في دجنبر 2015، اختارت لجنة من النواب البريطانيين كمال الحاجي ليصبح رقيبا أمنيا بمجلس العموم. وشكل الإعلان عن منصبه الجديد، الذي كان ثمرة رحلة طويلة بدأت في المغرب قبل عقدين من الزمان، محطة حاسمة في حياته.
ولد محمد كمال الحاجي في مدينة الصويرة، وانتقل مع والديه إلى مراكش. وبعد إتمام تعليمه الثانوي، اختار متابعة تعليمه العالي في مجال السياحة، مثل العديد من أبناء المدينة الحمراء، وانتقل سنة 1984 إلى طنجة للدراسة في المعهد العالي الدولي للسياحة.
وبعدها بثلاث سنوات، عاد إلى المدينة الحمراء ليبدأ حياته المهنية كمرشد سياحي. وقال الحاجي خلال حديثه مع موقع يابلادي "عملت لبعض الوقت في مراكش كمرشد سياحي، ثم قررت التقدم لوظيفة في شركة الخطوط الملكية المغربية".
وعمل خريج المعهد السياحي، كمضيف طيران إلى غاية بداية التسعينيات، ليقرر بعد ذلك تغيير وظيفته. وانتقل سنة 1992، إلى المملكة المتحدة، ليجد نفسه أمام اختيارات مهنية كثيرة، بعيدة عن مجالي السياحة والنقل الجوي. فبعد العمل كمفتش لحماية الإيرادات في هيئة النقل بلندن، قرر الحاجي العودة إلى الدراسة.
ويتذكر ذلك قائلا "ولجت إلى جامعة لندن حيث اخترت دراسة إدارة الأمن"، ومكنته شهادته من الحصول على وظيفة في وزارة العدل. وقال "بدأت عملي كمدير أمني وكنت مسؤولا في الغالب عن أمن كبار المسؤولين القادمين من الخارج، نظرا لكوني أتحدث ثلاث لغات".
وعمل الحاجي في الوزارة لمدة عشر سنوات نال خلالها ثقة واحترام المسؤولين البريطانيين. وفي سنة 2010، تم تعيينه كمكلف بالعلاقات مع الشخصيات الوازنة والخاصة في وزارة العدل.
ولم يمر تفانيه في العمل داخل قصر باكنغهام دون اعتراف، فخلال سنة 2015، تم منحه وسام الإمبراطورية البريطانية من طرف ملكة إنجلترا، تتويجا لخدمته المدنية والعسكرية.
"لم أحلم قط بالحصول على هذا الوسام، ولا يمكنني أن أنسى يوم ما، اليوم الذي أبلغت فيه بأنني سأتسلمه"
وحضر الحاجي الحفل السنوي الذي يقام في حديقة الملكة، إلى جانب عائلته وقال "كنت فخورا جدًا بتواجدي هناك، ليس فقط كمسؤول أمني بريطاني، ولكن أيضًا كمغربي (...) وعندما ألقيت التحية على جلالة الملكة، قدمت نفسي على أساس أنني بريطاني من أصول مغربية"، وأشار إلى أنه تم تتويجه أيضا من طرف سفيرة المغرب آنذاك في المملكة المتحدة لالة جمالة العلوي.
وبعد هذه التجربة، ترك الحاجي وزارة العدل وانتقل إلى منصب جديد. ليصبح سنة 2015 أول مسلم ومغربي وعربي يتولى المنصب التاريخي "رقيب أمني" والذي يعود تاريخ إحداثه إلى سنة 1415.
وكانت مهمته تتمثل في حفظ النظام داخل مجلس العموم وغرف اللجان والأماكن العامة. وأثناء عمله كان يرتدي الحاجي زيًا رسميًا ويحمل سيفًا، ويؤدي أيضًا حركات احتفالية، مثل "حمل الصولجان أثناء الافتتاح الرسمي للبرلمان".
وأوضح أنه أحبب عمله في البرلمان "وكنت فخورا بكوني مغربي في مجلس العموم. حيث التقيت هناك أيضًا نوابا مغاربة جاءوا لزيارة البرلمان البريطاني".
ولم تتوقف طموحات الحاج عند هذا الحد، حيث تقدم بطلب للتسجيل في "دورة تكوينية في النظرية والممارسة الدبلوماسية وحصل على الدبلوم بعد عام واحد.
وفي يوليوز 2019 ، تقاعد البريطاني المغربي من منصبه في البرلمان وقرر خوض مغامرة مهنية أخرى. ومنذ يناير 2021، وهو يمثل المملكة المتحدة كسفير للسلام العالمي في المنظمة غير الحكومية World Peace Tracts.
ومن خلال هذا المنصب الجديد، يأمل كمال الحاجي أن يكون قادرًا على استخدام خبرته الطويلة ومهاراته الشخصية في تعزيز السلام في جميع أنحاء العالم.