من خلال استقراء النقاشات التي عرفتها سنة 2014 ، لا يختلف اثنان على كون هذه السنة شكلت امتدادا للسنتين الماضيتين من حيث النقاش الدائر بين الفاعلين السياسيين حول طريقة تنزيل دستور 2011 وحول مضامين مشاريع القوانين الهيكلية وطريقة إعدادها ... سنة تميزت بصراع سياسي بين الاغلبية والمعارضة حول العديد من القضايا سواء تلك المتعلقة بالدستور أو التي تكتسي طابعا هيكليا ومنها إصلاح منظومة العدالة و القوانين الانتخابية والتي عرفت خلافات تسببت في بعض الاحيان في ردود فعل اتخذت عدة اشكال تعبيرية من قبل المعارضة. وكانت لحظة انتخاب رئيس مجلس النواب التي جرت وفقا لمقتضيات النظام الداخلي للمجلس محطة مهمة في المشهد السياسي شدت إليها الانتباه خصوصا في ظل وجود مرشحين اثنين واحد من الاغلبية في شخص رشيد الطالبي العلمي الذي فاز بالرئاسة وكريم غلاب عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال وممثل المعارضة .. كما شكل افتتاح الدورة البرلمانية الخريفية في الجمعة الثانية من أكتوبر 2014 محطة مهمة من خلال الخطاب الهام الذي القاه الملك محمد السادس والذي أكد من خلاله بالخصوص على "أن الخطاب السياسي يقتضي الصدق مع المواطن والموضوعية في التحليل والاحترام بين جميع الفاعلين بما يجعل منهم شركاء في خدمة الوطن وليس فرقاء سياسيين تفرق بينهم المصالح الضيقة". المشهد السياسي خلال سنة 2014 لا يُستكمل من دون الحراك الذي تعرفه الاحزاب السياسية التي شرعت من خلال المعارضة في تنسيق المواقف من خلال إصدار مواقف موحدة عبرت عنها في مذكرات مشتركة وهو ما يقابله التحرك الموحد لأحزاب تحالف الاغلبية. وفضلا عن الحراك الداخلي الذي تعرفه بعض الاحزاب نتيجة الصراعات الداخلية فإن المشهد السياسي لم يكن بعيدا عن الصراعات ذات الطابع الاجتماعي خصوصا إصلاح نظام المقاصة وصناديق التقاعد والتي شكلت فرصة للأطراف السياسية لتوجيه انتقادات لبعضها البعض وكذا العمل على تسويق تصوراتها غير بعيد عن الحسابات الانتخابية. ومع قرب انصرام سنة 2014 نزل خبران بوقع الصاعقة يتمثلان في وفاة النائب البرلماني والاعلامي والقيادي الاتحادي أحمد الزايدي ووزير الدولة ونائب الامين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الله بها ،، وجهان سياسيان بارزان غيبهما الموت ليفقد بذلك المشهد السياسي المغربي صوتان من أصوات الاعتدال والحكمة والصدق والاخلاق في العمل السياسي ..