وقد أشار الشيخ العمر إلى أن أهم أسباب انتشار هذه الظاهرة هو الانفتاح الإعلامي غير المراقب وكذلك أمن العقوبة ".وفي إحدى مواقع الحوار الإجتماعي نشر أحد المواطنين السعوديين ما يلي:" إخواني في شي يقرقع في خاطري منذ فترة بل جعلني مهموما إلى حد التشاؤم والإحباط رغم أنني لست كذلك، ألا وهي "ظاهرة الإلحاد" في مجتمعنا الخليجي والسعودي، والله إنني ذهلت وصدمت من واقع لم أكن أتوقعه ... وجدت العجب العجاب وجدت الإلحاد بتطرفه والكفر والتطاول على الله والرسول من خليجين وسعوديين، بل للأسف ذهلت لما وجدت أغلبية المنتدى العربي الليبرالي أعضاؤه من السعودية، يشتمون الله ورسوله، أصبت بحالة من الاحباط ولم أعد أتمالك أعصابي وأحيانا ردودي كانت قاسية، يا إخوان حتى في "الرومات" و"البالتوك" تجد أكثر الأعضاء الملحدين من السعودية أمر يزعجني ويحبطني، من أوصل شبابنا إلى هذه الحالة ؟".
جواب موقع "الدفاع عن الصحابة" لهذا المواطن الحائر جاء على الشكل التالي:
"الليبراليون هم مجموعة حثالة يبحثون عن الشهوات فقط، فكانوا يلاقون مواجهة من المجتمعات العربية والإسلامية، فكانت هذه المواجهات حصاة عثرة في طريقهم للوصول لشهواتهم، (...) قالوا نحن ننكر وجود الله حتى نستريح بالكلية .. فهم يخادعون الله والله خادعهم .. فلا تنزعج أخي من إلحاد هؤلاء فهؤلاء قد كتبهم الله من الأشقياء وكتب لهم أن يكونوا حطباً لجهنم" .
الملاحظ في النص الأول أن علماء السعودية انتهوا إلى أن سبب انتشار الإلحاد في بلادهم أمران: الإنفتاح الإعلامي وضعف الرقابة من جهة، والشعور بالأمن من العقوبة، أي عدم الخوف من إقامة ما يسمى "حد الردّة" عليهم وهو قطع الرأس، بسبب عدم تطبيقه.
أما النص الثاني فهو يجيب على التساؤلات القلقة لمواطن سعودي مؤمن صدمته درجة انتشار الإلحاد بين شباب وطنه والشباب الخليجي على حد تعبيره، الجواب الذي تلقاه عن أسئلته هو عبارة عن هجاء لليبراليين وتحذير منهم، باعتبارهم مؤامرة ينبغي مواجهتها، ثم إرجاء أمرهم إلى الله الذي سيعاقبهم في الآخرة. وهو ما يعني أن المواطن الحائر سيظل على قلقه زمنا غير يسير، إذ يبدو أنه يبحث عن الأسباب الموضوعية لهذه الظاهرة التي أثارت انزعاجه، وهي الأسباب التي لا يمكن أن يقرّ بها من هم مسؤولون عن الظاهرة، ما يعني أن هذا المواطن لن يجد أجوبة شافية إلا عند الباحثين المتخصصين في العلوم الإنسانية، الذين يتحلون بقدر من الحياد، والذين يعتمدون البحث والاستقصاء الميداني، لكن هذا النوع من الأبحاث صعب إنجازه في الدول الشمولية القمعية بسبب الحراسة المشدّدة على الدراسات والأبحاث التي تكشف حقيقة المجتمع، وبسبب احتكار الدولة للمعارف باعتبارها أسرارا للأجهزة الرسمية والأمنية. لكن فلتات بعض الأخصائيين تكون ذات أهمية قصوى في فهم الظاهرة.
ففي موقع آخر نجد تقريرا خصص لموضوع الإلحاد في السعودية ورد فيه أنّ الدكتور علي الخبتي وكيل وزارة التعليم السابق قال :"لدى المجتمع مشكلتان ، الأولى: أن الزمان يتغيّر ونحن لا نتغيّر ، والأخرى : أنه ليس لدينا مراكز بحث علمي ، بحيث تتولى بحث كل ظاهرة أو مشكلة ومعرفة أسبابها، لنتوصل بعد ذلك إلى حلول مبنية على نتائج علمية" .
ونأتي إلى بيت القصيد في قول أحد الدكاترة واسمه خالد باطرفي : "الحل من وجهة نظري، أن يُغيّر الدعاة الشرعيون من خطابهم الديني ، لأن التشدّد الزائد يؤدي إلى تشدّد زائد يُقابله".
وهو نفس ما أكد عليه الباحث السعودي عبد العزيز الخضر عندما أشار، مفسرا ظاهرة الإلحاد الخليجية، إلى أنّ: "الخطاب الديني في المملكة لم يواكب التجديد الذي نعيشه، وتأخره كان سبباً في عزوف الشباب عن سماعه، مما تسبب في انتشار ظاهرة الإلحاد" وقد أضاف الباحث مؤكدا على ما يلي: "هناك مشكلات فكرية من المراحل السابقة لم يتم حسمها من خلال الحوارات الشفافة، مما ساهم في تعطيل التحديث الفكري في المجتمع".
هذه المعضلات الهامة يتجاهلها كلية "العلماء" السعوديون، الذين اجتمعوا وأصدروا بيانا ناريا يتوعد الملحدين ويدعو إلى "إقامة الحد" وقطع الرؤوس باعتباره الحل الناجع.
ما الذي نرمي إليه من إيراد هذه الأخبار التي تخصّ بلدانا تبعد عنا بآلاف الكيلومترات ؟ إنه بعث رسالة إلى الذين يحاولون تسويق بضاعة السعودية في بلادنا، ليعلموا أن التشدّد في الدين والتعسير على الناس ومعاداة الحريات والرغبة في تنميط المجتمع، هو الذي يؤدي إلى ما يخشونه ويحاربونه.