على عكس السنتين الماضيتين، مرت الذكرى الثالثة لتوقيع الاتفاق الثلاثي بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة في صمت رسمي، مقابل احتجاجات في شوارع العديد من المدن المغربية للمطالبة بإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط.
وتزامنت الذكرى الثالثة هذه السنة مع الحرب الإسرائيلية على غزة، التي أدت إلى تغير لهجة المغرب الرسمية اتجاه تل أبيب بسبب حربها المدمرة وغير المسبوقة على قطاع غزة والتي أوقعت أكثر من 20 ألف شهيد، أكثر من نصفهم أطفال ونساء.
تجميد غير معلن
وقبل الحرب الحالية، كان التقارب المغربي الإسرائيلي واضحا، وفي مارس الماضي وبخ الديوان الملكي حزب العدالة والتنمية، إثر إصدار هذا الأخير بيانا "استهجن" فيه مواقف وزير الخارجية المغربي "الذي يبدو فيها وكأنه يدافع عن الكيان الصهيوني"، وجاء في بيان الديوان الملكي أن "السياسة الخارجية للمملكة هي من اختصاص الملك، بحكم الدستور، ويدبره بناء على الثوابت الوطنية والمصالح العليا للبلاد وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية".
لكن وبعد الحرب عادت البلاغات الرسمية المغربية إلى سابق عهدها، قبل توقيع اتفاق التطبيع، وبدأت تتحدث بلغة صارمة تجاه الاعتداءات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، وفي 29 نونبر الماضي قال الملك محمد السادس، في رسالة وجهها إلى رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف إن التصعيد الأخير بالأراضي الفلسطينية هو "نتاج تنامي الممارسات الإسرائيلية المتطرفة والممنهجة، والإجراءات الأحادية والاستفزازات المتكررة في القدس".
وأضاف أن هذه الممارسات "تقوض جهود التهدئة وتنسف المبادرات الدولية الرامية لوقف مظاهر التوتر والاحتقان ودوامة العنف المميتة".
فيما انتقد وزير الخارجية ناصر بوريطة على هامش منتدى التعاون العربي الروسي قبل أيام عجز المجتمع الدولي، "عن إيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة" الذي "لم يعد مقبولا وليس له أي تفسير".
ومنذ اندلاع الحرب المستمرة على قطاع غزة، توقف قطار التطبيع بين الرباط وتل أبيب، وتوقفت الزيارات التي كان يقوم بها وزراء من الحكومة الإسرائيلية إلى الرباط، وغادر أعضاء مكتب الاتصال الإسرائيلي الرباط باتجاه تل أبيب "لأسباب أمنية" بحسب الخارجية الإسرائيلية.
كما أن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المغرب التي كانت مقررة مبدئيا خلال شهر أكتوبر الماضي لم تتم، علما أنه كان قد تلقى دعوة من الملك محمد السادس عقب اعتراف بلاده بمغربية الصحراء.
الذكرى الثالثة للتطبيع.. احتجاجات بدل الاحتفالات
وعلى عكس السنتين الماضيتين، غابت الاحتفالات الرسمية بالذكرى الثالثة للتطبيع، حيث كان ينتظر أن تكون أكثر زخما من سابقاتها، بعد إعلان إسرائيل اعترافها رسميا بمغربية الصحراء في شهر يوليوز الماضي.
وفي الذكرى السنوية الأولى سنة 2021، نظم اجتماع عبر تقنية الفيديو، جمع بين ناصر بوريطة ونظيريه الإسرائيلي يائير لابيد والأمريكي أنتوني بلينكن، وأشاد رئيس الدبلوماسية المغربية آنذاك بنتائج استئناف العلاقات بين الرباط وتل أبيب وتحدث عن توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية.
كما نظم في ذات المناسبة حفل بالرباط، بشكل مشترك بين سفارة الولايات المتحدة في المغرب والبعثة الدبلوماسية الإسرائيلية بالمملكة.
وفي سنة 2022، نظم مكتب الاتصال الإسرائيلي حفلا بالرباط، حضره المستشار الملكي أندري أزولاي، ووزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة عواطف حيار، ووزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي.
وبعد بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، غابت اللقاءات الرسمية، وبرزت بدلا من ذلك الاحتجاجات الشعبية، إذ تم تنظيم العديد من الوقفات الاحتجاجية والمسيرات، بمعظم المدن المغربية، للتضامن مع الشعب الفلسطيني، والمطالبة بوقف التطبيع.
ونظمت مسيرات ضخمة بكل من الدار البيضاء والرباط، آخرها يوم الأحد الماضي بالتزامن مع الذكرى الثالثة لتوقيع اتفاقية التطبيع، حيث رفع المحتجون شعارات تدعو إلى وقف التطبيع، وإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط.
وإذا كانت الأحداث الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، قد جمدت التطبيع المغربي الإسرائيلي، فإنها قضت حسب مراقبين على جهود الولايات المتحدة لضم المملكة العربية السعودية إلى نادي الدول المطبعة.