القائمة

أخبار

كيف تفاعل "عرب ألمانيا " مع تألق المغرب بكأس العالم؟

شهدت شوارع ألمانيا احتفالات بإنجازات المنتخب المغربي غير المسبوقة في نهائيات كأس العالم المقامة في قطر. الفرحة لم تقتصر على المغاربة فقط، بل شملت مشجعين ومشجعات من دول عربية وأفريقية. فما سر التماهي مع "أسود الأطلس"؟

(مع DW)
نشر
DR
مدة القراءة: 4'

حكيم، لاجئ سوري يعيش بضواحي مدينة كوبلنز الألمانية، واحد من كثر شجعوا المنتخب المغربي خلال فعاليات كأس العالم لدرجة أثرت على نومه وصحته، كما يقول لـ "مهاجر نيوز": "أنا لست شغوفاً بكرة القدم، لكني شجعت المنتخب المغربي بكل جوارحي، صار انتمائي مغربياً أكثر منه سورياً خلال هذا المونديال". حكيم الذي أجرى عملية جراحية في الآونة الأخيرة، يستعمل نون الجمع في حديثه لأنه كان يتبادل الفرح والتهاني والتبريكات مع العائلة والأصدقاء والجيران طيلة هذه الفترة حسب ما يروي.

ولا يختلف شعور وحماس حكيم عن مثيله عند ياسر محمد حمزة، وهو مهاجر سوداني يقطن بمدينة بون الألمانية: "قدم المنتخب المغربي مستوى رائعاً وصار مصدر فخر لنا وأظهر قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا للعالم". وكشف ياسر لـ"مهاجر نيوز" أنه لم يتوقع أن يصل المنتخب المغربي لنصف النهائي، بيد أنه يستدرك بالقول: "تفاجأت جداً بقدرات أسود الأطلس، وأظهروا أنهم يستحقون الكأس".

آلدو، طالب لجوء من الكاميرون يعيش اليوم في مدينة آيزنهوتنشتات شرق ألمانيا، يؤكد هو الآخر في حديثه لـ"مهاجر نيوز"، أنه لم يتوقعه أن يصل المنتخب المغربي لمراحل متقدمة في المونديال: "شجعت المغرب بعدما تألق وفاجأنا، ولأنه البلد الوحيد الذي بقي لتمثيل القارة الأفريقية، منحنا الكثير من الثقة عندما تأهل لربع النهائي على حساب البرتغال. لقد احتفلت مع أصدقاء أفارقة ومغاربة طيلة الليلة، حيث غمرتنا فرحة لم نعشها من قبل".

تجاوز لـ"عقدة الدونية"

الدكتور جهاد مصاروة، الخبير في التحليل النفسي، يرى أن مرد التضامن هو "الاضطهاد الذي عانت من الشعوب العربية والإفريقية والمسلمة، ما خلق نوع من الشعور بالنقص أمام الأوروبي والأمريكي". ليخلص إلى أن "المنتخب المغربي جاء ليغير كل هذا؛ أعاد المنتخب المغربي لهذه الشعوب جزء من كرامتها، صار هؤلاء الشباب المغاربة رمزاً يتماهى معه المشجعون من كل هذه الأقطاب، أعطوا الأمل بأنه مع الإرادة لا يوجد مستحيل".

كما يرى الدكتور مصاروة الذي يعيش ويعمل في ألمانيا منذ عقود أن "التماهي جاء بسبب المنطق القبلي الذي يميز الأفارقة والعرب والمسلمين". ويستشهد بالمثال الشعبي "أنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب".

وفي تصريح لرويترز، اعتبر محسن بنزاكور أستاذ علم النفس "أن العالم العربي يعيش احباطات تأسست على المستوى الاقتصادي والسياسي، ولكن أيضاً على مستوى كرة القدم، فالعالم العربي كان يُنظر إليه على أن له منتخبات صغرى وأنها لم تحقق أبداً حتى الصعود إلى الدور الأول". وأضاف بنزاكور "هذا الإقصاء النفسي والإعلامي كان دائماً حاضراً وبالتالي جاء هذا الانتصار لرد الاعتبار بأننا لسنا أقل قدرة أو كفاءة من الآخرين، وتجاوز عقدة الدونية".

النساء كن هنا أيضاً!

قوبلت احتفالات لاعبي المنتخب المغربي مع أمهاتهم بعد الفوز في المباريات بتشجيع وفرح وتقدير في بقاع كثيرة من العالم.

وفي المقاهي والشوارع كما في بيوتهن كن النساء في مقدمة المتابعين. كما عبرن عن فرحهن بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً. إيناس، مواطنة تونسية تعيش بمدينة بون الألمانية، وتدرّس اللغة الألمانية للمهاجرات واللاجئات: "كنا نتابع المباريات بفخر وندعو الله أن يوفقهم، ونتبادل التهاني والتبريكات بعد الفوز". وتشرح إيناس أسباب فخرها بالمنتخب الجار بقولها: "التنوع الثقافي في بلدان شمال إفريقيا لم يكن مفهوماً بشكل جيد قبل المونديال، لكن بفضل المنتخب المغربي تم تقديم الثقافة الأمازيغية والعربية والإسلامية والإفريقية في صورة واحدة وبشكل رائع (...) لقد غيروا صور نمطية سلبية عن عوالمنا".

ولا تختلف لينا، المواطنة السودانية القاطنة في ألمانيا، عن رأي إيناس، إذ قالت "بعد التأهل لربع النهائي، لم يعد لطموحنا سقف، حينها صرنا نرى الكأس مغربية". واعتبرت المتحدثة أن اللاعبين "رفعوا راسنا وبذلوا كل ما استطاعوا من جهد، أمتعونا في المباريات بلعبهم الجماعي. وكانت وسلوكياتهم رائعة حتى بعد الخسارة تمتعوا بروح رياضية عالية. وخلال الانتصارات تشاركوا لحظات الفرح مع أمهاتهم وآبائهم وأفراد أسرهم والجماهير بطريقة جد راقية".

مع الأسود حتى بعد الهزيمة!

عبر كل المشجعين للمنتخب المغربي الذين حاورهم موقع "مهاجر نيوز" عن حزنهم الكبير بعد فوز فرنسا على المغرب في دور نصف النهائي، ومن بينهم لؤي، اللاجئ السوري بألمانيا، الذي قال "المنتخب المغربي زرع بداخلنا أملاً منذ البداية، واستمر بالمونديال بينما خرجت منه منتخبات مرشحة للفوز بالكأس. رغم خسارتهم أمام فرنسا لعب أسود الأطلس بشكل جميل. وأملنا أن يلعبوا بنفس الطريقة وأفضل منها ليحصلوا في المباراة القادمة على المركز الثالث على حساب أوكرانيا".

أما ياسر محمد حمزة فوجه لهم رسالة عبر "مهاجر نيوز" قائلاً: "لا تحزنوا لقد فعلتم ما عليكم فعله، ورفعتم رأسنا، كلنا فخر بكم وبما حققتم في المونديال".

اختار آلدو، من جانبه، أن يعبر عن أمنية على إثر الهزيمة أمام فرنسا: "الحلم لم يتحقق كروياً، لكن هذا المنتخب حقق تآزراً بين مختلف الشعوب، أتمنى أن يترجم إلى تعاون في ميادين أخرى كالاقتصاد".

ماجدة بوعزة

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال