أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرنوت" التي تعد من بين أكثر الصحف العبرية مبيعاً ان علاقات بلاده بإسرائيل كانت طبيعية حتى قبل اتفاق التطبيع مع الدولة العبرية. وقال بوريطة للصحيفة الإسرائيلية: "من وجهة نظرنا، نحن لا نتحدث عن تطبيع لأن العلاقات كانت أصلاً طبيعية، نحن نتحدث عن استئناف للعلاقات بين البلدين كما كانت سابقاً، لأن العلاقة كانت قائمة دائماً. لم تتوقف أبداً".
وأعلن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب الخميس اعتراف بلاده بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة المتنازع عليها، وعن اتفاق تطبيع للعلاقات بين المغرب وإسرائيل، رحب به أيضاً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
وتظاهر اليوم الأحد (13 ديسمبر) نحو ألف شخص لدعم الموقف المغربي بشأن الصحراء الغربية أمام البرلمان في العاصمة الرباط.
ومنذ السبت اعتمدت الولايات المتحدة "خارطة رسمية جديدة" للمغرب تضم الصحراء الغربية التي تتنازع على سيادتها منذ عقود الرباط وانفصاليو جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
والمغرب الذي أقام علاقات رسمية مع إسرائيل أواخر تسعينات القرن الماضي بعد اتفاق أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين، هو رابع بلد عربي هذا العام يعلن عن اتفاق لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد الإمارات والبحرين والسودان. وكان المغرب قد أغلق مكتب الارتباط في تل أبيب عام 2000 في بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
"للمغرب تاريخ مهم مع الطائفة اليهودية"
وأكد بوريطة في المقابلة "العلاقات بين اسرائيل والمغرب مميزة ولا يمكن مقارنتها بالعلاقة التي تجمع اسرائيل بأي بلد عربي آخر". وأضاف أن "للمغرب تاريخا مهما مع الطائفة اليهودية، تاريخا خاصا في العالم العربي. الملك (...) والملوك السابقون، بينهم الحسن الثاني، كانوا يحترمون اليهود ويحمونهم. العلاقات بين المغرب واليهود كانت علاقات مميزة لا يمكن إيجاد مثيل لها في أي بلد عربي آخر".
وفي حين رحبت الطبقة السياسية والصحافة الاسرائيلية بالاتفاق بين المغرب وإسرائيل الذي ينص على إنشاء خط جوي مباشر بين البلدين، ندد به الفلسطينيون.
ويعتبر الفلسطينيون الإعلانات المتتالية للدول العربية تطبيعها للعلاقات مع إسرائيل، خروجا عن الإجماع العربي الذي كان قد جعل حل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي أساسا لإبرام السلام مع اسرائيل.
وقال الملك محمد السادس إن المغرب سيبقى نصيرا للفلسطينيين، لكن في شوارع غزة الأحد، انتقد الفلسطينيون الملك. وقال مؤمن الحرثاني وهو أحد سكان غزة لوكالة فرانس برس "الشعب المغربي غير راض عما فعلته القيادة المغربية مع الاسرائيليين". وأضاف "التطبيع يؤدي إلى تدمير القضية الفلسطينية".
ودعا محمود الزهار المسؤول في حركة حماس البرلمان المغربي إلى إصدار تشريع "يجرم التطبيع".
من جهته قال سفير إسرائيل السابق لدى الأمم المتحدة داني دانون، إن الفلسطينيين بحاجة إلى "أن يفهموا أن هناك اليوم نموذجا جديدا"، موضحا أن النموذج العربي المتمثل في عدم وجود علاقات مع إسرائيل حتى يتم حل النزاع، قد وضع جانبا. وأضاف "يتمثل النموذج الجديد في إقامة علاقات مع العالم الإسلامي والدول العربية أولا، وبذلك يمكننا التعامل مع الفلسطينيين".
وأشار السفير السابق إلى إمكانية أن تشمل محادثات السلام المستقبلية بين الجانبين، وجود مندوبين من دول عربية أخرى.
وكرر مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين الذي التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في القدس الأحد وجهة نظر بوريطة بأن التطبيع مع المغرب "خاص" نظرا إلى عدد اليهود من أصول مغربية. وأضاف "سيستفيد المغرب من دعم الجالية اليهودية المغربية" لافتا أيضا الى عدد "الإسرائيليين الذين ترتبط أصولهم عبر المغرب".
مناهج مدرسية تراعي الثقافة اليهودية
وأطلق المغرب حتى قبل إعلان تطبيع علاقاته مع إسرائيل إصلاحا وصفه البعض بأنه "تسونامي" ويتمثل في إدراج تاريخ الجالية اليهودية وثقافتها قريبا في المناهج الدراسية في البلاد حيث يشكل الإسلام دين الدولة.
وتفيد وزارة التربية المغربية أن أولى الحصص الدراسية باللغة العربية ستعطى اعتبارا من الفصل الدراسي المقبل في السنة الأخيرة من المرحلة الابتدائية حيث يبلغ عمر التلاميذ حوالي 11 عاما.
وقال الأمين العام للجالية اليهودية في المغرب في اتصال هاتفي اجرته معه وكالة فرانس برس في الدار البيضاء إن إدراج ذلك "والأول في العالم العربي. وهو بمثابة تسونامي".
ويظهر "الرافد اليهودي" للثقافة المغربية في فني العمارة والطبخ والموسيقى وهو بات موجودا في المناهج الجديدة للتربية المدنية في المرحلة الابتدائية ضمن فصل مكرس للسلطان سيد محمد بن عبد الله الملقب بمحمد الثالث (القرن الثامن عشر).
واختار هذا السلطان العلوي مرفأ الصويرة وقلعتها التي بناها مستعمرون برتغاليون لتأسيس المدينة التي شكلت مركزا دبلوماسيا وتجاريا أصبح بدفع منه المدينة الوحيدة في العالم الإسلامي التي تضم غالبية يهودية مع تواجد 37 كنيسا فيها.
وأوضح فؤاد شفيقي مدير البرامج المدرسية في وزارة التربية المغربية "مع أن الوجود اليهودي في المغرب سابق للقرن الثامن عشر إلا أن العناصر التاريخية الوحيدة الموثوق بها تعود لهذه الفترة".
وفي العالم العربي، يبقى المغرب حالة نادرة، إذ أن "هذا البلد لم يمح أبدا الذاكرة اليهودية" على ما تفيد زهور ريحيحيل أمينة المتحف اليهودي المغربي في الدار البيضاء الفريد من نوعه في المنطقة.
عدد اليهود في المغرب الأكبر بين دول شمال أفريقيا
واليهود متواجدون في المغرب منذ العصور القديمة وعددهم في هذا البلد هو الأكبر بين دول شمال إفريقيا. وقد زاد على مر القرون لا سيما مع وصول يهود طردهم الملوك الكاثوليك في إسبانيا اعتبارا من عام 1492.
وبلغ عدد أفراد هذه الجالية نحو 250 ألفا نهاية اربعينات القرن الماضي وشكلوا حينها 10 % من إجمالي السكان. وغادر الكثير من اليهود المغرب بعد قيام دولة إسرائيل في عام 1948 ليتراجع عددهم إلى ثلاثة آلاف.
وإدراج الموروث اليهودي في المنهج التربوي المغربي يدخل في إطار برنامج واسع لإصلاح المناهج الدراسية بوشر عام 2014.
والاصلاح الذي لم يحظ بتعليقات محلية كثيرة، رحبت به جمعيتان يهوديتان مقرهما في الولايات المتحدة هما اتحاد السفرديم الأميركي ومؤتمر الرؤساء.
وبعد ذلك وقع وزير التربية المغربي مع جمعيتين يهوديتين مغربيتين اتفاق شراكة "لتعزيز مفاهيم التسامح والتنوع والتعايش في المؤسسات المدرسية والجامعية".
وفي بادرة رمزية وقع الاتفاق في بيت الذاكرة في الصويرة وهو متحف مكرس للتعايش بين اليهود والمسلمين، بحضور مستشار العاهل المغربي اندري ازولاي وهو يهودي كرس حياته للترويج للتسامح الديني.
ويرى محمد حاتمي استاذ التاريخ المتخصص بهذه المسألة أن إدراج الهوية اليهودية في المنهج الدراسي "سيسمح بإدراك المواطنين الجدد لإرثهم المتنوع".
ينشر بشراكة مع DW