تروج الحكومة الإسرائيلية وإعلامها منذ اندلاع الحرب الأخيرة بقوة لكون معاداة الصهيونية ومعاداة السامية وجهين لعملة واحدة، لإسكات أي انتقاد للحكومة الإسرائيلية أو سياسات الاحتلال التي تنتهجها تجاه الفلسطينيين.
وبينما تعتبر معاداة السامية، هي كراهية اليهود لمجرد أنهم يهود، فإن معاداة الصهيونية تحيل على معارضة للأيديولوجية الصهيونية، وبالتالي انتقاد سياسات محددة تتبعها الحكومة الإسرائيلية، والتي تقوم على تهجير وطرد الشعب الفلسطيني، من أجل إقامة دولة يهودية على أرض إسرائيل التاريخية كما ذكرت في التوراة.
ولم يكن المغرب استثناء من الحملة الإعلامية الإسرائيلية، إذ تصور وسائل إعلام عبرية المظاهرات الداعمة للشعب الفلسطيني التي تشهدها شوارع المدن المغربية، على أنها معاداة للسامية.
وفي مقال تحت عنوان "يهود المغرب يفكرون في المستقبل: هذا ليس البلد الذي عرفناه"، قالت "نقابة الأخبار اليهودية" وهي وكالة تهتم بالأخبار المتعلقة باليهود وإسرائيل، إنه على الرغم من تحسن العلاقات بين المغرب وإسرائيل في السنوات الأخيرة، "إلا أن الأمور اتخذت منعطفاً نحو الأسوأ بعد المذبحة التي ارتكبتها حماس في 7 أكتوبر"، وأضافت "خرج عشرات الآلاف من المغاربة إلى الشوارع بعد يوم 7 أكتوبر، وردد الكثيرون شعارات معادية للسامية وحملوا لافتات كتب عليها عبارات مثل تسقط الصهيونية وفلسطين هي حماس".
ونقلت الوكالة عن كوبي إفراح، وهي من مؤسسي منظمة كولنا، وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى الحفاظ على التراث اليهودي المغربي وتعزيزه، قولها إن "الكثير من الإسرائيليين ذوي الجذور اليهودية يعتبرون المغرب وطنهم الثاني. منذ اندلاع الحرب، نرى في الاحتجاجات هنا تعبيراً عن الكراهية لليهود والإسرائيليين ودعما لحماس"، وواصلت "كنا نتوقع مستويات أساسية من التضامن ولم نحصل عليها".
وزعمت الوكالة أن العديد من مطاعم "الكاشير" تم إغلاقها في المملكة بعد 7 أكتوبر، وأنه تم إلغاء رحلات الحج اليهودي (هيلولة).
ونقل المصدر ذاته عن رافائيل تروجمان، وهو متخصص في منتجات الكوشر والعطلات الدينية الفاخرة قوله "لقد تغير الوضع بين عشية وضحاها. يجب على اليهود إعادة تقييم ارتباطهم بالبلد وعلاقتهم بالمغاربة، وإلى أن توضح السلطات موقفها تجاه اليهود المغاربة والإسرائيليين، سننقل أعمالنا إلى مكان آخر".
بدورها قالت صحيفة "إسرائيل هيوم"، في مقال بعنوان " معاداة السامية أطلت برأسها في المغرب.. ما هو السبب؟" إن معاداة السامية تصاعدت في المغرب بعد هجوم السابع من أكتوبر، في إشارة منها إلى التظاهرات المتضامنة مع الفلسطينيين، وتحدثت عن وجود "مشاعر معادية لإسرائيل".
واتهمت الصحيفة رئيس الحكومة الأسبق، والأمين العام الحالي لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله ابن كيران، بأنه معاد للسامية، بعدما عبر عن دعمه لحركة حماس التي وصفتها بـ"الإرهابية"، وانتقاده للسياسات الإسرائيلية.
كما اتهمت الصحيفة الأمينة العامة السابقة للحزب الاشتراكي الموحد نبيلة منيب بمعاداة السامية، وقالت إن السياسية المغربية اتهمت "يهوديا مغربيا يدعى غي درعي، يبلغ من العمر 80 عاما، بأنه "متسلل صهيوني في الحكومة المغربية، رغم أنه كان يعمل في الحكومة لسنوات عديدة".
وأضافت أن منيب "ادعت أن معظم أحفاد اليهود المغاربة شاركوا في حرب ضد إخواننا في فلسطين، وذبحوا الكثير منهم. هل هذا يهودي؟ لا؟ هذا صهيوني. الصهيونية أيديولوجيا متطرفة وخطيرة".
ولا يقتصر الأمر على المغرب، فمنذ بداية الحرب الحالية في قطاع غزة تصر إسرائيل وإعلامها والدول الداعمة لها، على اتهام أي شخص يعارض سياسيات الحكومة اليمينية المتطرفة في تل أبيب بأنه "معادٍ للسامية"، كما يجري الخلط بين معاداة السامية ومعارضة الصهيونية عمدا، من أجل قمع أي انتقاد موجه ضد إسرائيل على خلفية جرائمها اليومية في قطاع غزة والضفة الغربية والتي أودت بحياة الآلاف منذ السابع من أكتوبر.