في خضم جائحة كوفيد 19، حاول الكثيرون، أثناء فترة الحجر المنزلي، الترفيه عن أنفسهم، كل بطريقته الخاصة. من بين هؤلاء، نورة المراس، التي قضت فترة الحجر في منزل أسرتها في قرية قريبة من بيوڭرى، الواقعة في إقليم اشتوكة آيت باها بجهة سوس ماسة، ما جعلها تشعر بكثير من الملل. وهو الأمر الذي دفعها إلى استغلال هذا الوقت في تعلم لغات جديدة، لتصبح اليوم بعد أربع سنوات تقريبًا، متعددة اللغات.
بدأت رحلة نورة البالغة من العمر 24 عاما، مع تعلم اللغات، عندما قررت التقليل من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والقيام بشيء مثمر في وقتها. ولأنها من أشد المعجبين بالمسلسلات التركية، قررت أن تبدأ باللغة التركية. وقالت نورة خلال حديثها مع موقع يابلادي "لم يكن لدي أي حساب على إنستغرام أو فيسبوك، لذلك كان لدي الكثير من الوقت بين يدي، وفجأة، أدركت ضرورة تعلم لغة جديدة وبدأت باللغة التركية".
وقبل اللغة التركية، فنورة تتقن التشلحيت، لغتها الأم، والفرنسية بالإضافة إلى الإنجليزية، التي تلقنت دروسها من خلال برنامج تعلم الإنجليزية التابع للسفارة الأمريكية. وبعد اكتسابها معرفة عن اللغة التركية، قادها حماسها، إلى اللغة الإسبانية، وهي اللغة التي كانت أكثر دراية بها.
لكن طريقة نورة في تعلم هذه اللغات لم تكن تقليدية على الإطلاق. وقالت "لم أستخدم الكتب لأنني وقتها لم أكن أملك كتبا باللغة التركية أو الإسبانية"
ولع بالتحديات الجديدة
وبدلاً من ذلك، استخدمت الشابة طريقة ممتعة للتعلم، من خلال مشاهدة الأفلام والمسلسلات ومقاطع الفيديو على اليوتيوب. بعد أشهر من تعلم اللغتين التركية والإسبانية، بدأ لدى نورة هوس جديد، وهو اللغة الصينية.
"لدينا في إنزكان، سوق ضخم، اسمه مكتوب بالتيفيناغ والإسبانية والإنجليزية، وهي لغات أصبح بإمكاني قراءتها. لكن كانت هناك بعض الحروف التي لم أتمكن من قراءتها، كانت مكتوبة باللغة الصينية. مما دفعني إلى تعلم اللغة"
بدأت هذه الشابة، المولعة بالتحديات الجديدة، في تعلم اللغة باستخدام الطريقة التي اعتادت عليها، وهي مشاهدة المسلسلات ومقاطع الفيديو على اليوتيوب. وقالت "تعتبر اللغة الصينية من أسهل اللغات التي يمكن تعلمها، كما أن قواعدها سهلة للغاية مقارنة باللغات الأخرى. ما هو صعب في هذه اللغة هو الكتابة والنطق أيضًا".
وبعد اكتسابها معرفة كبيرة بهذه اللغات، انتقلت إلى اللغة الروسية. لتقرر نورة بعد ذلك، مشاركة شغفها باللغات على وسائل التواصل الاجتماعي. وبحلول أبريل 2022، أنشأت صفحتها الخاصة على إنستغرام أطلقت عليها اسم "دعونا نكون متعددي اللغات"، حيث بدأت تشارك مع متابعيها مقاطع فيديو خاصة بتعليم التشلحيت والفرنسية والإنجليزية والتركية والصينية والروسية.
"هدفي هو أن أظهر للمتابعين أنه يمكنهم تعلم لغات أخرى، وليس فقط الإنجليزية والفرنسية. على سبيل المثال اللغة الإسبانية، إذ يمكننا الذهاب بسهولة إلى إسبانيا فهي ليست بعيدة جدًا، فلماذا لا نتعلم اللغة الإسبانية؟ يقضي الكثير من الناس وقتهم في مشاهدة المسلسلات التركية، فلماذا لا تستغل هذا الوقت في تعلم اللغة من خلال هذه المسلسلات نفسها؟ الفكرة من ذلك هي الاستمتاع والتعلم في نفس الوقت".
وتستغل نورة، التي تعمل حاليًا في مركز نداء، وقت فراغها في تعلم لغات جديدة، وهو ما لازالت تشاركه مع متابعيها. ولهذا السبب، فهي لا تلتزم بمحتوى تعليمي واحد "لا أريد التمسك بشيء واحد. على الرغم من أن الكثير من الناس يطلبون مني الالتزام بلغة واحدة، مثل اللغة الإنجليزية، إلا أنني لا أستطيع ذلك. لأنني شخصياً، أشعر بالملل، مع تكرار الشي نفسه"
كما تفتخر الشابة التي درست علوم الكمبيوتر التطبيقية، بتدريس لغة أجدادها، الأمازيغية، التي تحظى باهتمام أكبر عبر الإنترنت. "لاحظت إقبالا كبيرا على تعلم اللغة. حتى أنني أتلقى رسائل مباشرة من أشخاص يسألونني إذا كنت أقوم بدروس خصوصية في تاشلحيت".
تخطط نورة التي تشتغل عن بعد، لتقديم المزيد من المحتويات الممتعة والمسلية عبر الإنترنت، من خلال تعليم اللغات التي تتقنها والتعلم من قريتها تين القائد علي. "هنا، أشعر بالراحة، أستطيع أن أقوم بالأشياء التي أحبها' وتحكي بنبرة فخر واعتزاز "أنا فقط أحب الدوار الذي أنحدر منه".
ومن داخل قريتها الصغيرة، تحلم نورة بتحقيق أحلام كبيرة، في رحلتها مع تعلم اللغات، إذ تخطط للحصول على شهادة وإطلاق دروس اللغة الخاصة بها عبر الإنترنت في المستقبل. أما الآن، فهي منغمسة في تعلم اللغة الهندية واليابانية.