اضطر مجلس أوروبا ومقره ستراسبورغ لسحب حملة ترويج للتنوع في صفوف النساء ولحرية ارتداء الحجاب كان قد أطلقها الأسبوع الماضي على شبكة الإنترنت ويساهم الاتحاد الأوروبي في تمويلها، لأنها أثارت احتجاجات في صفوف اليمين الفرنسي حيث الحملات الانتخابية تجري بزخم استعدادا للانتخابات الرئاسية المقررة الربيع المقبل.
وعلى تويتر تم نشر صور متلاصقة لامرأتين مبتسمتين الأولى غير محجبة والثانية محجّبة. وتضمّن أحد الشعارات "الجمال في التنوّع كما أن الحرية في الحجاب"، ليضيف "كم سيكون الأمر مملا إن تشابه الجميع؟ احتفلوا بالتنوّع واحترموا الحجاب".
وبعدما مر الأمر بادئ الأمر مرور الكرام، رصدت شخصيات من اليمين المتطرّف مناهضة للمهاجرين وساعية لإلحاق الهزيمة بالرئيس إيمانويل ماكرون في انتخابات العام المقبل، الحملة الأوروبية. وتعارض هذه الشخصيات بشدة ارتداء الحجاب في الأماكن العامة.
وقال المعلّق اليميني المتطرّف إريك زمور الذي لم يعلن بعد ترشّحه رسميا وتتوقع استطلاعات وصوله إلى الدورة الثانية من الاستحقاق ومواجهته ماكرون إن "الإسلام هو عدو الحرية. هذه الحملة عدوة الحقيقة".
بدورها قالت زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن، التي واجهت ماكرون في الدورة الثانية والحاسمة من الانتخابات الرئاسية في العام 2017 إن "هذه الحملة الأوروبية التي تروّج للحجاب الإسلامي مشينة وغير لائقة وتأتي في توقيت تكافح فيه ملايين النساء بشجاعة ضد هذا الاستعباد".
وفي بلاد تعتبر العلمانية حجر أساس على صعيد القيم الوطنية ويؤدي اليمين دورا فاعلا فيها، ذهبت الاحتجاجات أبعد من اليمين المتطرّف. وقالت رئيسة منطقة إيل-دو-فرانس الباريسية فاليري بيكريس التي من المحتمل أن تمثّل اليمين في الاستحقاق الرئاسي إن الحملة "أصابتها بالذهول" واعتبرت أن الحجاب "ليس رمزا للحرية بل للخضوع".
وقال ميشال بارنييه، الساعي بدوره للفوز بالترشّح عن اليمين الفرنسي المحافظ في الاستحقاق الرئاسي المقبل، إنه كان ليطلب من "أصحاب فكرة الحملة السيئة هذه أن يستشيروا نساء كابول (الخاضعة لسلطة طالبان) اللواتي يكافحن تحديدا ضد هذا الحجاب". وأعلنت الحكومة الفرنسية أنها حضّت مجلس أوروبا على سحب هذه الحملة.
وفرنسا واحدة من الدول الـ47 الأعضاء في المجلس التي تعنى بالسهر على حسن تطبيق الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وفي تصريح لمحطة "ال.سي.اي" التلفزيونية قالت الوزيرة الفرنسية للشباب ساره الحايري "أصبت بصدمة كبيرة"، وشددت على أن الحملة "مناقضة للقيم التي تدافع عنها فرنسا، إنها تروّج لارتداء الحجاب".
وليل الثلاثاء اعتبرت الوزيرة الفرنسية أن هذه الحملة "يجب أن تدان ولذلك أعربت فرنسا بكل وضوح عن معارضتها الشديدة لها وبالتالي تم سحب الحملة اعتبارا من اليوم"، مؤكدة أن باريس تقدّمت باحتجاج رسمي عبر القنوات الدبلوماسية.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس قال المتحدث باسم مجلس أوروبا "لقد حذفنا هذه الرسائل التي تم إطلاقها على تويتر بانتظار النظر في طريقة أفضل لعرض هذا المشروع". وتابع "تعكس التغريدات تصريحات أفراد مشاركين في إحدى ورش العمل الخاصة بالمشروع وليس آراء مجلس أوروبا أو أمينته العامة" ماريا بينشينوفيتش بوريتش.
ولم يؤكد المجلس ما إذا كان سحب الحملة جاء نتيجة الضغط الفرنسي.