القائمة

أخبار

مجلس المنافسة: الكتب المدرسية لم تعد تجذب التلاميذ "بل بات بعضهم يشمئز منها"

نشر مجلس المنافسة رأيا له حول سير المنافسة في سوق الكتاب المدرسي، وتحدث عن وجود نسبة عالية من تركيز السوق في سوق الكتاب المدرسي، مشيرا إلى أنه تم الإبقاء على أسعار الكتب المدرسية منخفضة بشكل مصطنع وعلى حساب جودتها "المادية"، ما جعل التلاميذ "يشمئزون منها".

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

قال مجلس المنافسة، إن النموذج الاقتصادي الذي تقوم عليه سوق الكتاب المدرسي يأتي بنتائج عكسية، حيث يرتكز على العرض والطلب المدعومين على نحو مصطنع من الأموال العمومية وشبه العمومية، ولا يتماشى مطلقا مع الواقع الاقتصادي للسوق.

وأوضح المجلس في رأي حول "سير المنافسة في سوق الكتاب المدرسي"، نشره بموقعه الالكتروني، أن إنتاج الكتب المدرسية يتراوح ما بن 25 و30 مليون نسخة من الكراسات مبرمجة ومصممة "لاستخدامها لمرة واحدة" فقط، أي ما يعادل استهلاكا يصل إلى 3 أو 4 كتب في المتوسط لكل تلميذ وفي كل سنة، متسببا في إهدار هائل للموارد والمواد والطاقة لبلادنا.

وتابع أنه يطغى على هذا الانتاج الكراسة الورقية المطبوعة التي تحتل مكانة جوهرية في مسار التعلم بالمدارس العمومية المغربية. ولا تزال تحتفظ بخصوصيتها ككراسة وحيدة غير مشمولة بالأدوات المساعدة على غرار الأقراص المضغوطة وأجهزة النواقل التسلسلية العامة  (USB ) وغيرها، موضحا أنه لا توجد كراسة مدرسية في سوق مجهزة بدعامة رقمية تكميلية، خلافا لبلدان أخرى حيث تُرفق مجموعة من الوسائط الرقمية بالكراسة.

وتحدث المجلس عن وجود نسبة عالية من تركيز السوق في سوق الكتاب المدرسي، بالرغم من التعدد الواضح لدور النشر، مع تركيز جغرافي عالي في مدينة الدار البيضاء ثم في مدينة الرباط. حيث تتحكم مجموعات الناشرين الأربع الأولى في أزيد من 53 في المائة من سوق الكتاب المدرسي.

وأشار المجلس إلى أن سوق الكتاب المدرسي تعد مغلقة تماما في مرحلتها القبلية، وهو ما يفضي إلى خلق وضعيات ريع حقيقية اكتسبها نفس الناشرين المعتمدين منذ عشرين سنة. وظلت حصصهم السوقية ثابتة تقريبا طيلة هذه الفترة.

"حول الانفتاح الجزئي لسوق الكتاب المدرسي في مرحلتها القبلية الكتاب المدرسي، من الناحية الواقعية، من أداة بيداغوجية إلى منتوج تجاري أساسا، مشكلا بالتالي المصدر الأول لدخل الناشرين والكتبين".

مجلس المنافسة

وأكد المجلس أن التطور الكمي لسوق الكتاب المدرسي أنجز على حساب جودة شكله ومحتواه، جاعلا منه منتوجا تجاريا بسيطا حيث تفوق اعتبارات تكلفة الانتاج بكثير الاعتبارات المتعلقة بالمحتوى. وهكذا، لا تتجاوز حقوق المؤلف التي تكافئ الانتاج الفكري لمحتوى هذه الكتب سوى 8 في المائة من سعر الكتاب المدرسي.

وقال المجلس إنه تتم مراجعة أسعار الكتب المدرسية التي حددتها الدولة منذ الفترة الممتدة من 2002 إلى 2008 حيث لم يتم التقيد بالمسطرة القانونية والتنظيمية لتحديد أسعارها في جل الحالات. وأوضح أن أسعار 9 من أصل 381 كتابا فقط حددت تبعا للرأي الإيجابي للجنة الأسعار المشتركة بين الوزارات والذي تم نشره بالجريدة الرسمية. وعمدت الوزارة المكلفة بالتربية الوطنية إلى تحديد أسعار الكتب المتبقية البالغ عددها 372 كتابا، بصفة مباشرة، تبعا لطلبات العروض التي أطلقتها ودون المرور عبر اللجنة المذكورة.

"تم الإبقاء على أسعار الكتب المدرسية منخفضة بشكل مصطنع وعلى حساب جودتها "المادية" ومحتوياتها، كما يتضح من الجودة الرديئة للورق بوزن يقلص بشكل متزايد متسببا في زيادة تحمل تكاليف الصفحات ورسوم توضيحية لا ترقى إلى المعايير، وغيرها. في الواقع، أضحت الكتب المدرسية أقل جاذبية بالنسبة للتلاميذ، بل بات بعضهم يشمئز منها، مما يحرمهم بالتالي من التعلمات الأساسية التي يفترض أن توفرها هذه الكتب".

مجلس المنافسة

وأوصى المجلس بضرورة إجراء مراجعة جذرية للنموذج الاقتصادي الذي يقوم عليه سوق الكتاب المدرسي من خال إدماجه كعنصر محوري في السياسات العمومية لإصلاح التعليم. وطالب بأن تتم هذه المراجعة استنادا لمنطق اقتصادي يحفز الإبداع والابتكار، مع مراعاة الخصوصيات الثقافية الاجتماعية للبلاد.

كما أوصى بضرورة إجراء مراجعة معمقة للأدوار والمهام المنوطة بالوزارة المكلفة بالتربية الوطنية ذات الصلة بالكتاب المدرسي، مشيرا إلى أنه يجب أن يندرج هذا الإصلاح كذلك ضمن السياسات العمومية ذات الصلة بالتعليم.

وأضاف المجلس أنه "انطلاقا من التجارب الدولية الناجحة، لا سيما في بلدان جنوب شرق آسيا، يجب اعتبار الكتاب المدرسي بمثابة قضية مصلحة وطنية، تحتم على الدولة والقطاع الخاص والباحثين الأكاديميين المشاركة الكاملة في إعداده".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال