القائمة

أخبار

دياسبو #306: فيصل مرزوق.. مغربي نذر نفسه لمساعدة الطلاب الأجانب في ستراسبورغ

دفع هجوم ستراسبورغ الإرهابي الذي وقع سنة 2018، المهاجر المغربي فيصل مرزوق، إلى تخصيص كامل وقته لمساعدة المحتاجين، وخاصة الطلبة.

نشر
فيصل مرزوق
مدة القراءة: 4'

شكل هجوم ستراسبورغ الإرهابي الذي خلف قتلى وجرحى سنة 2018، نقطة مفصلية في تغيير حياة المهاجر المغربي فيصل مرزوق، حيث تمكن من تحويل هذا الحدث المأساوي، إلى بارقة أمل تضيء حياة العديد من الأشخاص وخاصة الطلاب الذين يعيشون ظروفا قاسية.

ولد فيصل مرزوق بمدينة الدار البيضاء، وبعد حصوله على شهادة الباكالوريا، التحق هو وأسرته بوالده الذي كان يشتغل مهندسا بشركة "سيمينس" بألمانيا، وقضى سبع سنوات بهذا البلد الأوروبي، قام خلالها باجتياز امتحان الباكالوريا من جديد، وحصل على شهادة التقني العالي (BTS) في مجال البيع، وولج عالم الشغل من باب شركة American Sportswear لبيع الملابس، وبقي داخلها لمدة سنتين ونصف.

وبعدما اكتسب خبرة كافية في المجال، قرر سنة 2013، إطلاق مشروعه الخاص في ألمانيا، وبعد ثلاثة سنوات، أطلق مشروعا مماثلا في ستراسبورغ بفرنسا

هجوم ستراسبورغ.. نقطة التحول.

وبقيت حياة فيصل مرزوق البالغ من العمر 41 عاما وأسرته مستقرة، إلى غاية يوم 11 دجنبر 2018، وهو اليوم الذي سيظل محفورا في ذاكرته وذاكرة عائلته التي انقلبت حياتها رأسا على عقب بعده.

ففي مساء ذلك اليوم قام شخص يحمل أفكارا متطرفة بإطلاق النار على حشد من الناس ما أدى إلى مقتل 3 أشخاص على الفور وتوفي آخر لاحقاً متأثراً بجروحه كما أصيب في العملية 12 آخرين بجروح خطرة، وتصادف تواجد إشراق مرزوق شقيقة فيصل في مكان الحادث، حيث كانت تشتغل في سوق ممتاز. تمكنت في البداية من الحفاظ على رباطة جأشها، وتمكنت من مساعدة أكثر من ستين شخصا على الاختباء داخل السوق، كما حاولت تقديم الإسعافات الأولية لشخص أصيب بعيار ناري في رأسه، غير أنه توفي أمام ناظريها.

وقال فيصل "هذا الحادث قلب حياتها رأسا على عقب، على الرغم من أن صحتها الجسدية لم تتأذى لكن صحتها النفسية تأثرت بشدة من الواقعة، وتركت عملها وأصبحت منطوية ومنعزلة تعيش على الكابوس، كنا نحاول أن نساعدها بأي طريقة".

تأثرها بشدة جراء الحادث أثر على العائلة بأكملها، وتابع فيصل "فقط أن تفكر أنها لازالت على قيد الحياة، رغم أنها كانت على بعد خطوات صغيرة من منفذ الهجوم، فهذه معجزة، لذلك فكرت في أن أخرجها من هذه المحنة من خلال مساعدة أشخاص آخرين، امتنانا لبقائها على قيد الحياة".

وبدأت أمه وبعض الجيران يعدون الوجبات في المنزل، ويوزعونها على الأشخاص المشردين في شوارع مدينة ستراسبورغ.

"بعد مدة تفاجأت بقدوم بعض الطلبة من أجل استلام الوجبات المجانية التي كانت في أصل معدة من أجل المشردين، وهو ما جعلني أكتشف أن العديد من الطلبة يعيشون ظروفا صعبة".

فيصل مرزوق

جمعية لمساعدة الطلاب

وبعد مدة من العمل التطوعي لمساعدة المحتاجين، طلبت منه سلطات المدينة أن يكون عمله مقننا بدل العمل بشكل عشوائي، وهو ما جعله يفكر في تأسيس جمعية وتخصيص كامل وقته لمساعدة المحتاجين وخاصة الطلبة.

وفي سنة 2022، أسس جمعية "فايز مرز" وأوضح أنها "جمعية غير ربحية تسعى لمساعدة أكبر عدد ممكن من الأشخاص من خلال توزيع الوجبات والملابس والمواد الغذائية ومنتجات النظافة، كما تقدم الدعم الإداري للطلاب وتساعدهم على التسجيل في الكليات، وفي الضمان الاجتماعي، والبحث عن السكن".

وقال إن حياة الطلاب صارت أصعب خصوصا بعد "الأزمة الصحية لعام 2020، حيث أدت تبعاتها الاقتصادية إلى تدهور حياة الشباب وتحديداً الطلاب المقيمين بعيداً عن أسرهم، ما عمق لديهم الشعور بالوحدة، وانعدام الثقة في المستقبل".

وفي عز أزمة كورونا أنشأ فيصل شبكة من أجل مساعدة كبار السن، حيث تطوع العديد من الطلبة بإيصال احتياجات هذه الفئة التي كانت معرضة للخطر، بشكل مجاني"

وتعمل الجمعية على مواكبة الطلاب من المغرب ودول أخرى قبل قدومهم إلى فرنسا، حيث تعمل على البحث عن سكن لهم، كما تستقبلهم في المطار، وتسهل عملية اندماجهم في المجتمع.

"خلال شهر رمضان تتجمع العائلات لتناول وجبهة الإفطار، في بعض الأحيان لا يكون بعض الطلاب محظوظين بما يكفي لوجود أحبائهم بالقرب منهم لأنهم يدرسون بعيدا عنهم، لذلك نحن نبحث عن عائلات لاستقبال الطلبة في محاولة لجعلهم يعيشون جوا عائليا".

فيصل مرزوق

وتابع "الكرم هو أحد القيم التي يتم إبرازها خلال هذا الشهر ومن الأفضل دائمًا أن يكون لديك ضيوف على طاولتك، وهذا ممكن للجميع، بغض النظر عن دينك أو معتقداتك".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال