تبدأ منافسات كاس إفريقيا للمحليين (الشان) في الجزائر يوم 13 يناير 2023. الحدث لا يجذب الأنظار كما تفعل مثلاً منافسات كأس الأمم الإفريقية التي يشارك فيها المحترفون، خصوصاً من يلعبون في الدوريات الأوروبية، وهو ما ليس مسموحا به في بطولة الشان الخاصة فقط بمن يزاولون في الدوريات المحلية.
كما أن بعض المنتخبات قرّرت المشاركة في هذه البطولة بمنتخب أقل من 23 عاما، وهناك منتخبات قرّرت منذ مدة الانسحاب، وتحديدا مصر وتونس وأخيرا أوغندا.
لكن نسخة هذا العام من هذه البطولة تشهد نقاشاً سياسياً محتدماً، ومن أكبر الأسباب استمرار الأزمة بين الجزائر والمغرب. الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم هدّدت قبل أيام بالانسحاب من البطولة إذا لم يتم الترخيص للرحلة التي تقلّ أعضاء المنتخب للنزول في مطار مدينة قسطنطينية التي ستحتضن المنافسات.
وكانت الجزائر قد أغلقت مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية عام 2021، أي بعد أسابيع من إعلانها قطع العلاقات مع المغرب واتهامها للرباط بـ "أعمال عدائية"، وهو ما تنفيه هذه الأخيرة التي "تأسفت حينها" للقرار الجزائري. ويحتاج المنتخب المغربي للوصول إلى الجزائر، المرور عبر طرف ثالث، وغالباً ما يتم الاستنجاد برحلات من دول أوروبية كفرنسا.
وردت لجنة التنظيم الجزائرية بالقول إنها غير ملزمة بضمان تنقل المنتخبات المشاركة من الخارج، وإنها ملزمة فقط بضمان التنقل داخل الجزائر، ثم رد المغرب أنه لا يطلب رحلة خاصة بقدر ما يطلب ترخيصا برحلة مباشرة، ولا تزال الرباط في انتظار موقف نهائي من الجزائر.
وتعدّ مشاركة المنتخب المغربي في غاية الأهمية، بداية لكونه حامل لقب النسختين الماضيتين للبطولة، ما يجعله المرشح الأول للظفر بالكأس، وثانياً للمشاركة التاريخية لأسود الأطلس في نهائيات كأس العالم في قطر 2022، عندما حققوا المركز الرابع، في سابقة إفريقية، مع استحضار فارق أن المغرب شارك في كأس العالم بتشكيلة يغلب عليها المحترفون في أوروبا.
وشهدت آخر مباراة لمنتخبٍ مغربي في الجزائر أحداثا مؤسفة، وذلك عندما لعب المنتخبان نهائي كأس العرب للناشئين تحت 17 عاما، وانتهت المباراة بفوز الجزائر بضربات الترجيح، ثم انزلقت مباشرة نحو اشتباكات بين عدد من اللاعبين ثم دخول الجماهير إلى أرضية الملعب، وتم تغريم الجانب الجزائري 145 ألف دولار أمريكي، وإيقاف لاعب لمدة ستة أشهر، بينما غُرّم الجانب المغربي بـ25 ألف دولار.
الجزائر ترفض تطبيع العلاقات
رغم مرور أكثر من عام على قرار قطع العلاقات، فالجزائر جددت رفضها لأيّ مصالحة مع المغرب، وصرّح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقابلة مع جريدة لوفيغارو الفرنسية الأسبوع الماضي أن الوساطة غير ممكنة بين بلاده وبين المغرب، وإن قطع العلاقات "كان بديلاً عن الحرب"، فيما كان ملك المغرب محمد السادس قد بعث إشارات ودية للجزائر في خطاب العرش لهذا العام، داعيا الرئيس الجزائري للعمل لأجل إقامة علاقات طبيعية.
اÙرئÙس اÙجزائر٠عبد اÙ٠جÙد تبÙÙ - Ù Ù٠اÙ٠غرب Ù Ø٠د اÙسادس
لكن مع ذلك، أشاد عبد المجيد تبون بإنجاز المنتخب المغربي في نهائيات كأس العالم بقطر، وقال إن الإنجاز "مشرف" للكرة العربية والمغاربية، كما ذكر أن المغاربة شجعوا المنتخب الجزائري في نهائيات كأس إفريقيا 2019 التي تُوجت خلالها الجزائر باللقب.
وكانت فيديوهات قد بيّنت احتفاء وتشجيع الجزائريين للمنتخب المغربي في كأس العالم، سواء في مدرجات الملاعب بقطر، أو في المقاهي بالجزائر.
ورغم أن الخلافات المغربية-الجزائرية قديمة، إلّا أن الكثيرين من الجماهير في البلدين حافظوا على عادة تشجيع منتخبي البلدين والتأكيد على شعارات الأخوة التي تجمع الشعبين.
تنافس على بطولة الأمم الإفريقية
تأتي هذه البطولة في سياق تنافس مغربي-جزائري على احتضان منافسات كأس الأمم الإفريقية لعام 2025، إذ قدم البلدان ملفيهما لتنظيم البطولة. وسحب اتحاد الكرة القاري التنظيم من غينيا لسوء الاستعداد، وبات المغرب والجزائر أكبر المرشحين للاستضافة إلى جانب ملف مشترك بين نيجيريا وبنين ثم ملف من زامبيا.
ويوجد صراع في الكواليس على تنظيم هذه الكأس، خصوصا أن البلدين لم ينظما البطولة منذ 1988 بالنسبة للمغرب، و1990 بالنسبة للجزائر. ويرى الجانبان في بطولات كؤوس إفريقيا فرصة لتأكيد القوة الناعمة، خصوصاً للتنافس الكبير بينهما في إقامة علاقات قوية مع الدول الإفريقية.
وكان الصحافي الجزائري والمعلق بقنوات بي إن سبورت، حفيظ دراجي، قد ذكر في تدوينة أن الاتحاد القاري قرّر منح شرف تنظيم بطولة 2025 للمغرب، ونيجيريا وبنين عام 2027، ثم الجزائر بطولة عام 2029. ولم يتم إعلان أيّ قرار رسمي بعد بهذا الخصوص.
واحتضنت الجزائر قبل أشهر منافسات ألعاب البحر الأبيض المتوسط، بينما احتضن المغرب نهائيات كأس إفريقيا للسيدات، وسينظم بعد أسابيع كأس العالم للأندية، كما أعلن عن نيته الترشح لتنظيم كأس العالم 2030، لكن توسيع الفيفا لعدد المنتخبات المشاركة، بات يدفعها لتشجيع التنظيم المشترك بين دول متجاورة.
وسادت عام 2018 تكهنات بإمكانية تقديم ملف مغاربي مشترك يجمع المغرب والجزائر إلى جانب تونس، لكن تعمق الخلاف السياسي بينها يجعل الأمر صعباً للغاية، ما يعطي أفضلية مبدئية لدول أخرى اتفقت مسبقا على التنظيم المشترك.