القائمة
تسجيل الدخول عالم المرأة رمضان راديو منتديات أخبار
إركبوا سفينة الشعب..
n
7 March 2011 20:24
.

منذ أن بدأت انتفاضات تونس ثم مصر، بدأ منظرون كثيرون يتحدثون عما أسموه «الاستثناء المغربي». ويبدو أن كلمة الاستثناء أظهرت المغرب وكأنه يعيش في جزيرة معزولة عن محيطه العربي، وأن المغاربة شعب يعيش في بحبوحة.
...المواطن المغربي الذي يتوجه إلى مقر الأمن للحصول على ورقة إدارية أو تجديد بطاقته الوطنية، ويجد نفسه مجبرا على دفع 200 درهم من أجل تسهيل الإجراءات، هذا المواطن يفهم كلمة «الاستثناء المغربي» بوصفها إهانة حقيقية، يعني أنه مواطن لا يملك القدرة على الاحتجاج والغضب مثل غيره.
المرأة الحامل التي تتوجه إلى مستشفى عمومي فيرمونها على أرض باردة وتنتظر لساعات طويلة، أو حتى لأيام من أجل الولادة، هذه مواطنة لا بد أن تكون من الأوائل في كل مظاهرة تخرج في شوارع المدن المغربية للمطالبة بكرامتها كمواطنة وكإنسانة وكأم.
المواطن المظلوم الذي يتوجه إلى العدالة لإنصافه ويجد أن القاضي أخذ رشوة من خصمه وجعل من الظالم مظلوما ومن المظلوم ظالما، هذا المواطن لا يفهم كيف يتحدث منظرو آخر زمن عن الاستثناء المغربي، وكأن القضاء في المغرب «فوطوكوبي» عن القضاء البريطاني أو السويدي.
الشاب الذي يحمل شهادات جامعية تخول له العمل بعز وكرامة، لكنه يجد أن مكانه أخذه شاب جاهل ومتعجرف ينتمي إلى عائلة معروفة وثرية، هذا الشاب لا يملك من نظرية أخرى غير نظرية الخروج إلى الشارع للهتاف بأعلى صوته: هذا منكر.. منكر كبير.
الرجل الذي يسلبونه أرضه بدعوى المصلحة العامة ثم يجد أن فيلا أو مشروعا تجاريا بني فوقها، هذا الرجل من حقه أن يخرج إلى الشارع ليصرخ: هذه سيْبة.. سيْبة كبيرة.
الفتاة المتعلمة التي تطرق الأبواب لكي تشتغل، وكل باب تطرقه تجد خلفه ذئبا بشريا يساومها على العمل مقابل شرفها، هذه الفتاة من حقها أن تلقم حجرا لكل أولئك المنظرين الذين يتحدثون عن الاستثناء المغربي وسط كل هذه الانتفاضات العارمة في العالم العربي.
الرجل المتقاعد الذي يتوصل بألف درهم كل شهر ويقتطع منها 700 درهم أو أكثر لفواتير الكهرباء والماء، هذا الرجل من حقه أن يرفع أكف الضراعة إلى البارئ تعالى ويطلب منه أن يأخذ له حقه من هؤلاء المسؤولين الذين وصلوا حدا لا يصدق في احتقار الفقراء وبسطاء هذا الشعب.
المرأة الأرملة التي تريد أن تبني غرفة متواضعة في سطح منزلها، فيطلب منها القايْد أن تدفع له مقابلا، وإن يكن كيلوغراما من اللحم، مقابل إغماض العين، هذه المرأة من حقها أن ترفع لافتة عملاقة وتخرج إلى الشارع لتتساءل: من يأخذ لي حقي.. من يحميني؟
الشاب الذي كلما خرج للتظاهر يجد هراوة البوليس تلاحقه، من حقه أن يجلس خلف شاشة الحاسوب وينضم إلى شعب الفايسبوك لتنظيم مظاهرات حاشدة، يسخر منها المسؤولون في البداية، لكنها تتحول إلى كابوس لكل هؤلاء الذين يحتقرون أصوات الناس ويتعاملون بتعال مريض مع معاناة شعب لا يريد غير الكرامة.
الذين يقولون إن المغاربة مستثنون من موجة المطالبة بالكرامة، هم في الحقيقية المستثنون من واقع الناس ومعاناتهم.. إنهم لا يعيشون بين الناس ولا يفهمون المعاناة اليومية لملايين البسطاء. الشباب الذي نظم مسيرات 20 فبراير هو شباب المغرب الحقيقي. هذا هو الشباب الذي نريده وليس شباب الإفطار العلني في رمضان أو شباب مساندة الشذوذ الجنسي أو غيرها من الدعوات
المقززة.
الحاكمون يجب أن ينصتوا جيدا لمطالب الناس.. مطالب ملايين المغاربة الذين أبلغوهم يوم الأحد رسالة واضحة ومباشرة: كفى من معاملتنا كقطيع.. كفى من الظلم والرشوة والمحسوبية والزبونية والاحتقار.
هناك اليوم سفينة واحدة يجب أن يركبها الجميع.. سفينة الشعب.
 
انظم ليابلادي على فايسبوك