القائمة

أخبار

التنقيب عن الثروات الطبيعية.. امتحان للعلاقات المغربية-الإسبانية

يرغب المغرب بالاستفادة من السواحل البحرية في المحيط الأطلسي بشكل أكبر، لكن ذلك يصطدم بقلق إسباني، خصوصاً من جزر الكناري التي تنظر بشك كبير إلى نيات المغرب بشأن الخلافات على الحدود البحرية.

(مع DW)
نشر
DR
مدة القراءة: 4'

أثار حديث الملك محمد السادس، عن "تطوير التنقيب عن الموارد الطبيعية"، في الواجهة الأطلسية تخوّفات كبيرة من سياسيين في جزر الكناري، التي لا تفصلها سوى مئة كيلومتر عن مدينة طرفاية، الواقعة جنوب المملكة المغربية، بحكم إشكاليات قديمة تخصّ  تحديد المياه الإقليمية بين المغرب وإسبانيا.

وتتمتع جزر الكناري بحكم ذاتي تحت السيادة الإسبانية. وطالبت نائبة في البرلمان المحلي لهذه الجزر، كريستينا فاليدو، الأسبوع الماضي، "بإجابات شافية" من الخارجية الإسبانية حول نية ملك المغرب القيام بالتنقيب عن النفط في هذه المياه الإقليمية.

كلمة ملك المغرب جاءت في خطاب المسيرة الخضراء الذي يلقيه في السادس من نوفمبر من كل عام، وهي ذكرى مسيرة شارك فيها 350 ألف مغربي عام 1975، لأجل المطالبة بجلاء الاستعمار الإسباني عن الصحراء الغربية.

وذكر ملك المغرب ضرورة تحقيق "اقتصاد بحري"، من معالمه التنقيب عن الثروات الطبيعية في المحيط الأطلسي، وتحديداً المنطقة المتاخمة للصحراء.

قلق من الكناريين

وقالت كريستينا فاليدو، المنتمية إلى حزب "تحالف الكناريين" وهو حزب قومي مدافع عن جزر الكناري، إنها ترفض صمت الحكومة بهذا الشأن، وقالت إن "جزر الكناري تخاطر بحاضرها ومستقبلها" إزاء قضايا مشابهة، وطالبت بعدم وضع الجزر في هامش العلاقات الثنائية المغربية- الإسبانية، وأن تكون الجزر ممثلة في أيّ اتفاق بين البلدين.

ولأجل دعم حزب العمال الاشتراكي، الذي ينتمي له بيدرو سانشيز، بتكوين أغلبية تتيح له تشكيل الحكومة، وقع حزب "تحالف الكناريين" اتفاقاً مع حزب سانشيز، أول أمس السبت من بين نقاطه، أن تكون جزر الكناري ممثلة بشكل خاص في كل الحوارات التي تجريها حكومة مدريد مع المغرب وتهم هذه الجزر، وخصوصاً ثلاث مسائل رئيسية، منها الحدود البحرية، ومراقبة الهجرة، واستغلال الموارد الطبيعية.

ويكافح سانشيز لتشكيل حكومة بعد نتائج الانتخابات الأخيرة التي أعطت الصدارة لمناوئه حزب الشعب الإسباني، دون أن يتمكن من حصد الأغلبية، ثم فشله في تشكيل الحكومة، ما يمهد الطريق لسانشز، رئيس الحكومة المنتهية ولايته، للاستمرار. وعُرف سانشيز مؤخراً بمواقفه الداعمة للمغرب، خصوصاً تأييده لمبادرة الحكم الذاتي المغربية لإنهاء نزاع الصحراء الغربية.

وأدت مواقف سانشيز المتعلقة بالمغرب إلى الهجوم عليه من سياسيين ووسائل إعلام. وقالت صحيفة ABC في افتتاحية لها مؤخراً إن "الصمت المزعج لحكومة تصريف الأعمال في مواجهة مناورة المغرب بالتنقيب عن النفط في المياه القريبة من جزء الكناري أمر مفاجئ"، متهمة بدورها رئيس الحكومة بانعدام الشفافية فيما يخصّ علاقات إسبانيا والمغرب.

خلافات الحدود البحرية

ورد وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون بالنيابة، خوسيه مانويل ألباريس، على الانتقادات، وصرح أن "المغرب شريك استراتيجي لإسبانيا"، لكن أضاف أن كل القرارات سيتم اتخاذها باستحضار مصالح جزر الكناري وإسبانيا.

وقال محمد شقير، محلل سياسي مغربي لموقع "فبراير" المحلي، إن "رسم المغرب لحدوده البحرية مع إسبانيا سيساهم في استغلال ثرواته البحرية السمكية والمعدنية"، مبرزاً إمكانية اعتماد المغرب على خبرات أجنبية في إطار "شراكات رابح-رابح"، كما تطرق إلى موضوع ميناء مدينة الداخلة التي يعول عليه المغرب بشكل كبير لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع إفريقيا.

ويشهد ملف ترسيم الحدود البحرية خلافات كبيرة بين المغرب وإسبانيا، وكان البرلمان المغربي قد صادق عام 2020 على تحديد المساحة البحرية للمغرب بما يشمل سواحل قريبة من جزر الكناري، وهو ما احتجت عليه إسبانيا، مبررة ذلك بتداخل الحدود مع مياه إقليمية إسبانية، كما أبرزت حينها الوضع الدولي لمياه الصحراء الغربية.

واهتم المغرب كثيراً بالاستثمار في المياه البحرية، خصوصاً بعد تقارير عن وجود كميات من المعادن والثروات الطبيعية تحت سطح البحر، وفي مقدمتها معادن تستخدم في السيارات الكهربائية.

ولم يتم تأكيد هذه الاكتشافات رسمياً، لكنها تأتي في منطقة تشهد خلافات سياسية كبيرة، خصوصاً النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، وكذلك علاقة المد والجزر بين الرباط ومدريد، رغم كون هذه العلاقات، تعيش مؤخراً فترة مميزة، ترجمها كذلك الملف المشترك مع البرتغال لتنظيم مونديال 2030.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال