رغم أن كل نبوءاته "العلمية" السابقة حول فيروس كورونا لم تتحقق أو لم تعط أي مفعول، ومنها حديثه عن القضاء على الفيروس بحلول شهر رمضان الماضي، وأن استنشاق بخار القرفة والقرنفل من مرتبن إلى ثلاث يوميا يقضي على 70 إلى 80 في المائة من الفيروس، لا يزال محمد الفايد الباحث السابق في قسم علوم الأغذية والتغذية في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، يتخذ من الجائحة التي حيرت العالم، موضوعا لعدد من أشرطة الفيديو التي ينشرها على صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي.
وقبل ثلاثة أيام اختار مناقشة موضوع "اللقاحات" المضادة للفيروس، وتحدث عنها من منطلق العالم العارف، ووزع الانتقادات يمينا ويسارا، معتبرا أن الوضع الوبائي في الدول الإسلامية جيد، وشكك في جدوى أخذ اللقاح.
وتزامن خروج الفايد الجديد في بث مباشر عبر حسابه على الفايسبوك، مع المجهودات التي تبدلها الدولة لإطلاق أكبر حملة تلقيح في تاريخ البلاد، وسط آمال في عودة الحياة إلى طبيعتها. ويوم أمس حرص الملك شخصيا على أخذ الجرعة الأولى من اللقاح في البلاد أمام عدسات الكاميرا.
ثلثي المغاربة أصابهم الفيروس !
وقدم الفايد في البث المباشر الذي شاهده حوالي 380 ألف شخص (الجمعة 29 يناير 2020 زوالا)، وأعاد نشره أكثر من 32 ألف شخص على حساباتهم، إحصائيات غير موجودة إلا في مخيلته، ولم يسبق لأي جهة رسمية أن ذكرتها.
وتجاوز الفايد الذي اشتهر بتقديمه لبرامج تهتم بالتغذية قبل سنوات، ما تنشره منظمة الصحة العالمية، ووزارات الصحة في الدول الكبرى، وقال إن السلالة الأولى من الفيروس "انقرضت" وأصبحت مجرد "فيروس عادي"، لا يشكل خطرا.
وانطلاقا من عملية حسابية غير مفهومة، قال إن "9 مليون من المغاربة أصيبوا بالفيروس" وتابع أن الأرقام الرسمية تؤكد ذلك.
وحسب ما هو معلوم لدى الجميع فإن الحالات التي تعتبرها وزارة الصحة مستبعدة، هي الحالات التي تأكد عدم إصابتها بالفيروس، إلا أن الفايد يعتبر هذه الحالات حاملة للمرض وقال "أربعة ملايين ونصف مستبعدة، ونصف مليون تماثلوا للشفاء، إضافة إلى الحالات المؤكدة، وهو ما يعني أننا وصلنا تقريبا لـ 9 مليون أكدت الاختبارات أن الفيروس أصابهم".
وواصل تقديم الأرقام التي لا تستند إلى أي دليل، وقال إن "نصف مليون ليس هو العدد الدقيق لحالات الشفاء وإنما 3 مليون من المغاربة تعالجوا من تلقاء أنفسهم".
وبعد دقائق من حديثه عن إصابة 9 ملايين مغربي، عاد ليضخم الرقم وقال إنه و"بحساب الخشيبات، في شهر أكتوبر كان في بلاد مثل المغرب أكثر من ثلثي السكان حاملون للفيروس، لا يمكن ألا يصل الفيروس لجميع الناس".
وتقمص دور الخبير في علم الأوبئة وقال إن وضع البلدان الإسلامية والعربية جيد، مقارنة مع بريطانيا وفرنسا وغيرها"، وأرجع ذلك إلى كونها "تجتهد ولديها طرقها ولأنها تؤمن بالعلاجات الطبيعية، والتقليدية، ولديها رصيد معرفي تعول عليه في حالة الشدة".
تشكيك في اللقاحات
وانتقل الفايد من تقديم إحصائياته الخاصة عن عدد المصابين بالفيروس في المغرب، إلى الحديث عن اللقاحات التي تتسابق دول العالم للحصول عليها، وشكك في جدوى اللقاحات التي تنتجها كبريات المختبرات العالمية، وقال "ليس هناك شخص قادر على الإجابة عن هل يجب التلقيح أم لا".
"ليس هناك أحمق يجيب على هذا السؤال، هذه مسؤوليتك الشخصية عليك تحملها كاملة، (...) تحاول مجموعة من البلدان تضليل الناس، فبدل شرح اللقاح بحد ذاته، يناقشون أن هذا اللقاح أفضل من الآخر".
وقال في الفيديو الذي دام أكثر من ساعة من الزمن "لا يمكن أن نقرر فقط بين ليلة وضحاها ونعلن موعد التلقيح هذا أمر غير مقبول، (...) جميع الباحثين والخبراء الحقيقيين سيخرجون في جميع البلدان وفي المغرب أيضا، لأنها ستظهر بعض الأشياء التي سترغمهم على ذلك".
ووصف الأشخاص الذين يتحدثون عن اللقاح بـ "الجهل" وتابع "هناك من يتكلم على لقاح كورونا كأنه لقاح بوحمرون، هنا ندرك الجهل التام...، ويحاولون مقارنة هذا الحملة من اللقاح كباقي الحملات الأخرى، لأن الحقيقة ستظهر بعد خمس أو عشر سنوات، أنداك ستعلم أنك كنت تقول منكرا، لذلك أنا أحاول التقليل من الحديث عن اللقاح، ولا أتكلم من فراغ، لأنني أعلم كيف تتم الأمور، لأن الفيروس نفسه لازال لغزا".
وقال "من يتكلم عن لقاح كورونا ويعتبره مثل لقاح بوحمرون عليه أن يستحيي، وهناك من يقول إنه عند حقن اللقاح ينتج مضادات، في هذه الحالة لماذا لم ينتج الأشخاص الذين أصيبوا بالفيروس الأجسام المضادة، الأشخاص الذين أصيبوا ليس لديهم أي أجسام مضادة وبالتالي هم نفسهم ليسوا محميين".
أعلم ما لا تعلمون
وحرص على إعطاء قيمة لما يقوله بنسب نفسه إلى الباحثين وقال "نحن كباحثين لا نشكك في اللقاح ولا في التلقيح من الناحية العلمية، لكن يجب أن تكون هناك مصداقية وشفافية ومسؤولية".
"يجبمناقشة مجموعة من الأمور قبل انطلاق عملية التلقيح...، منذ شهر مارس لم يناقش أي شيء، فقط يكشفون عن عدد الحالات والوفيات، ويعلنون فجأة عن عملية التلقيح، لا تتم الأمور هكذا...، هناك من لم يعي خطورة الأمر، نحن قلوبنا يعلم بها الله لأننا نعلم أين تسير الأمور، وسترون في السنوات المقبلة. سنعاني من استعمار علمي حقيقي، سنستعمر علميا، من طرف البلدان المنتجة للقاحات".
وبخوص السلالات المتحورة الجديدة من الفيروس، ادعى الفايد أن سلالات جديدة أخرى ستظهر في مارس، وأبريل وماي ويونيو ويوليوز...
"نصائح" الفايد وجدت صدى كبيرا لدى عدد من متابعيه، الذين يسارعون للدفاع عنه، أمام المنتقدين الذين يطالبون في المقابل بمتابعته لأنه يعرض حياة الأشخاص إلى الخطر.