الله خان، وأعرف كبير عطفه على المغرب، وحماسه لقضيتنا الوطنية. فقلت لبلافريج لماذا لا تطلب من ظفر الله خان جواز سفر باكستاني، فرد علي بعنف قائلا: "وهل ترضى لي أن يجيبني الوزير الباكستاني بالرفض؟".
دهشة فرنسية
وتوجه بنونة إلى مقر البعثة الباكستانية لدى الأمم المتحدة واجتمع بوزير الخارجية الباكستاني، وأخبره بالوضع، فأمر بإصدار مرسوم يمنح الجنسية الباكستانية لأحمد بلافريج والموافقة على تعيينه عضوا في وفد باكستان لدى الأمم المتحدة.
وعندما جلس بلافريج في اليوم الموالي مع وفد باكستان في مجلس الأمن، طلب مندوب فرنسا من الأمين العام للأمم المتحدة "إخراج شخص غريب من القاعة لأنه لا يتوفر على الشروط التي تخوله الجلوس مع الوفود"، ليصاب بالدهشة بعدما علم بأنه باكستاني الجنسية، وبأنه ضمن الوفد الباكستاني.
وألقى كلمة أمام مجلس الأمن، أعرب فيها عن امتنانه للمساعدة الباكستانية، وطالب بجلاء الاستعمار الفرنسي.
واحتجت فرنسا لدى الحكومة الباكستانية، التي رفضت التراجع عن منح بلافريج الجنسية.
We were honored by the visit of M.Anis Balafrej. I presented him with a copy of the same Pakistani diplomatic passport issued to his father Mr Ahmed Balafrej in 1952.Long live Pak-Morocco friendship and cooperation!The Embassy in Rabat is located on the Avenue that bears his name pic.twitter.com/zJkGkgtknY
— Pakistan Embassy Morocco (@PakinMorocco) December 29, 2021
واستعمل بعد ذلك بلافريج الجواز الباكستاني من أجل التجول بين مختلف دول العالم للدفاع عن استقلال المغرب، والمطالبة بعودة الملك محمد الخامس الذي أقدم الجنرال كيوم على نفيه إلى مدغشقر في غشت 1953.
وبعد تعيينه وزيرا للخارجية في أول حكومة بعد استقلال المغرب سنة 1956، كان بلافريج يضع الجواز الباكستاني على مكتبه.
علاقات مستمرة
ومنذ ذلك الوقت تتمتع باكستان بعلاقات دبلوماسية ممتازة مع المغرب، وقد دأب البلدان على دعم بعضهما البعض في شؤونهما الداخلية والدولية.
وفي 02 شتنبر 1955، قدم رئيس الوزراء الباكستاني شودري محمد علي، من خلال مقاطعة اجتماعات أممية، "الدعم الكامل لقضية شعب المغرب في نضاله من أجل الاستقلال".
واستمر التقارب بين البلدين في أعقاب الحرب بين باكستان والهند عام 1971، حيث أكد المغرب دعمه لوحدة باكستان وسلامة أراضيها.
كما أن اعتراف المغرب ببنغلاديش التي انفصلت عن باكستان عام 1971، جاء في وقت متأخر (13 يوليو 1973). بالمقابل عبرت باكستان في العديد من المناسبات عن دعمها للموقف المغربي من نزاع الصحراء.
وفي غشت 2021 قال حميد أصغر خان سفير الباكستاني في الرباط، خلال لقاء بوسائل إعلام مغربية إن بلاده لديها موقف واضح من قضية الصحراء، فهي لم تعترف أبدا لا بجبهة "البوليساريو" ولا بـ "الجمهورية الصحراوية"، مضيفا "دائما ساندنا المغرب في المسار الأممي".
وفي أكتوبر من سنة 2021، أجرت القوات الخاصة الباكستانية والمغربية أول مناورات عسكرية ثنائية مشتركة تضمنت برنامجاً تدريبياً لمدة أسبوعين في باكستان.
وبدعوة من رئيس أركان البحرية الباكستانية، شارك المغرب في التمرين البحري الثامن "أمان" (السلام) الذي نُظم في الفترة من 10 إلى 14 فبراير 2023، والذي أسفر عن محادثات شاملة حول المصالح المتبادلة والتعاون البحري والأمن البحري الإقليمي والتعاون الثنائي.