القائمة

أخبار

الصحراء في وثائق المخابرات الأمريكية #7: عندما تخوفت البوليساريو من تخلي الجزائر عنها

مع بداية الثمانينات بدأت جبهة البوليساريو تتخوف من تخلي الجزائر عنها، خصوصا بعدما أيقن النظام الجزائري أنه لا يمكن حسم نزاع الصحراء عسكريا، وبدأ يركز على الحلول الدبلوماسية.

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

في بداية الثمانينات استغل العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني استخدام البوليساريو لأسلحة متطورة في معركة كلتة زمور، وأقنع العديد من الدول بوجود تدخل أجنبي لدعم الانفصاليين ضد الجيش المغربي، وكسب تأييدا دوليا واسعا للموقف المغربي من نزاع الصحراء.

وأشارت وثيقة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية بتاريخ 1 أبريل 1983، رفعت عنها السرية في يوليوز 2011، إلى أنه منذ "أواخر عام 1981، عانت جبهة البوليساريو من انتكاسات كبيرة بسبب استراتيجيتها والتي كانت تهدف إلى إجبار المغرب على التفاوض لتسوية قضية الصحراء الغربية".

وبعد هذه المعركة، بدأت الجزائر تغيير من سياساتها تجاه المغرب، وشرعت في التركيز على الحلول الدبلوماسية بدل الحلول العسكرية، وهو ما جعل جبهة البوليساريو تتخوف من التخلي عنها.

وتؤكد وثيقة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أن "دعم الجزائر يعتبر أمرا حاسما لبقاء البوليساريو، وكان للتغيرات في موقف الجزائر تجاه الصراع تأثير مباشر على استراتيجيات البوليساريو وخياراتها".

واستبعدت الوثيقة أن يكون دعم الجزائر للبوليساريو راجع لمبدأ "دعم الشعوب في تقرير مصيرها" كما تروج لذلك الجزائر، وإنما "للتنافس العميق بين الجزائر والمغرب على الهيمنة على شمال إفريقيا" وهو ما يجعل قاد الجزائر مصممون "على منع ضم الصحراء" إلى المملكة.

وأكدت الوثيقة أن الجزائر "شاركت في الحرب بالوكالة فقط، بينما عززت قواتها على طول حدودها الغربية حتى يتم منع المغرب من المطاردة الساخنة أو الغارات الاستباقية على الأراضي الجزائرية".

وواصلت الوثيقة أن "الجزائر تبدو أكثر استعدادا لمتابعة حل دبلوماسي لنزاع الصحراء، وقد نصحت جبهة البوليساريو بشكل عام في هذا الاتجاه. ومع ذلك، لا يوجد دليل على أن الجزائريين على استعداد لتقديم تنازلات بشأن أي شيء آخر غير المسائل التكتيكية. إنهم يريدون تنفيذ خطة منظمة الوحدة الأفريقية لإجراء استفتاء في الصحراء، والذي يتوقعون تمامًا أن يؤدي إلى تصويت لصالح دولة مستقلة".

"يعتقد الجزائريون أن رجال حرب العصابات لم يعد بإمكانهم إيذاء الجيش المغربي بسبب الدفاع الثابت الناجح للمغاربة وبسبب الهروب من الخدمة والانضباط الفاشل داخل حركة حرب العصابات. وقد أدى تزايد الاتصالات المباشرة بين المسؤولين المغاربة والجزائريين، بما في ذلك اجتماع القمة بين الملك الحسن والرئيس بن جديد في أواخر فبراير، إلى توليد آمال أكبر في الجزائر العاصمة بشأن إمكانية تسريع المفاوضات".

مقتطف من وثيقة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية

تغير في موقف الجزائر

وأوضحت الوثيقة أن "الأمر الأكثر أهمية هو تصور جبهة البوليساريو للتحول في المواقف الجزائرية، التي بدا أنها تظهر نفاد صبر متزايد إزاء الأعمال العدائية التي طال أمدها وحرص أكبر على تسوية النزاع".

وواصلت الوثيقة أنه "بحلول منتصف عام 1981، من الواضح أن جبهة البوليساريو أصبحت تشعر بقلق عميق بشأن حالة علاقاتها مع الجزائر. وأكد أحد كبار مسؤولي البوليساريو أن الجزائر لم تعد تدعم الحرب بأي حماس، وأنها كانت تبحث عن طرق لتخليص نفسها من علاقتها مع المتمردين، وأنها مستعدة للبحث عن حل سياسي بأي ثمن".

وأشارت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلى أن البوليساريو تخشى من "أن هذا التغيير في الموقف يمكن أن يتمظهر في قطع المساعدات العسكرية وفي فرض قيود أكبر على عمليات حرب العصابات".

وجاء تخوف البوليساريو خصوصا بعدما علموا أن "الزعيم الليبي القذافي، وعد الملك الحسن بأنه سيحد من مساعدات الأسلحة لجبهة البوليساريو مقابل تطبيع العلاقات مع الرباط، وتأكيد الحسن (الثاني) بأن المغرب سيوافق على ترشيح القذافي لرئاسة منظمة الوحدة الأفريقية في عام 1982".

وعلى "الرغم من أن الليبيين استأنفوا شحنات الأسلحة بحلول مارس 1982، وربما حتى قبل ذلك، إلا أن التجربة تركت مذاقًا سيئًا لدى المتمردين وقدمت تذكيرًا قاسيًا بالطبيعة التي لا يمكن الاعتماد عليها لهذا الحليف الرئيسي"، في إشارة للقذافي الذي فضل "التقارب مع المغرب بهدف استعادة العلاقات الدبلوماسية وتأمين دعم الملك لقيادة القذافي لمنظمة الوحدة الأفريقية".

وأمام هذا الوضع حاولت الجبهة البحث عن حلول "وبناء على اقتراح من أحد كبار منظريها، قررت البوليساريو محاولة حشد المزيد من الدعم الدولي لقضيتها وإقامة روابط مع أحزاب المعارضة المغربية، وتحديدا الاشتراكيين والشيوعيين".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال