قال المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إن المجتمع المدني المغربي يتسم بديناميته ومصداقيته وأنشطته التي تساهم بفعالية في مسار عدد من أوراش التطور، إلا أنه "يلاحظ اليوم نوع من التراخي في زخم الحياة الجمعوية".
وأضاف أنه "بعد مرور أكثر من عشر سنوات على التكريس الدستوري للمجتمع المدني، وانطلاق هاتين المبادرتين الوطنيتين اللتين شاركت فيهما الآلاف من الجمعيات، والشروع في تفعيل الاستراتيجية الطموحة التي اعتمدتها السلطات العمومية في هذا المجال، يظل واقع حال هذا الورش التحولي الهام دون طموح مختلف الفاعلين وانتظاراتهم".
ومن بين الإكراهات المستمرة، حسب المجلس "ممارسات إدارية تقييدية أحيانا لا تشجع على إنشاء جمعيات أو تجديد أجهزتها التسييرية طبقا للمقتضيات القانونية المتعلقة بالحق في تأسيس الجمعيات، وتعقيد وبطء الإجراءات المتعلقة بحق الجمعيات في تقديـم العرائض، ومآل العرائض التي صرحت الجماعات الترابية بقبولها.
ومن بين الإكراهات أيضا محدودية الدعم العمومي المقدم للجمعيات، وصعوبة الولوج إلى الفضاء العمومي لتنظيم أنشطة الجمعيات، وعدم ملاءمة التدابير الضريبية لخصوصيات الجمعيات، ومحدودية ولوج هذه الأخيرة إلى التمويل العمومي.
ودعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى إعطاء دفعة جديدة وقوية للحياة الجمعوية بما يُمَكِّنُهَا من المساهمة بفعالية في تنمية المملكة، واقترح مَسلكيْن للتغيير، الأول من خلال تدابير ذات طبيعة قانونية وهيكلية: ملاءمة الظهيـر الشـريف رقـم 1.58.376 بتنظيم حق تأسيس الجمعيات مع أحكام دستور 2011، واعتماد إطار قانوني خاص بالمؤسسات، وبالجمعيــات المهتمــة بقضايــا الشأن العام.
وتوضيح شرط "أن يكون ]للجمعية[هدف له طابع المصلحة العامة" للحصول على الاعتراف بصفة المنفعة العامة، وإرساء معايير واضحة وملزمة تعلل منح هذه الصفة إلى الجمعيـات أو رفضها، وتبسـيط شـروط الحصـول علـى الإذن الخـاص بالتقاضـي، بالنسبة لجمعيـات حمايـة المسـتهلك غيـر المعتـرف لهـا بصفـة المنفعـة العامـة.
وضع إطار قانوني ملائم لتشجيع جمعيات الأحياء والدواوير على الانتظام في إطار شبكات، والعمل على تكوينهـم وتحسيسـهم في مجال المشاركة المواطنة، لا سيما عبر الآليات التشاركية للحوار والتشاور على مستوى الجماعات الترابية؛
وأيضا اعتمــاد تصنيــف شامل للجمعيـات يمكـن أن يسـتجيب لجميـع الأهـداف الممكنة (جمعيـات الترافـع / جمعيـات تقديـم الخدمـات؛ جمعيـات وطنية/ دولية/ ترابية؛ جمعيات ذات منفعة عامة/ مؤسسة…) وهو ما مـن شـأنه أن يسـاعد علـى إنشاء قاعـدة معطيـات وطنيـة شاملة ومبسـطة ومتاحة للجميـع.
والتشجيع على إنشاء جمعيات جديدة، من خلال إحداث فضاءات مشتركة ومجهزة لاحتضان الجمعيات وتزويدها بأدوات العمل الضرورية (الهاتف، والربط بالأنترنت، والحواسيب، المساعدة على إنشاء مواقعها الإلكترونية، الاشتراكات في قواعد المعطيات والخدمات الرقمية، وغيرها).
ويشمل المسلك الثاني من خلال تدابير ذات طبيعة مالية وضريبية، ويتمثل في الرفع من قيمة الدعم العمومي المقدَّم للجمعيات وتشـجيع التمويـل متعـدد السنوات، في إطار الشراكة بين الدولة والجمعيات مـع وضع مشاريع تمتد إلى ثلاث سنوات على الأقل، بدلا من تقديم مِنَح وإعانات محدودة في الزمن.
ووضع مخطط محاسـباتي خـاص بالجمعيـات، وتضمينه معايير الحكامة الجيدة، وإعفاء الأنشـطة الاقتصادية للجمعيات غير الربحيـة بمختلف أصنافها، مـن الضريبة علـى الشركات والضريبة علـى القيمة المضافـة، وذلك طبقـا للمعاييـر التـي يحددهـا النظام الجبائـي.
وتشجيع التشغيل الجمعوي، من خلال توسيع دائرة الجمعيات المستفيدة من تحفيزات ضريبية، وتسقيف الضريبة على الدخل في أشطر منخفضة بالنسبة للأجور العليا التي تؤديها الجمعيات للعاملات والعاملين فيها، وذلك في أفق المراجعة المرتقبة للضريبة على الدخل خلال سنة 2024؛
وكذا تشجيع الجهـات المانحـة على تقديـم هبات، تُخصم مـن ضرائبها، لفائدة الجمعيــات الوطنية ذات الامتداد الترابي، والجمعيات المهتمة بالشأن العام بعد وضع إطارها القانوني، في حدود نسبة معينة من رقم معاملات الجهة المانحة، وذلك على غرار ما هو معمول به بالنسبة للجمعيات التي أبرمت اتفاقيات شراكة مع الدولة لإنجاز مشاريع ذات مصلحة عامة، وإعفاء الجمعيات من واجبات التسجيل والتمبر.