رغم أن الجزائر تدعي أنها ليست طرفا في نزاع الصحراء الغربية، وأن طرفي النزاع هما المغرب وجبهة البوليساريو، إلى أنها ومنذ بداية النزاع، وهي تسخر كل جهودها من أجل خلق دولة جديدة في المنطقة، وفي نهاية السبعينات، طالبت بإنشاء "دولة صحراوية" في إقليم وادي الذهب بعد انسحاب موريتانيا منه.
وتشير مذكرة رفعت عنها السرية، موجهة من وزير الخارجية الأميركي سايروس فانس، إلى الرئيس جيمي كارتر، في 4 غشت 1978، إلى أن "مبعوثين مغاربة وجزائريين زاروا باريس هذا الأسبوع، حيث استقبلهم الرئيس جيسكار ديستان على حدة".
وتابع "يلتزم الفرنسيون الصمت التام بشأن محتوى هذه التبادلات، لكن ليس هناك شك في أنهم يحاولون تسهيل التوصل إلى تسوية تفاوضية لنزاع الصحراء".
وواصلت المذكرة "تحسنت احتمالات التوصل إلى حل دبلوماسي بشكل كبير في أعقاب الانقلاب الموريتاني الذي وقع الشهر الماضي، عندما أوضح حكام البلاد الجدد اعتزامهم الخروج من الحرب، التي تعصف بالاقتصاد الموريتاني الضعيف، وقد أدى إعلان جبهة البوليساريو وقف إطلاق النار في موريتانيا إلى تعزيز آفاق السلام".
وواصلت المذكرة "يبدو أن حجر الزاوية في التسوية التفاوضية هو إنشاء كيان سياسي صحراوي في ذلك الجزء من الصحراء المحتلة من قبل موريتانيا".
"نظام نواكشوط مستعد لتسليم هذه الأراضي، وقد تخلى الجزائريون عن مطلبهم بمنح البوليساريو الفرصة لإنشاء دولة صحراوية تشمل كل الصحراء الإسبانية السابقة. والأمر غير الواضح هو مدى قبول المغاربة، الذين لديهم قوات في المنطقة، لمثل هذا الترتيب، وما إذا كانت البوليساريو ستكون راضية فقط عن هذا الجزء من الأراضي التي تطالب بها أم لا".
لكن المغرب لم يقبل العرض الجزائري، وجاء في مذكرة أخرى بتاريخ 15 غشت 1979، موجهة من السكرتير التنفيذي لوزارة الخارجية إلى مساعد الرئيس لشؤون الأمن القومي تحت عنوان "رسالة رئاسية مقترحة إلى الملك الحسن ملك المغرب" أن الأحداث تتحرك "في الصحراء الغربية بشكل سريع بعد اتفاق السلام المنفصل بين موريتانيا وجبهة البوليساريو".
وتابعت "شنت جبهة البوليساريو هجوما كبيرا على موقع مغربي في الطرف الجنوبي من الجزء المغربي من الصحراء الغربية. يبدو أن المغرب بصدد المطالبة بالجزء الموريتاني السابق من الصحراء الغربية، وفي حين أن مثل هذه الخطوة قد تقلل مؤقتًا الضغط في المغرب لمهاجمة قواعد البوليساريو في الجزائر، إلا أن الوضع غير مستقر وقد يتصاعد القتال بسرعة".
وأوصت المذكرة "بأن يرسل الرئيس رسالة ودية إلى الملك الحسن معترفين بالمشاكل التي يواجهها ونؤكد مجددا اهتمامنا بالحل السلمي".
وبعد ذلك، حاولت الجزائر فرض الأمر الواقع، وقامت برعاية مفاوضات بين الجبهة الانفصالية وموريتانيا في الثالث والرابع من شهر غشت من سنة 1979، ووقع الجانبان اتفاق سلام يعلن رسميا عن انسحاب موريتانيا من اتفاقية مدريد، وأمر صناع القرار في نواكشوط بعد هذا الاتفاق قواتهم العسكرية بالانسحاب من إقليم وادي الذهب وتركه لميليشيات البوليساريو.
وأمام هذا الوضع الجديد الذي فرض على أرض الواقع كان لزاما على المغرب التحرك سريعا، وهو ما قام به الحسن الثاني، حيث وجه أوامره للقوات المسلحة الملكية، بالدخول إلى إقليم وادي الذهب وإفشال مخطط البوليساريو وحليفتها الجزائر، وقبل أن يجف حبر الاتفاقية الموقعة بين موريتانيا والبوليساريو كان الجيش المغربي ينتشر فعلا في إقليم وادي الذهب.
وفي الرابع عشر من غشت من سنة 1979 قام عدد من علماء وشيوخ إقليم وادي الذهب بزيارة العاصمة الرباط، من أجل تقديم البيعة للملك الراحل الحسن لثاني.
وبعد ستة أيام من ذلك أصدرت وزارة الداخلية المرسوم رقم 2.79.659 والقاضي بإنشاء عمالة وادي الذهب، وفي الرابع من شهر مارس من سنة 1980 توجه الملك الراحل الحسن الثاني إلى مدينة الداخلة عاصمة الإقليم، وتم تنظيم حفل الولاء الذي يقام بمناسبة ذكرى عيد العرش بالمدينة، في خطوة أراد من ورائها المغرب بعث رسائل تحمل عدة دلالات لجبهة البوليساريو وحليفتها الجزائر.
وفي بداية الألفية الثالية، وبعدما بدأ الدعم الدولي للبوليساريو يتراجع بشكل كبير، عادت الجزائر لتقدم سنة 2002، مقترحا آخر، يقضي باقتسام الإقليم بين المغرب وجبهة البوليساريو، وذلك عن طريق إعطاء المغرب إقليم الساقية الحمراء (ثلثا الصحراء) وإعطاء البوليساريو إقليم وادي الذهب (الثلث الباقي) حيث تقيم دولتها المستقلة.
لكن المغرب سارع مرة أخرى إلى التعبير عن موقفه الرافض لخيار التقسيم، الذي اقترحته الجزائر بحسب ما يشير تقرير الأمين العام عن الحالة فيما يتعلق بالصحراء الصادر يوم 22 ماي 2003.