القائمة

أخبار

في نفس الظروف وبنفس الطريقة.. حالتي اختفاء غامضتين في مهرجان لموسيقى التيكنو بالصحراء

انتشر مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج يحمل اسم "justice_for_anas"، ويتعلق الأمر بقضيتي اختفاء غامضتين لشابين في العشرينات يحملان نفس الاسم، في نسختين متتاليتين من مهرجان "Tribal dynamo" لموسيقى "التيكنو" الذي ينظم في الصحراء.

نشر
على اليمين أنس أبخان، وعلى يسار الصورة أنس عوج
مدة القراءة: 6'

تفجرت خلال الأيام الماضية، قضيتي اختفاء غامضتين، أعادت إلى الأذهان قضية الشاب المهدي التهامي بناني. ويتعلق الأمر هذه المرة بشابين في العشرينات من العمر، والغريب أنهما يحملان نفس الاسم، واختفيا في نفس المكان ونفس الظروف، لكن في أوقات مختلفة. بدأت الواقعة بعدما قررا الذهاب لحضور مهرجان "Tribaldynamo" الذي وجهت له أصابع الاتهام من طرف مجموعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

وتعود أحداث الواقعة الأولى، لـ 31 دجنبر 2022، وضحيتها أنس عوج البالغ من العمر 22 عاما، وهو طالب في السنة الثانية ضمن شعبة إدارة الأعمال، بمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، وكان قد غادر منزله الواقع في مدينة مراكش في الساعات الأولى من صباح ذلك اليوم في اتجاه مدينة كلميم. وتحكي فاطمة عوج أخت أنس في حديثها لموقع يابلادي قائلة "في البداية اعترضنا جميعا على سفره" لكن بحكم أن أنس كان قد تعرض لحادث سير تسبب في شلل إحدى يديه، ورقوده في الفراش لمدة ستة أشهر، "استسلمنا في نهاية المطاف، رغبة منا في التنفيس عن نفسه".

وبالفعل وصل أنس إلى مدينة كلميم وتواصل مع عائلته، وأخبرهم أن مكان المهرجان قد تغير وأنه سينظم في منطقة تافراوت، لأن السلطات منعت المنظمين، مما دفعهم إلى تغيير الوجهة. لكن أنس وعائلته لم يكونوا على علم بما يخبئه القدر، وتحكي فاطمة، "في الأول من يناير، وتحديدا في المساء توصلنا باتصال من أنس وهو يصرخ من الخوف، وبدأ يطلب من والدي تدوين اسمين لصديقين له وأنه في حال حصل له أي مكروه، فذلك بسببهما" بعد هذه اللحظة سمعت العائلة ابنها يردد لفظ الشهادة وانقطع الخط.

صوت أنس وهو يصرخ لازال راسخا في أذهان أسرته وأخته التي تابعت حديثها لموقعنا قائلة "حاولنا التواصل معه مرات عديدة، لكن هاتفه ظل يرن دون أي رد" بعد ذلك تمكنت الأسرة من التواصل على رقم ابنها، لكن كان على الخط "واحد من أصدقائه اللذين قمنا بتدوين اسميهما أخبرنا أن أنس تعاطى لمخدر  LSD وبدأ في الهلوسة وأنه لي يمكننا التحدث معه، وفي كل مرة  كنا نتصل يخبروننا أنه لم يسترجع وعيه بعد، في الأخير أخبرونا أنه غادر ولا يعرفان مكانه، وأن هاتفه وأمتعته بحوزتهما".

في تلك اللحظة، كان والد أنس قد وصل إلى عين المكان، وطلب منهما أن يأتيا إليه من أجل البحث معا عن أنس، ليتفاجأ بشخص غريب أمامه، تم إرساله من طرف أصدقاء أنس من أجل إيصال أغراض الشاب المختفي.

"توجه والدي إلى الدرك الملكي من أجل إشعارهم بالواقعة كما قام بالبحث في مستشفيات المنطقة، على أمل أن يعثر عليه لكن دون جدوى، وعند عودته إلى مراكش قمنا بتقديم شكاية ضد أصدقائه، وبالفعل تم استدعاؤهما، وكانت أقوالهما متضاربة، وأخبرا الشرطة أنهما كانا تحت تأثير المخدرات ولا يتذكرا أي شيء، وتم إطلاق سراحهما بعد التحقيق، دون إجراء أي خبرة على هواتفهما، ولا زلنا لحد الآن لا نعلم أي شيء على الواقعة، ولم يتم تعميق البحث أكثر في القضية".

فاطمة عوج

نفس الأحداث عاشتها عائلة أنس أبخان البالغ من العمر 26 عاما، الذي تغيب عن الأنظار في نفس المهرجان، لكن خلال دورته السابقة. لم يخطط أنس ابن مدينة الدار البيضاء، في البداية لحضور هذا الحدث، حيث سافر خلال مطلع شهر دجنبر إلى مير اللفت، التابعة لسيدي إفني، من أجل إطلاق مشروع صغير، وقالت أمينة، والدة أنس "قمنا بمساعدته من أجل كراء منزل هناك، بغرض تحويله إلى بيت للضيافة، لاستقبال السياح".

في البداية أي قبل شهر من الاختفاء، كانت الأمور على ما يرام، وتحكي والدته قائلة "كنا نتواصل معه بشكل يومي، إلى أن قرر السفر لحضور المهرجان الذي تم تنظيمه بقرية ترميكت الواقعة نواحي ورزازات". فعند وصوله إلى هناك، تواصل مع والده لكن عن طريق هاتف صديقه بحكم أن هاتفه تعرض لعطل "أخبرنا أنه تعرض للسرقة وطلب منا أن نعاود الاتصال به في نفس الرقم بعد ساعة ونصف إلى أن يحل المشكل".

