سؤال لم يتردد هو شخصيا في الإجابة عنه حين أكد انه "غنديرها فقط ملي نكون عند جلالة الملك.. و الله يخلينا في صباغتنا".. يبدو ان الله سبحانه و تعالى – و هو الأعلم بما في الصدور – لم يستجب لدعائه.. فالسيد بنكيران لم يقاوم حتى، و قبل بوضع ربطة العنق، كما قبل بالعشرة ملايين سنتيم المخصصة للباس و مظهر سيادته.
التغيير في الشكل رافقه –على غير المتوقع- تحول في المضمون أيضا. فمن صوت المغاربة على حزبه أملا في المزيد من الحريات و الإصلاح.. فاجئنا في إحدى خرجاته الإعلامية "مفتخرا" بكونه من أعطي الأوامر باستخدام القوة لتفريق المظاهرات و المسيرات.. تصريح كان ليقضي على حياة بنكيران السياسية، لو كنا في بلد ديمقراطي طبعا ، نراه أيضا يتوعد يوميا باقتطاع أجور المضربين، بأي حق يا ترى؟؟ وحدهم زعماء العدالة و التنمية يعلمون.
انطلاقة حملة القمع التي حصدت في طريقها دماء بسطاء المواطنين عموما.. و دماء معطلي العاصمة خصوصا.. و إن لم تأثر في حياة بنكيران السياسية، فإنها و بلا ادني شك، تستنزف من رصيده و رصيد حزبه النضالي، فمن كان يتوقع أن يتحمل حزب العدالة و التنمية المسؤولية الأخلاقية في قمع المعطلين و هو الحزب نفسه الذي دافع عنهم عندما كان معارضا في البرلمان، و الصور و محاضر جلسات مجلس النواب شاهدة على ذلك.. اليوم يتحجج بنكيران و رفيق دربه باها بكون هؤلاء المعطلين يستحقون القمع لقطعهم الشارع العام.. لكن.. من سبق هؤلاء في درب طلب الوظيفة العمومية، الم يقطعوا الشارع العام أيضا، ومع ذلك تفننتم في الدفاع عن حقوقهم. !!!
اليوم، بنكيران الذي توعد سابقا بأنه "ماكاينش لي يلوي لي يدي" مازال صامدا و وفيا لوعده . في مواجهة المعطلين طبعا. فقد رأينا جميعا كيف نجح فريق العرايشي في لي ذراع رئيس حكومتنا الموقر في معركة دفاتر التحملات ، و ننتظر في المقبل من الأيام أن يتم ليها أكثر و أكثر. الحديث هنا عن مهرجان موازين الذي طالما رأى فيه وزراء العدالة و التنمية تبذيرا للمال يجب إيقافه.
رأينا كيف قبل بنكيران –ذو المرجعية الإسلامية – امرأة أجنبية، رأيناه أيضا كيف سارع إلى الاعتذار للوزيرة البلجيكية بسبب نكتته (الحامضة باعترافه شخصيا)، رأينا كيف عاد ليبارك مشروع القطار فائق السرعة TGVبعد أن جف حلق مناضلي حزبه في شرح أن المغرب ليس في حاجة لهذا المشروع..
لكن، اسنراه يوما يعتذر لمن أصيب، و لمن أجهضت خلال التدخل العنيف لقوات الأمن في حق معطلي محضر 20 يوليوز، هل سيعتذر لمعطلي المرسوم.. هل سيعتذر للمجازين ؟ أم أن هؤلاء لا قيمة لهم في معادلات القوى الخاصة به.. هل سيحترم رئيس الحكومة الدستور الذي صوت عليه المغاربة و خصوصا فصليه السادس و الثاني و العشرين، أم أن قمعه لبسطاء المواطنين سيستمر ضدا على شعارات العدالة و الإسلام التي رفعها أثناء الانتخابات ؟؟ هل سيشهد المعطلون من أبناء الشعب لحظة فرح في عهد الحكومة الجديدة أم أن لسان حالهم سيستمر في ترديد
مناضل كبير.. انتظرنا بركتو يجيب لنا التغيير.. وصل و جبد زرواطتو
أقول دائما أننا قد نختلف على طريقة المطالبة بالحقوق. لكننا سنتفق جميعا على أن من حق كل مواطن مغربي أن يعيش بكرامة، أن يدافع عن حقوقه المشروعة، كما من حقه أن يعامل بطريقة تحترم إنسانيته وتحترم حقوقه التي اقرها الدستور الجديد.. سنتفق أيضا أن ما يلاقيه الشباب المعطل من حاملي الشهادات من قمع يخالف جميع المواثيق الدولية و الوطنية الخاصة بحقوق الإنسان. فمتى يتم التنزيل الفعلي لمضامين الدستور، و الى متى ستستمر الحكومة في التنصل من التزاماتها و قرارات سابقتها؟؟