قررت محكمة الاستئناف بفاس اليوم الثلاثاء 2 مارس تأجيل النظر في ملف الطفلة إيمان البالغة من العمر 13 سنة، التي تتهم عمها وابن جيرانها وجدتها بالتورط في اغتصابها، إلى يوم 9 مارس الجاري.
وكانت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بفاس، قد قضت يوم 7 يناير 2021 ببراءة عم الضحية "لخلو الملف من أية وسيلة إثبات أو قرائن تفيد اقتراف الظنين لما نسب إليه" وإدانة ابن الجيران بسنة سجنا وتحميله الصائر، وأدائه تعويضا قدره 20000 درهم، بحسب ما ورد في منطوق الحكم الذي اطلع عليه موقع يابلادي عليه، والذي أشار أيضا إلى أن الضحية حاولت الانتحار بسبب ما تعرضت له.
وقال المحامي جواد الكناوي، عضو هيئة الدفاع عن الضحية، في تصريح لموقع يابلادي إن التأجيل جاء بطلب من هيئة الدفاع عن إيمان، وأوضح أن استئناف القرار جاء "لكون الحكم كان مخففا" في حق ابن الجيران رغم تبوث الفعل الجرمي، و"هو حكم غير عادل في نظرنا، كان يجب أن تكون العقوبة أكبر".
وفي تصريح لموقع يابلادي قال رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بفاس سايس، عبد الرحيم المرابط، إن الجمعية لم تتمكن من تنصيب نفسها "طرفا مدنيا في القضية، نظرا لأنها دخلت المرحلة الاستئنافية، لكن رغم ذلك حضرنا جلسة اليوم من أجل تتبع الملف وتطوراته، والحرص على المحاكمة العادلة وإنصاف الطفلة الضحية".
وأضاف أنه بحكم تضارب "التصريحات مؤخرا، لمجموعة من الأشخاص، سيتم إعادة الاستماع لجميع الأطراف المعنية في القضية. ولكن المؤكد هو أن الفتاة هي ضحية اغتصاب، ويجب إنصافها".
ورغم أن القضية هي موضوع بحث قضائي يعود لشهر يناير من السنة الماضية، حسب بيان أصدرته ولاية أمن فاس السبت الماضي، إلا أنها عادت لتتصدر المشهد خلال الأيام الأخيرة، بعد انتشار فيديو للضحية، إثر صدور الحكم الابتدائي، قالت فيه إن والدتها تعاني من أمراض نفسية، لهذا السبب ظلت تعيش مع جدتها (أم الأب) وعمها.
وتابعت أنه "في الوقت الذي كانت تخرج فيه جدتي كنت أتعرض للاغتصاب من طرف عمي، وبشكل متكرر، وكنت مجبرة على التزام الصمت، خوفا منه" مشيرة إلى أنه في أحد الأيام تسبب لها في نزيف "كما تعرضت للضرب من طرف جدتي التي أخبرتها بالوقائع، وهددتني في حال أفشيت السر، لذلك التزمت الصمت لفترة طويلة إلى أن تزوج أبي بامرأة أخرى وذهبت للعيش معهم، وأخبرتها بالسر، وقررت هي وأبي مواجهة جدتي، لكنهما تعرضا بدورهما للتهديد، وقررا الصمت".
وقالت الفتاة إنها تعرضت للاغتصاب أيضا من طرف أحد جيرانها، الذي قام بحسبها بإدخال "جزرة في دبري" مشيرة إلى أنها نقلت إلى المستشفى، وبعدها لجأت إلى السلطات الأمنية رفقة عائلتها من أجل سرد الوقائع "وأخبرتهم بواقعة عمي أيضا، بعد ذلك قاموا بإدخالي إلى الخيرية".
وقال المحامي جواد الكناوي إن "الضحية تعاني ويلزمها تتبع نفسي، قامت بثلاث محاولات انتحار، محاولتين بعد الحكم وواحدة قبله. كانت تعاني في صمت منذ صغرها".
وأضاف "نحن نقول للمحكمة إن الضحية كانت تواجه تهديدات من جدتها لكي تلزم الصمت، وأنها قامت بكيها من فخدها، كان على المحكمة أن تقوم بالمعاينة، وهذا لم يتم. الضحية كان عمرها أثناء الاعتداء عليها من طرف عمها 11 سنة من السهل التأثير عليها وجعلها تلتزم الصمت".
وبحسبه فإن "الضحية تتحدث بألم، لو كانت اتهاماتها مجانية لعمها لما تحدثت بتلك الطريقة ولما أقدمت على الانتحار، وبالتالي هناك قرائن كافية ليس للإثبات، ولكن لإصدار حكم منصف".
وإلى جانب عمها وابن جيرانها وجدتها، تتهم الضحية وزوجة أبيها بعض الجمعيات بمحاولة الركوب على القضية، بغية التأثير على القضاء.
وهددت زوجة أب الضحية بمتابعة رئيسة جمعية سيدتي، فرع فاس، نزهة العلوي أمام القضاء، بعد أن اتهمتها في تصريحات لوسائل إعلام بتزييف الحقائق، وإجبار الضحية على ترديد رواية مخالفة للواقع.
وكانت رئيسة جمعية سيدتي، قد قررت مؤازرة الضحية في البداية، قبل أت تقرر تغيير الوجهة والدفاع عن المتهمين معتبرة إياهم مجرد ضحايا.
وقالت في تصريح لموقع يابلادي إن زوجة أب الضحية تروج لأكاذيب، وأن المتهمين مجرد ضحايا، وقدمت رواية أخرى مختلفة عن رواية الضحية نفسها، وقالت إن أحد أبناء زوجة أب الضحية "هو المغتصب الحقيقي" وان ما حكته الفتاة "لا أساس له من الصحة، وأن القصة من تأليف زوجة الأب، وهي التي دفعت الفتاة إلى قول ذلك".
ورد المحامي الكناوي على الفاعلة الجمعوية بالقول "ما قالته غير صحيح، وضعنا شكاية ضدها، هي تقول ابن زوجة أبيها هو من اغتصبها، البنت اغتصبت قبل أن يتزوج ابوها،... والأبن معتقل أصلا. وتقول إن زوجة الأب لها سوابق في المخدرات، ولكن سجلها العدلي يثبت العكس".
واعتبر جواد الكناوي أنه "فيما يتعلق بقضايا الاغتصاب التي تطال القاصرين، يجب أن تكون هناك تعديلات قانونية صارمة، تنص على أحكام قاسية ورادعة، ولو في غياب وسائل الإثبات كحجج، والارتكاز على القرائن والبحث والتحقيق".