أفاد معهد الموارد العالمية (WRI) وهو منظمة بحثية عالمية غير ربحية، في تقرير حديث له بأن 25 دولة - تؤوي ربع سكان العالم - تواجه إجهادًا مائيًا مرتفعًا للغاية كل عام، حيث تستهلك بشكل منتظم كامل إمداداتها المائية المتاحة تقريبًا، مضيفا أن ما لا يقل عن 50% من سكان العالم – حوالي 4 مليار شخص – يعيشون في ظل ظروف شديدة الإجهاد المائي لمدة شهر واحد على الأقل في العام.
وبحسب المعهد الذي تأسس سنة 1982، ويتخذ من واشنطن مقرا له فإن العيش مع هذا المستوى من الإجهاد المائي يعرض حياة الناس ووظائفهم وأمنهم الغذائي وأمن الطاقة للخطر، حيث تعتبر المياه عنصرا أساسيا في زراعة المحاصيل وتربية الماشية وإنتاج الكهرباء والحفاظ على صحة الإنسان وتحقيق الأهداف المناخية العالمية.
وأوضح أنه بدون إدارة أفضل للمياه، فإن النمو السكاني والتنمية الاقتصادية وتغير المناخ من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الإجهاد المائي.
وأضاف أنه في "جميع أنحاء العالم، يتجاوز الطلب على المياه ما هو متاح، وبشكل عام، تضاعف الطلب منذ عام 1960"، مشيرا إلى أنه غالبًا ما يكون الطلب المتزايد على المياه نتيجة لتزايد عدد السكان والصناعات مثل الزراعة المروية والثروة الحيوانية وإنتاج الطاقة والتصنيع. وفي الوقت نفسه، فإن نقص الاستثمار في البنية التحتية للمياه، أو سياسات استخدام المياه غير المستدامة أو زيادة التقلبات بسبب تغير المناخ يمكن أن تؤثر جميعها على إمدادات المياه المتاحة.
والإجهاد المائي، وهو نسبة الطلب على المياه من الإمدادات المتجددة، وكلما ضاقت الفجوة بين العرض والطلب، كلما أصبح المكان أكثر عرضة لنقص المياه، فالبلد الذي يواجه "الإجهاد المائي الشديد" يعني أنه يستخدم ما لا يقل عن 80% من إمداداته المتاحة، ويعني "الضغط المائي المرتفع" أنه يسحب 40% من إمداداته.
الدول التي تواجه أسوأ أزمة مائية
وتشير البيانات إلى أن 25 دولة تتعرض حاليًا لإجهاد مائي مرتفع للغاية سنويًا، مما يعني أنها تستخدم أكثر من 80% من إمداداتها المائية المتجددة لأغراض الري وتربية الماشية والصناعة والاحتياجات المنزلية، ومن بينها بلجيكا واليونان، والبحرين وقبرص والكويت ولبنان، والإمارات والسعودية وإسرائيل.
وتعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من أكثر المناطق التي تعاني من الإجهاد المائي، حيث يتعرض 83% من السكان لإجهاد مائي مرتفع للغاية، وتصل النسبة في جنوب آسيا إلى 74% من السكان.
ووضع التقرير المغرب ضمن البلدان التي تعاني من ضغط مائي مرتفع، حيث تصل نسبة الطلب على المياه من الإمدادات المتجددة إلى ما بين 40% و 80%.
وحلت المملكة في المرتبة 27 عالميا، ضمن البلدان التي تعاني من الإجهاد المائي، فيما حلت البحرين في المرتبة الأولى، وقبرص في المرتبة الثانية، والكويت في المرتبة الثالثة، متبوعة بلبنان وعمان وقطر.
فيما وضع التقرير ليبيريا، وبابوا غينيا الجديدة، وروندا، وسيراليون، كأقل دول العالم معاناة من الإجهاد المائي، حيث تبلغ نسبة الطلب على المياه من الإمدادات المتجددة إلى أقل من 10%.
وبحسب التقرير فإنه بحلول عام 2050، من المتوقع أن يعيش مليار شخص إضافي في ظل إجهاد مائي مرتفع للغاية، حتى لو وضع العالم حدوداً لارتفاع درجات الحرارة العالمية بما لا يتجاوز 1.3 درجة مئوية إلى 2.4 درجة مئوية (بحلول عام 2100، وهو سيناريو متفائل.
وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سيعيش 100% من السكان في ظل إجهاد مائي مرتفع للغاية بحلول عام 2050. و"هذه مشكلة ليس فقط بالنسبة للمستهلكين والصناعات التي تعتمد على المياه، ولكن للاستقرار السياسي".
وأوضح التقرير أنه يمكن للبلدان تحسين إدارة المياه لديها، وتحفيز كفاءة استخدام المياه في الزراعة، واعتماد الإدارة المتكاملة للموارد المائية، وتعزيز البنية التحتية للمياه من خلال الحلول القائمة على الطبيعة والبنية التحتية الخضراء، مضيفا أن حماية واستعادة الأراضي الرطبة وأشجار المانغروف والغابات لا يمكنها تحسين نوعية المياه وبناء القدرة على الصمود في مواجهة الجفاف والفيضانات فحسب، بل يمكنها أيضا توفير الأموال التي تنفق على تكاليف معالجة المياه.