عبد اللطيف وهبي ليس شخصا عاديا؛ إنه رئيس فريق برلماني كبير لحزب كبير جاء إلى الوجود لـ "تخليق الحياة السياسية في المغرب" و "تحريك المياه الراكدة" بحسب التصريحات المتكررة لقيادات بارزة في هذا الحزب. كان سيكون هناك قدر من التفهم لو أن العبارة التي فاه السيد وهبي جاءت على لسانٍ غير مسؤول. السيد وهبي كان في نقاش "رسمي" وفي مكان "رسمي". والنتيجة أن ما فاه به يعتبر كلاما "رسميا" من رئيس فريق برلماني يمارس معارضة "مسؤولة".
وعلى عكس ما يقوم به حزب السيد وهبي حينما تزل ألسنة خصومه السياسيين، لم تصدر حتى الآن ولو كلمة واحدة من داخل الحزب تُرجع "زلة" السيد وهبي إلى مكانها الصحيح، أو تشرح حيثيات النطق بها أو على الأقل توضح أن ذلك لا يعني الحزب في شيء وإنما يعني صاحب اللسان الذي زل. إذ ليس من السياسة في شيء أن يتعامل الحزب المعني مع هذا الأمر وكأنه واقع في كوكب المريخ. قديما قيل: "زلة الرِّجل تزيل القدم وزلة اللسان تزيل النعم". نحن لا نطالب بإقالة وهبي أو استقالته وزوال نعمته، ولكن أن يتحلى بالشجاعة ويواجه المغربي "مول الزريعة".
والواقع أن حزب السيد وهبي نفسه بنى أركان معارضته للحزب الذي يقود الحكومة الحالية على "زلات" أمينه العام ورئيس الحكومة و "زلات" بعض وزرائه حديثي العهد بتدبير الشأن العام. من رأى منكم برنامجا سياسيا واضحا لدى حزب وهبي، فليدلني عليه وله ثواب الدارين. فأكثر المفردات – إن لم تكن كلها - التي يتداولها الحزب في معارضته للحكومة الحالية هي ردود على ما يبتدعه لسان السيد بنكيران من مفردات/"زلات" لا أصل لها في مبادئ السياسة التي يتعرف عليها طلاب العلوم السياسية في بداية مشوارهم الأكاديمي.
فهل أضحت "الزلات" إذن منهجا لإدارة الشأن العام في البلاد؟
’الشلح مول الزريعة‘ هو ذلك الذي قهرته الأزمة حتى غدا موضوعا للتندر لدى من يفترض أن يمد له حبل النجاة، بدل حبل الاحتقار والتندر حتى من داخل المؤسسة التشريعية؛ أسمى مؤسسة في الدول التي تحترم نفسها. ’الشلح مول الزريعة‘ هو ذلك المغربي الذي يشقى ليل نهار ليعيل أسرته وعائلته بعرق الجبين، مرفوع الهامة، لا يمد يده للطارئين. ’الشلح مول الزريعة‘ هو ذلك المعدن المغربي الأصيل الذي لا يبليه الزمن ولا تذيبه المحن. إنه بصريح العبارة يا سيد وهبي هو ذلك المواطن المغربي الذي سترجع إليه يوما ليعينك على تجدد حجز مقعدك البرلماني. سترجع إليه طائعا مستعطفا ومستجديا. ’مول الزريعة‘ هزمك يا سيد وهبي بالضربة القاضية حينما نطقت بشهادته وأنت ملقى فوق الحلبة السياسية.
بعض الفعاليات الأمازيغية بادرت إلى الاستنكار. حسنا فعلت. غير أن المسألة في اعتقادي لا تهم الأمازيغ وحدهم. هي مسألة ينبغي أن تدفع بالمغاربة عامة للنقاش حول مستوى ’النخب السياسية‘ التي تدبر الشأن العام في البلاد وكيف تعزل هذه النخب نفسها عن ’العمق‘ المغربي الذي يمثله ’مول الزريعة‘ و ’مول المحراث‘ (الفلاح) و ’مول القالب‘ (البناء) و ’مول القرطاس‘ (المقاوم) و ’مول الفأس‘ (العامل)......؟
مؤخرا "زل" لسان الوزيرة الحقاوي في حق سعيد لكحل "غير المتدين" في نظرها، ورد الشاعر صلاح الوديع بمقالة معبرة في الموضوع: "آسف سيدتي، هي ليست زلة لسان ... إنها محرقة أوطان!" وحتى لا أكرر ما قاله الشاعر الوديع الذي أكن له كل التقدير والاحترام، ليس فقط لكونه شاعرا له عاطفة فياضة، ولكن لكونه واحد من الضمائر الحية في حزبه وسبق له أن حاول بقلمه مرارا وضع علامات التشوير على طريق الحزب ليتعرف هذا الأخير أكثر على وجهته. أدعو إذن إلى إعادة قراءة مقالة السيد الوديع مع استحضار ما قالته الوزيرة حقاوي في حق السيد لكحل مكان ما قاله السيد عبد اللطيف وهبي في حق ’الشلح مول الزريعة‘.
آسف سيدي .. إنها ليست زلة لسان!