وهو ما قام به والده بالفعل، فعند الساعة الواحدة ونصف ليلا، حاول الاتصال بالرقم نفسه، لكن دون جدوى، وهو الأمر الذي دفع الأسرة إلى القلق أكثر بشأن ابنها، وأضافت أمينة "بدأنا نتصل بالرقم نفسه طوال الليل إلى غاية الرابعة زوالا من اليوم الموالي، حيث رد علينا صديقه صاحب الهاتف، أخبرنا أن أنس كان في حالة هستيرية" بعدها خلدوا إلى النوم جميعا، وعند استيقاظهم اكتشفوا أن أنس حمل أغراضه وغادر دون أن يعرفوا وجهته. هذه هي الرواية التي "أخبرونا بها في البداية لكن تغيرت فيما بعد وأخبرونا أنه ترك حقيبته ولم يحمل أي من أغراضه" ليترك أصدقاء أنس، أسرته في حيرة من أمرها.

بعد ذلك انتقلت العائلة إلى عين المكان، لإشعار الدرك كما حاولوا بدورهم القيام بزيارة للمستشفيات من أجل البحث، لكن دون جدوى، وقالت والدته "في البداية قمنا بإشعار السلطات على أساس أنها حالة اختفاء لكن، غموض القضية جعلنا نقدم شكاية عند عودتنا للدار البيضاء، ضد الأصدقاء اللذين كانوا برفقته، ويوم الجمعة الماضي، أعطى وكيل الملك قراره بفتح تحقيق في القضية، ولا زلنا ننتظر نتائج التحقيق"

"بعد أسبوعين من الاختفاء توصلنا باتصال على رقم البيت، أخبرونا أنهم من السفارة الإسبانية في المغرب، وأن أنس هاجر إلى إسبانيا، ويتواجد حاليا بمركز للشرطة في مدريد وأنه في حاجة إلى الأغطية والأكل، رغم أننا سمعنا أنه في مركز الشرطة، لكن الخبر أسعدنا، قلنا على الأقل أننا نعرف مكان تواجده، ما جعلنا نرسل أقربائنا المتواجدين بديار المهجر إلى هناك لكن في الأخير تبين أنها مجرد خدعة"

والدة أنس أبخان

بعد تفجر هاتين القضين المتشابهتين، وجه رواد موقع التواصل الاجتماعي، اللذين أطلقوا هاشتاج يحمل اسم (justice_for_anas) أصابع الاتهام لمهرجان "Tribal dynamo"  لموسيقى التيكنو، الذي بدأ البعض يتساءل عن ظروف تنظيمه. وخلال حديثها مع موقع يابلادي، عبرت إدارة المهرجان عن تأسفها للحادثتين وقالت "اختفاء الشابين أثر فينا بشكل كبير، وحاولنا بدورنا البحث عنهما في مجموعة من الأماكن، ونشر صورهما على وسائل التواصل الخاصة بنا، نتأسف لهاتين الواقعتين الخارجتين عن إرادتنا". صحيح أن القضيتين أثرتا نوعا ما على صورة المهرجان، إن أن إدارته عازمة على "العمل على الحفاظ على صورتنا. نتمنى ألا يكون أشخاص وراء حدوث ذلك، وأنها ليس حالتا اختفاء مدبرة".

ونظمت النسخة الأولى من هذا المهرجان الذي يمتد لثلاثة أيام، عام 2015، ليكتسب شهرة كبيرة وسط محبي هذا النوع من الموسيقى، وأضافت الإدارة "اخترنا تنظيم المهرجان في الصحراء، من أجل الترويج والنهوض بقطاع السياحة من خلال تقديم فننا، كما أن اختيارنا لشهر دجنبر لم يكن عشوائي، وأنه مدروس، بحكم تزامنه مع العطل الأجنبية، وبالتالي استقطاب الأجانب إلى المنطقة".

وحول تعاطي البعض للمخدرات خلال هذا المهرجان الذي ينظم بشكل مجاني، علقت الإدارة قائلة "لا نشجع ولا نتسامح مع هذه السلوكيات، لكن في نفس الوقت نؤمن بالحريات الفردية وليس بمقدورنا منع الحضور من ذلك. نحن مسؤولون على الفن الذي نقدمه فقط".

ولم تنفي الإدارة خبر تنظيم المهرجان بدون رخصة، مشيرة إلى أنها سعت إلى ذلك في عدة مناسبات لكن "السلطات المعنية في المنطقة تمتنع عن ذلك، لأنها تتوصل بشكاية من مجموعة من الجمعيات، التي ترى الفن الذي يقدمه المهرجان على أنه "زندقة، وأننا عبدة الشيطان"، الأمر الذي تنفيه الإدارة قطعا، وشددت قائلة "هدفنا من هذا المهرجان هدف نبيل، نؤكد أننا نرغب في النهوض بقطاع السياحة، كما أن أجواء المهرجان، تمر في أجواء من الدفء والحب والسلام، بين مختلف الجنسيات، كما يعرف المهرجان حضور عائلات بينهم أطفال، عكس ما يروج له البعض، خصوصا بعض تفجر قضيتي الاختفاء". وبالإضافة إلى مؤسسي ومنظمي المهرجان، ينظم إلى المجموعة "آلاف الموسيقيين المتطوعين" حسب المصدر نفسه.

آخر تحديث للمقال : 15/02/2024 على 16h06

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال