خلال شهر ماي الماضي، نالت عميدة الشرطة جميلة واكي وسام الاستحقاق الوطني من درجة فارس لجهودها وعملها في إدارة مركز شرطة الدائرة 13 في مرسيليا التي تغطي حوالي 92000 نسمة. وتسلمت هذا الوسام من وزير الداخلية جيرالد دارمانين.
ولا يحصل رجال الشرطة من مرتبتها غالبا على مثل هذه الأوسمة، وهو ما جعلها تؤكد لموقع يابلادي أن يوم تكريها، يبقى أجمل ذكرى في حياتها.
وأكدت أنها تشعر بـ "الفخر" كسيدة فرنسية تنحدر من أصول مغاربية، شقت طريقها وسط المؤسسة الأمنية الفرنسية، وتعمل على تكسير الصور النمطية التي يلصقها البعض بالفرنسيين من أصول مهاجرة، وبالشرطة في نفس الوقت، وقالت "إنها ليست مسألة افتخار فقط. تكريمي يؤكد أنه عندما نعمل بجد نصل حتما. عندما انضممت إلى الشرطة كان عدد النساء بداخلها أقل مما هو عليه الآن".
وترى أن اليوم أصبح هناك تنوع كبير في مختلف أجهزة الشرطة، وتتزايد بحسبها العناصر النسوية الفاعلة، وهو ما يؤكده تكريمها بصفتها رئيسة لمركز شرطة "أكبر دائرة في مرسيليا".
حلم منذ الصغر
ونجحت جميلة واكي، في بعث روح جديدة في مركز الشرطة الذي تعمل به، وقالت إنها تحلم منذ صغرها بأن تصير شرطية وقالت "منذ صغري، وأنا أحلم بالانضمام إلى الجيش أو الشرطة، كانت والدتي فخورة بي وشجعتني كثيرًا".
ولدت جميلة في تولون لأم مغربية وأب من أصل جزائري، وخطت أولى خطواتها نحو تحقيق حلمها، عندما دخلت مدرسة الشرطة بعد حصولها على البكالوريا، وبعد سنة أصبحت عضوا في فريق حفظ الأمن.
"آنذاك لم يكن هناك الكثير من رجال الشرطة من أصل مغاربي، لكن نجاحهم في اقتحام هذا المجال أظهر أن الهجرة أمر إيجابي. نحن نمثل فرنسا والمغرب والمغرب العربي. نحن نحترم وطننا ومن دواعي فخرنا أن نقول إننا من أصل مغربي ".
وفي مرسيليا، كانت جميلة تتميز بقدرتها على التفاعل بسهولة مع الشباب المغربي والجزائري، الذين وصلوا إلى المدية ويتحدثون العربية فقط. ساعدتها سنتان قضتهما في المغرب خلال فترة طفولتها في إتقان اللغة العربية.
وكانت جميلة قد اضطرتها أسباب عائلية إلى الالتحاق بأمها في الدار البيضاء، التي ولجت بها مدرسة فرنسية، قبل أن تعود إلى تولون مرة أخرى.
قدرتها على التعامل مع جميع فئات المجتمع المقيمة في الدائرة 13 بمرسيليا، ورثتها عن والدتها. وقالت "اشتغلت والدتي الراحلة كثيرًا في العمل الإنساني بالقنصلية المغربية في مرسيليا. كنت محظوظًة لرؤيتها تبذل جهودًا جبارة لإيصال مساعدات وإمدادات طبية إلى المغرب، من بينها الكراسي المتحركة والعكازات. دائما ما يذكرني الموظفون في القنصلية بأعمال والدتي الخيرية".
ورغم المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق جميلة، إلا أن ذلك لم يمنعها من التوفيق بين حياتها العملية وحياتها الشخصية، وقالت "أدير مركز الشرطة، لذلك نبدأ في الصباح الباكر وننتهي في وقت متأخر من الليل. كما أنني متزوجة وأم لطفلين تتراوح أعمارهما بين 8 و 12 سنة، أعمل على التوفيق بين كل هاته الأمور".
عمل على عدة واجهات
وخلال فترة الإغلاق المرتبطة بكوفيد 19، كانت المهمة الرئيسية لعناصر الشرطة على المستوى المحلي تتمثل في مراقبة تطبيق الإجراءات الصحية التي أوصت بها الحكومة. وتتذكر قائلة "بالإضافة إلى حماية الناس من الجريمة في الأوقات العادية، كان علينا حمايتهم من الفيروس أيضا". وعلى المستوى الصحي والأمني والاجتماعي المحلي، تعمل جميلة أيضًا مع رئيس بلدية الدائرتين 13 و 14 بالمدينة، والمسؤولين المنتخبين "وهم الذين لهم الفضل في إنجاز هذا العمل".
كما أنها تواجه تحديات أخرى بشكل يومي، تتعلق بمكافحة المخدرات في مرسيليا، مبرزة أن عمل الشرطة مهنة محفوفة بالمخاطر، خاصة "عند مواجهة مسلحين، الذين يمكنهم أن يردوني قتيلة أو أولئك الذين يسعون إلى مهاجمة رجال الشرطة باسم الإسلام، كما أصبحنا نشاهد في الآونة الأخيرة".
"المعتقد الديني، لهؤلاء الأشخاص، ليس هو الدين الذي نؤمن به، نحن عناصر الشرطة الفرنسيين المسلمين، وعلينا أن نجعلهم يظهرون على أنهم هم المخطئون من خلال إساءتهم لأصولهم".
ارتباط جميلة بأصولها، لازال قويا، كما أنها اعتادت السفر إلى المغرب عدة مرات في السنة، قبل أن تحول الأزمة الصحية دون ذلك. وقالت "لم أزر الدار البيضاء منذ مدة طويلة، أنتظر بفارغ الصبر، حصولي على بعض الأوراق الإدارية، من أجل السفر إلى هناك قريبا، والذهاب أيضًا إلى قبر والدتي المدفونة في الربيعات (دُوَّار يقع بجماعة بوحمام، إقليم سيدي بنور)". كما تسعى هذه الشرطية إلى تحقيق واحدة من أمنيات والدتها، وحفر بئر في المنطقة.